|
آراء وثباتها على نهجها في مواجهة الغطرسة الإسرائيلية والمطالبة بانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية التي احتلت عام 1967 ورفضها تهويد القدس، واستمرار تأكيدها أهمية التضامن العربي والإسلامي في مواجهة الخطر الإسرائيلي. إن سورية لم تقرأ المتغيرات السياسية التي حدثت بعد سقوط المنظومة الاشتراكية، وظهور الولايات المتحدة قطباً أوحد تقودها إدارة متشددة تتقاطع مصالحها مع مصالح العدو الصهيوني وإن رفض سورية الانحناء والانصياع لهذه المتغيرات سيضعها في فم العاصفة التي تهدف إلى رسم خارطة الشرق الأوسط تحت عنوان خطير يفكك الجغرافيا والثقافة والعقائد هو «الشرق الأوسط الكبير» تكون فيه إسرائيل محوره ونقطة ارتكازه. نسأل اليوم: لو أعاد هؤلاء قراءتهم للسياسة السورية، التي نجحت في تجاوز كل الصعوبات والتحديات والتهديدات والحصار الاقتصادي والتكنولوجي، وكل وسائل الضغط المتعددة التي مورست على سورية إقليمياً ودولياً هل سيغيرون وجهة نظرهم؟. بالتأكيد سيعترفون على الأقل في دواخلهم أن السياسة السورية بقيادة الرئيس بشار الأسد نجحت، وأن قراءتها المتغيرات السياسية الإقليمية والدولية كانت بفهم ووعي تاريخيين ونضاليين، ما جعلها تتجاوز مرحلة قراءة المتغيرات إلى صنعها وفق مصالحها الوطنية والقومية، فقائد السياسة السورية الرئيس بشار الأسد أدار دفة السياسة السورية بعقل القائد المتمسك بالمبادىء الوطنية والقومية المستند إلى خصوصية شعب أبي، وإلى حقائق التاريخ التي تؤكد أن الانتصار في النهاية للشعوب المتمسكة بثوابتها وقضاياها ومصالحها مهما بلغت الصعاب، وتطلبت التضحيات. السياسة السورية نجحت في إدارة كفة الصراع في الشرق الأوسط، أربكت المحتل الأميركي في العراق، فتحول إلى وجود مهزوم، وهذا الإرباك أجهض أحلام هذه الإدارة، وكان سبباً في هزيمة حزب المحافظين انتخابياً داخل الولايات المتحدة، وجعل العالم كله يتضجر من سياسات إدارة بوش، ويرحب بقدوم إدارة جديدة، لعل المناخ العالمي يعود إلى هدوئه بعد العواصف التي أثارتها سياسات بوش المجنونة المتصهينة. نجحت السياسة السورية في إعادة مشروع المقاومة إلى الواجهة العربية، بعد أن ظن كثيرون أن عهد المقاومة انتهى، وأن العرب غير قادرين على مواجهة إسرائيل وأن عليها الانضواء في مشروع الاستسلام الذي كانت تحضنه أمريكا. المقاومة الفلسطينية التي وعد شارون بإنهائها خلال أشهر قليلة في عام 2000 ازدادت قوة، كما يقول عنها الكاتب الإسرائيلي الصهيوني «داني بركو فتش» أحد كبار الخبراء الاستراتيجيين في إسرائيل، إنها باتت كالهيدرا المتعددة الرؤوس، كلما قطع لها رأس نبت رأسان اثنان مكانه، هذه المقاومة نجحت في الاستمرار والتمسك بالأرض، وإجبار المحتل الإسرائيلي على الانسحاب من غزة، والانتصار خلال العدوان على غزة في نهاية عام 2008 بداية 2009. السياسة السورية من خلال دعمها تمكنت المقاومة اللبنانية من الانتصار في تموز 2006 وهذا الانتصار نقل معادلة الرعب والخوف إلى الجانب الإسرائيلي. بالرغم من محاولة إسرائيل وأميركا و أنظمة إقليمية ودولية جعل لبنان بعد اغتيال الرئيس الحريري الخاصرة الموجعة لسورية ومحاولتها إحياء اتفاق 17 أيار جديد بين لبنان وإسرائيل إلا أن سورية نجحت في مواجهة التصدي لكل هذه المحاولات، ونجحت في قلب المجن على رؤوس القوى التي تعاملت مع المشروع الأميركي الصهيوني، واحتفظ لبنان بعروبته. نجحت السياسة السورية في خلق علاقات استراتيجية مع إيران على قاعدة مواجهة المشاريع الأميركية الصهيونية في المنطقة، ومواجهة الإرهاب الصهيوني في فلسطين ومحاولات إسرائيل تهويد القدس والبقاء في الأراضي العربية المحتلة، وقد حاولت الإدارة الأميركية مواجهة هذا التحالف بخلق حلف بين مايسمى بدول الاعتدال وإسرائيل بذريعة مقاومة الخطر الإيراني النووي والمذهبي، في وقت تقتل فيه إسرائيل الفلسطينيين وتحاصر أهل غزة لتصفيتهم جوعاً وعطشاً. ومن النجاحات المهمة جداً للسياسة السورية بقيادة الرئيس بشار الأسد كان على صعيد بناء علاقات ثقة وتعاون وتفاعل على الأصعدة كافة مع الجارة والشقيقة تركيا عكست وضعها الإيجابي على العلاقات العربية التركية والوضع الفلسطيني، بعد علاقات العداء والخصومة والافتراق، تلك العلاقات وضعت تركيا الشقيقة المسلمة في الصف المواجه بشجاعة للإرهاب الصهيوني بدلاً من الدعم لهذا الإرهاب بحكم العلاقات المتأزمة بين العرب وتركيا، في هذه التربة الخصبة وفي هذه البيئة الصحية تكونت الثقة بين المسؤولين في الدولتين. الرئيس الأسد استند في نظرته لتنشيط وبناء العلاقات مع تركيا على التاريخ والجغرافيا والروابط المشتركة لتعود إلى وضعها الطبيعي كما كان الحال مع إيران، حيث كانت متوترة في زمن الشاه، فعلاقات الجغرافيا والتاريخ والروابط هي التي اعتمدتها السياسة السورية وهي التي تنتصر. دمشق تحولت إلى ملتقى، يأتيها القادة والسياسيون من كل أنحاء العالم، وقد أكدت أن سياستها التي تقوم على الحق وعدم الاستسلام أوالمساومة هي السياسة الناجحة التي تصنع الأحداث وتؤثر فيها، وتجعلها موضع احترام، وهي السياسة التي جعلتها في الماضي وتجعلها اليوم دولة محورية من الصعب على أحد تجاوزها، أو تخطي إرادتها وقرارها. |
|