تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


إصلاح الأمم المتحدة... الواقع والتمنيات

شؤون سياسية
الأربعاء 30-9-2009م
حكمت العلي

الدعوة إلى إصلاح العلاقات الدولية واقامة علاقات مبنية على السلام والصداقة، ووقف سباق التسلح ونزع أسلحة الدمار الشامل ووضع حد للتدخل في شؤون الدول الاخرى،

هو أهم ما تمخضت عنه اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.. والسؤال المطروح الآن هل من آلية معينة وإرادة سياسية دولية حقيقية لجعل هذه البنود الاساسية موضع تنفيذ أم أنها ستبقى مجرد دعوات ينتهي ذكرها حال الانتهاء من الاجتماع الأممي!‏

فمما لاشك فيه أن العلاقات الدولية بشكلها الحالي والقائمة على هيمنة القطب الأوحد تعبر عن حالة غير سوية من العلاقات كان أبرز تداعياتها في السنوات الاخيرة «غزو العراق وافغانستان من قبل واشنطن وحلفائها»، والتدخل عسكريا في شؤون الدول الاخرى وبخاصة في منطقة الشرق الاوسط وجلب القتل والدمار والارهاب لشعوبها.‏

وبالنظر إلى كثير من النزاعات الدائرة على مستوى العالم نرى أن الدول الكبرى ولاسيما الولايات المتحدة الاميركية بدءا من عام 1945 تقف وراء العديد من هذه النزاعات لتحقيق مصالحها الخاصة.‏

فتحت شعار مكافحة الارهاب ، جرى غزو الدول لنهب ثرواتها عبر شكل استعماري جديد وقتل آلاف الناس العزل، وتفاقمت أزمات العالم بسبب هيمنة الدول الكبرى وخروجها عن أطر النظام الدولي ومواثيقه وانتهاجها للحرب ولغة القوة كأسلوب للتعامل مع الشعوب الاخرى ضاربة بعرض الحائط مبادئ المساواة والحرية والاعراف الدولية.‏

وفي ضوء سياسة ازدواج المعايير والتي من أبرز أشكالها حاليا قيام الدول الغربية بمحاولة منع الدول الاخرى من الاستفادة السلمية من الطاقة النووية في حين تقوم هي بتخصيص ميزانيات ضخمة لتطوير أسلحتها وترسانتها العسكرية بما فيها النووية وتقديم الدعم الكبير لدول أخرى وللكيان الصهيوني في هذا المجال ومنع الدول العربية أو الاسلامية أو دول العالم الثالث التي لاتسير في الفلك الاميركي ومصالحه من مجرد التقدم العلمي والتطور الحضاري!‏

فهل هذه حالة سوية في العلاقات بين الدول والتي تعتبر متساوية بموجب ميثاق الأمم المتحدة؟!‏

الأمم المتحدة التي تعتبر مظلة للدولة المنضوية تحتها تسيطر عليها الدول الكبرى ولاسيما الولايات المتحدة الاميركية التي تستخدم مجلس الامن كفزاعة لإرهاب الشعوب التي لاتمالئها في السياسة والمصالح وتستخدم قوانين المؤسسات الدولية بشكل يخدم مصالحها وتضرب بهذه المواثيق والاعراف الدولية عرض الحائط عندما لاتعبر عن مصالح واشنطن أو حلفائها وخاصة «اسرائيل» وليس أدل على ذلك من استمرار الحصار الاسرائيلي الجائر على الشعب الفلسطيني في ظل صمت دولي مخيف ومن قبل المنظمة الدولية نفسها التي تكتفي بأحسن الحالات بالدعوات والتنديد والادانة في حين انها لاتغير من واقع القتل والعنف والحصار المفروضين من قبل الاحتلال الصهيوني على شعب أعزل!‏

وما الدعوات الحالية لوقف الاستيطان في الاراضي الفلسطينية والتي من ضمنها التعهد الذي أطلقه الرئيس الأميركي باراك اوباما في كلمته امام الجمعية العامة للامم المتحدة بإحلال السلام في الشرق الأوسط ووقف بناء المستوطنات إلا تغطية لما تقوم به سلطات الاحتلال من إرهاب وحصار وقتل وتدمير و إبادة منظمة بحق شعب كامل..‏

ولعل أبرز ما يواجه الامم المتحدة في المرحلة المقبلة من تحديات بالإضافة لوقف هيمنة الدول الكبرى عليها هو إصلاح هيكليتها وجعلها تعبر تعبيرا حقيقيا عن إرادة الشعوب المنضوية تحتها ضمن علاقات تقوم على العدالة الحقيقية والعلاقات الانسانية لخدمة ازدهار الشعوب والبعد عن الاحادية في هذه العلاقات.‏

فالسلام والاستقرار في العالم لايقومان على احتلال الدول ودعم دول على حساب أخرى بل يحتاج إلى علاقات دولية سليمة تقوم على الاحترام المتبادل والمساواة وإلا فإن النتيجة مزيد من التخبط والتعثر وتعقد الازمات بدل حلها.‏

كما يتطلب الاستقرار إقامة شراكة وثيقة مع الامم المتحدة وعدم تجاهل المنظمة الدولية وإعطائها دورا حقيقيا في حل الصراعات في العالم وتخفيفها بدلا من ان تكون منبرا لزرع الخلاف والشقاق بين الدول.‏

كما أن الدول مدعوة إلى معالجة المشكلات الملحة التي تعاني منها الكرة الارضية وليس مجرد الاكتفاء بالدعوات كخطر التغيرات المناخية والأسلحة النووية والفقر والأزمة المالية ووضع قواعد منظمة للقطاع المالي لتجاوز الاسباب التي أدت إلى الأزمة المالية العالمية وإقامة نظام اقتصادي عالمي جديد وإصلاح صندوق النقد والبنك الدوليين بحيث يصبحان اكثر تمثيلية وديمقراطية للتعامل مع مشكلات معقدة مثل اعادة تشكيل النظام النقدي.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية