تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قراءة في حدث... التــــزام الحريـــة..

آراء
الأربعاء 30-9-2009م
د. اسكندر لوقا

عندما يشعر أحدنا أن الآخرين بحاجة إليه حقاً يتملكه شعور بأنه ليس حراً تماماً، ومسألة الحرية هنا لاتعني نقيض العبودية كشعار متداول في المجتمعات المختلفة فتلك مسألة أخرى تخضع لمعادلات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية.

المسألة هنا، أي على ساحة الشعور العادية تعني بكل بساطة أننا نحتل جزءاً من تفكير الغير وربما من قلبه أو أننا نشكل بصورة ما تياراً ما في وجوده.‏

حاجة الزوجة إلى الزوج وبالعكس حاجة الأولاد إلى أبويهم وبالعكس تفرض مثل هذا الإحساس لدى من هم هدف الحاجة يحسون بالتالي أنهم ليسوا أحراراً أحياناً بل وأحياناً كثيرة إن هم كانوا قادرين على فهم أو استيعاب هذه المعادلة في العلاقات الأسروية.ومثل هذا الشعور عندما ينمو سوياً يبلور نفس الإنسان ويصقله ويكون رائداً له في تعامله مع من هم حوله ، وكلما كانت درجة الصقل عالية كان انتماؤه إلى هؤلاء أكثر صدقاً وحرارة، فالأب الذي يحس أنه ليس حراً في تبديد مرتبه الشهري أو موارده على ملذاته ومسراته عملياً هو يؤكد انتماءه إلى بيته وأفراد أسرته وليست العبودية هنا الوجه الآخر لحالته كذلك الأم التي تحس أنها ليست حرة في أن تستجيب لبكاء وليدها أو لا تستجيب هي ليست رهينة لحالة العبودية، أيضاً إحساس الابن أو الابنة أنهما مدينان لوالديهما وأنهما ليسا حرين تماماً في تجاوز الالتزامات المفروضة عليهما شرعاً أو إنسانياً هو إحساس لاعلاقة له بالعبودية التي يرفضها كائن من كان بغض النظر عن الظروف المحيطة بها أو التي اقتضتها.‏

إن مثل هذا الشعور بالوجه الآخر للحرية قد يتطلب لاستيعابه أو تمثله سلوكاً في حياة الإنسان جرأة لتكون ممارسته في حياتنا الاجتماعية أكثر دقة ورقياً وإيجابية، إلا أن هذه الجرأة لابد من توافرها في النهاية إذا نحن أردنا أن نكون أوفياء لقيم البنوة والأبوة وأيضاً إذا نحن أردنا أن نكون أوفياء لقيم المواطنة سواء كنا وراء طاولاتنا أم آلاتنا في المعامل والمصانع أو أينما كنا في مواقع العمل.‏

عندما لانكون أحراراً في تمزيق مثل هذه القيم عملياً نجسد الحرية بأرقى أشكالها ومستوياتها في عقولنا وقلوبنا وبذلك فقط نحقق حريتنا الشخصية والاجتماعية في أي من مجالات العطاء وحينما نكون في ضوء هذه المعادلة تتنامى لدى المواطن مشاعر الالتزام دفاعاً عن الحق والعدالة كما عن الحرية، حتى إذا كانت هذه الحرية تقيدها القيم لأن القيم تبقى هي الأغلى في وجود الإنسان‏

dr,louka@moktoob.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية