تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تنسحب اليوم وتعود غداً!

قضايا الثورة
الأربعاء 28/9/2005م
أحمد حمادة

تقوم استراتيجية التوسع الإسرائيلية على تبني نظرية الانسحاب من هذه المدينة لاحتلال تلك, وإذا حصل تعديل ما في هذه النظرية فهو دائماً إلى الأسوأ, أي الانسحاب من هذا المكان اليوم والعودة إليه غداً.

فالعدوان واسع النطاق الذي تشنه إسرائيل على قطاع غزة يعيد إلى الأذهان سياسات الكيان الإسرائيلي التوسعية منذ قيامه وحتى يومنا الراهن, والتي تقوم على الاستراتيجية المذكورة من أجل استمرار احتلالها للأراضي العربية.‏

ورغم أن انسحابها من القطاع المحتل لم يمضِ عليه سوى أيام معدودات فإن إسرائيل عادت بآلة دمارها وحربها إلى الاعتداء على مدنه وقراه ومخيماته, فاستباحت الأجواء ومارست سياسة الحصار الجائر وارتكبت مجزرة جباليا التي أودت بحياة خمسة عشر فلسطينياً التي ترافقت أيضاً مع تهيئة المناخات للعودة إلى سياسة الاغتيال وتصفية رموز المقاومة الوطنية الفلسطينية.‏

وتحاول حكومة شارون أن توهم الرأي العام العالمي بأنها تعود إلى حصار الأراضي التي انسحبت منها وقصفها بالطائرات بسبب استمرار ما تسميه الإرهاب الفلسطيني المزعوم, وهي مجرد ذريعة كاذبة تسوقها أبواقها الدعائية لاستمرار احتلال الأراضي الفلسطينية والمضي قدماً في وضع العراقيل أمام قيام الدولة الفلسطينية المستقلة.‏

وهذا الأمر ليس غريباً على طبيعة إسرائيل وعلى تركيبتها العنصرية فمنذ قيام كيانها وحتى الآن تستمر في عدوانها المتواصل على الشعب الفلسطيني وتضيّق الخناق عليه وتعتدي على مقدساته وتهدم بيوته وتجرف أراضيه الزراعية في الوقت الذي تواصل فيه سياسة الخداع والتضليل والتعمية للتغطية على جرائمها الوحشية.‏

وإذا حاولنا قراءة الأسباب التي تجعل حكومة شارون تصر على سياساتها العدوانية التوسعية هذه, فسنجد أنها تعبير عن المأزق الكبير الذي تعيشه هذه الحكومة المتطرفة خصوصاً والأزمة التي يواجهها الكيان الإسرائيلي على وجه العموم.‏

فقد فشلت إسرائيل وحكومتها المتطرفة حتى الآن في القضاء على إرادة الشعب الفلسطيني وانتفاضته الباسلة رغم كل أعمال البطش والإرهاب والاغتيال ونسف المنازل وطرد المقاومين واعتقالهم وبناء جدار الفصل العنصري وتسمين المستوطنات, والتشجيع على قتل الفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم.‏

وبموازاة ذلك فشلت أيضاً في تحقيق الأمن الإسرائيلي المزعوم أو حماية المستوطنين وعجزت عن فعل أي شيء أمام من يضحي بنفسه وروحه من أجل وطنه وكرامته وأهله فحاولت الخروج من أزمتها المركبة تلك بمواصلة العدوان على الشعب الفلسطيني بكل الوسائل والطرق التي تملكها.‏

باختصار إن العدوان على غزة مجدداً ومحاولة العودة إلى سياسة الاغتيالات وتصفية نشطاء المقاومة والعزف على نغمة الإرهاب الفلسطيني المزعوم وخلق الفتنة بين أبناء الشعب الفلسطيني وجره إلى حرب داخلية, ما هي إلا محاولة يائسة للهروب من المأزق الداخلي الإسرائيلي وتصدير الأزمة إلى غير مكانها من خلال القيام باستعراضات زائفة للقوة العسكرية التي تتوهم إسرائيل أنها قادرة على الاستمرار باحتلال الأراضي العربية من ahmadh@ureach.com‏

">خلالها.‏

ahmadh@ureach.com‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية