|
ثقافة اسلوبه التبسيطي وطريقة تعامله مع حالات الايجاز والاختصار في خطوات التعبير عن مشاعر القلق والهلع والاضطراب القادم من معايشة حدة تناقضات الواقع او من وقع تأثيراته العنيفة. والمعرض ينطلق من موقف السخرية من بعض المظاهر الاجتماعية والسياسية والاقتصادية..وبالتالي فهو يعكس ملامح اوجاع الناس في محيط يعيش على اللامعقول ليصل في النهاية الى حالات التعبير عن الاحاسيس المصطنعة في المدن الاستهلاكية التي تدفن الاحلام في متاهات الابنية الشاهقة, مثلما دفنت الاشجار وحدائق الزهور والعشب الاخضر والبساطة السائدة في المجتمع الريفي الملون باحلام الطبيعة النابضة بالحيوية والخيال واللون المتوهج في الهواء الطلق. فاللوحة الكاريكاتورية التي يرسمها دروست في تنويعاتها المختلفة ما هي الا صدى لمرايا الازمة المعاصرة. انها المدخل لتجليات التعبير عن القلق اليومي, وهي تدرج في جوهرها في سياق الازمة العامة للانسان المعاصر ومن اجل ذلك قدم معرضه تحت عنوان (الانسان اولا) ,حيث نفذ الى جانب عمله في مجالات الرسم والنحت والتصميم, مجموعة رسومات كاريكاتورية تعكس تداعيات الدمار الداخلي الذي يروي لحظات الموت في متاهات الابنية المدمرة والمهدمة والمنهارة بزلازل الحروب المعاصرة. ففي معرض دروست نتوقف طويلاًًً امام مأساة الانسان المعاصر بتناقضاته وباستعادته لتراث حروب داحس والغبراء التي نعيش فصولها اليومية في الازمنة الراهنة. هكذا تظهر الدلالات التعبيرية والرمزية كحلقات متتالية ومعبرة عن الاحاسيس الباحثة عن فسحة طمأنينة وخلاص من القلق اليومي المشرع على كل الاحتمالات. انها المدخل لتجليات التعبير عن تداعيات الاحلام الحديثة المتكسرة في خطوات تدمير القدرات الحياتية للانسان المعاصر. من الناحية الفنية يجسد دروست ايقاعات وتنويعات الوجوه والاشكال الانسانية باعادة الخطوط الى حالاتها الوجدانية فالخط عنده مرن, قلق ,معبر, ويبرز في بعض الاحيان ايحاءات التقشف والاختصار الشديد, حيث يغيب الشكل الانساني وتبقى حركة الخط الدالة عليه. فهو يرسم بعفوية من خلال الاعتماد على الخط الاسود وتحريكه في مساحة الورقة البيضاء في خطوات الوصول الى مناخ تعبيري ساخر محوره الرئيسي الانسان وتقاطيع الوجه وحركة الجسد الحامل قساوة الايام الراهنة. فالمعرض يتبلور في حدود الاختبارات الخطية المتجهة نحو التبسيط والمستند على رسوم سريعة منفذة بالأسود والابيض, انه يشكل خطوة للانتقال من ايقاع الى اخر. |
|