تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تشيني لأوباما.. أنا وراءك!!

News Week
ترجمة
الأربعاء 30-9-2009م
ترجمة : ريما الرفاعي

يرفض ديك تشيني الخروج من المسرح.ورغم أنه رجل متقاعد الآن، فهو مصدر إزعاج على شبكات تلفزيون الكيبل. إنه لا يمثل تهديدا سياسيا للرئيس أوباما، إلا إذا وقع حادث إرهابي جديد. ففي هذا الحالة،

فإن تشيني سيطرح نفسه بوصفه المنقذ ذي الرأي السديد وسوف يصعد هجومه الضاري على الرئيس اوباما بأنه ضعيف ولا يقوم بما يلزم لحماية أميركا.‏

واذا تمكن أوباما من تمرير سبع سنوات ونصف من دون وقوع أي هجوم إرهابي، فإنه سيحتاج إلى طريقة أكثر قوة لمواجهة افتراءات نائب الرئيس السابق. لقد باتت الولايات المتحدة تستخدم الطائرات من دون طيار، والتي سيزيد عددها قريبا عن طائرات سلاح الجو لقتل عناصر القاعدة. ولكن حتى لو تمكن أوباما من قتل أسامة بن لادن، فثمة شك بأن يؤدي ذلك الى إخراس تشيني لأن هذا رجل يحاول أن يفعل أكثر من مجرد الفوز بجدل تاريخي ويسمم أي تجمع لهيئة محلفين ممكنة تحاكمه على تركته . إنه يسعى إلى إعادة تعريف الدستور وحكم القانون. وإذا انتصرت وجهة نظره، فإن ذلك سيريح منتهكي حقوق الإنسان في كل مكان وسيساعد في تجنيد الارهابيين وإلحاق الضرر بالسياسة الخارجية الأميركية وعرقلة محاكمة الإرهابيين بمنحه محامي الدفاع المزيد من الأسباب لتبرئة موكليهم.‏

خلال مقابلة تشيني مع شبكة فوكس نيوز قفزت الى ذهني كلمتان . فقد سأله كريس والاس: «حتى في الحالات التي تجاوز فيها محققو « سي آي أيه» التفويض القانوني المحدد لهم، فهل توافق على ذلك؟» رد تشيني: «نعم أوافق». وهذه العبارة التي قالها من دون خجل أو وجل مثيرة للخوف. فما قاله تشيني هو أن بعض الغايات تبرر بعض الوسائل الاجرامية. هذه فكرة غير ديموقراطية ومستبدة بصورة عميقة. لماذا إذاً نجهد في توفير هذا التفويض القانوني المزيف لـما يسمى بأساليب التحقيق المعززة، وهي طريقة للالتفاف على القوانين الأميركية التي تحظر التعذيب، إذا كان بالإمكان تجاهلها من دون أي عواقب ؟‏

وحتى لو أعطى التعذيب بعض النتائج، فإن الأمر لن يكون مبررا. برغم انه من غير الثابت فعلا انه يعطي نتائج . وعلى سبيل المثال فان خالد شيخ محمد، العقل المدبر لهجمات 11 ايلول قدم على ما يبدو بعض المعلومات المفيدة عن تلك المؤامرة بعد استعمال أسلوب الإيهام بالغرق ضده. وبحسب صحيفة واشنطن بوست، فهو كشف عن عدد كبير من الارهابيين . لكن خالد شيخ محمد، مثل أي شخص يتعرض للتعذيب، كذب من أجل وقف الألم الذي كان يتعرض له. ولا شك ان متابعة معلومات مضللة من معتقلين يخضعون للتعذيب تؤدي إلى إضاعة الوقت الثمين كما شهد على ذلك العديد من المحققين. وتتضمن مذكرة وزارة العدل التي تم نزع السرية عنها أخيرا تقريرا للمفتش العام للـ (سي آي أيه) من العام 2004 ينص على أنه لم يثبت أنه تم تجنب أي «تهديد وشيك» محدد بسبب المعلومات التي تم الحصول عليها من أساليب الإيهام بالغرق او غيرها من أساليب التعذيب . ومزاعم تشيني أن التعذيب كان ضروريا ولا بديل عنه لإنقاذ حياة آلاف الاميركيين هي ادعاءات مضللة . ولو كان هناك دليل عليها، لكان من الطبيعي أن يبذل قصارى جهده لنشره.‏

لن أضع تشيني في سلة واحدة مع محترفي التعذيب العالميين، لكنه يقترب منهم. بل إن باول فان زيل من المركز الدولي للعدالة الانتقالية يؤكد أنه أسوأ من بعض الحكام المستبدين المعروفين، وما يميز تشيني عن بينوشيه (تشيلي) او بوثا (جنوب افريقيا) هو أن لا أحد من هؤلاء فكر أبدا في الدفاع عن التعذيب بشكل علني. اما تشيني فهو يؤسس لقاعدة أخلاقية تبرر التعذيب. وهذه خطوة عملاقة إلى الخلف تشكل تراجعا عن مقومات الحضارة الحديثة.‏

طبعا، القادة القساة، لديهم مبرراتهم للتعذيب فيما يخص ما يعتبرونه تهديدات وجودية خاصة بهم. يقول فان زيل الذي ترأس لجنة الحقيقة والمصالحة في جنوب إفريقيا، إنه لو لم يقرر وزير العدل إريك هولدر فتح تحقيق، فإن الرسالة التي كانت ستوجه للعالم هي: التعذيب سيىء، إلا إذا كان الأمر يتعلق بنا.‏

ومع ذلك، فإن لدي بعض التحفظات بشأن فكرة هولدر تعيين محقق خاص، ليس لأن هذه الفكرة تحرف الأنظار عن أجندة أوباما، فهذه مقولة فارغة وغير أخلاقية. بل لأن جون دورام، الذي كلف بالتحقيق، سيكون من الصعب عليه تجنب العثور على بعض أكباش الفداء من محققي (السي آي أيه) الزائدي الحماسة، مثل بعض من مارسوا التعذيب في أبو غريب. أما فيما يخص المسؤولين الأعلى، وعلى الرغم من رغبتي في رؤية تشيني يقاد من منتجع جاكسون هول إلى السجن لحنثه بالقسم، فإن ذلك سيوفر سابقة سيئة. لقد كان جيرالد فورد محقا في عفوه عن ريتشارد نيكسون. ما نحتاج إليه هو كشف كامل عن كل الانتهاكات والاعتراف الرسمي بالأخطاء الفاحشة التي وقعت، وليس مجرد الإدانات التي يمكن الطعن فيها بسهولة على اعتبار انها نوع من أنواع المناوشات القضائية الحزبية. لقد اعلن غروفر نوركويست المحافظ، انه يوافق على قرار هولدر لأن ذلك يعني انه حين يستعيد الجمهوريون سيطرتهم على الحكومة فإنهم سيتمكنون من مقاضاة الديموقراطيين على صفقة التحفيز الاقتصادي التي مرروها..!‏

اما أوباما، فربما يتمنى لو أن القضية تتلاشى كلياً . وقد وعد خلال حملته الانتخابية ان يكون وزير عدله محامي الشعب، وليس محاميه هو . ولذلك، فهو يرى أنه لا خيار أمامه بعد إصدار هولدر قراره. لكنه الحقيقة غير ذلك ولا يزال امام اوباما فرصة كي يتغلب على كراهيته للجان ويبادر الى تعيين لجنة لإصدار تقرير شامل. وإذا أوصت اللجنة بمقاضاة المتورطين، فإن ذلك سيوفر ردا أفضل على تشيني مما يستطيع أن يفعله إريك هولدر.‏

 بقلم : جوناثان التر‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية