|
ملحق ثقافي
لم أسأل نفسي إنْ كنتُ سعيداً: (يكفيني أني حيّ)/ قلتُ أهنّئ نفسي. لم أعرفْ إن كنتُ، كما في الأمسِ وما قبلَ الأمسِ، تعيساً و وحيداً. كنتُ أرى –مِن شِقِّ نعاسي- الجبلَ الشفّافَ، ضبابَ الفجر، نباتات الزينة فوق الإفريزِ الحجريّ لشرفةِ منزلنا، “الحسّونَ” المِقْدامَ يغنّي في قفصِ الزُهّادِ الخشبيِّ ولايسألُ إن كان حزيناً ووحيداً. (كم سنةً يتوجّب أن يصحو الإنسانُ من النومِ ليعرفَ كيف يواصلُ، في يقظتهِ، تقطيرَ الأحلامِ الكبرى.. ثم يعودُ إلى النوم ليصحو ثانيةً! كم سنةً تلزمُ كي يعرفَ أنّ الأحلامَ حياةٌ كافيةٌ. كم موتاً يلزمُ!...). • .. ثمّ صحوتُ، وقلتُ أُطمئنُ نفسي: لا تقلقْ! بدءاً من هذا اليومْ / ستكون سعيداً. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. سأكون سعيداً هذا العامْ وسأكتب ذلك بالحبرِ الأحمرِ كي لا أنسى أني سأكونُ سعيداً. سأُعمّرُ بيتاً في الريف. سأضحكُ.سأحبّ امرأتي وأقولُ (أُحبكِ يا امرأتي). وسأرعى ولدَيَّ، ولا أغدو عصبياً حين أجالسُ أصحابي. وسأفعل ما يفعلهُ الطبّاخُ الشاطرُ: أَتَفنّنُ في إعداد الوجبةِ، وأُزيّنُ أطباقَ حياتي بالفلفلِ والسمّاقِ وسائرِ ما يخطرُ في بالِ الزاهدِ من سقطِ الأفكار المألوفةِ... ثمّ أعانقُ نفسي، في غيبة نفسي، وأقولُ لراعيْ أحلامِ الأمراءْ: أبتاهْ! إن كنتَ تحبّ ابنكَ حقاً عَوِّضني عن غِلظةِ شعبكَ بحنان الغيمْ. واجعلْ لي من دَمْعِ الموسيقى نهراً يَقْسمُ دولة أحلامي نِصفينْ. خذْ منّي يأسَ العارفِ، وامنحني فِطنةَ أقدامِ الماعزِ وطلاقةَ ألسِنةِ الطيرِ وجَمّلْني بالعطفْ... |
|