|
بيئة
إنه خطر التصحر الذي بات يحيط بنا من كل حدب وصوب وهذا الخطر الداهم وصل إلى الساحل عندما انجرفت التربة لمسافات ليست قليلة لتظهر على الشاطىء الصخور وتتراجع الحياة البحرية.. إنه التصحر الذي أصاب أراضي الجزيرة نتيجة تملح أراضيها بعدما خسرنا مليارات الليرات في زمن البحبوحة على استصلاحها.. إنه التصحر الذي أصاب أنهرنا الداخلية والدولية من الفرات إلى العاصي إلى بردى حيث التلوث الذي يقتل الحياة في الأنهار والتربة التي ترويها مياهها.. إنه التصحر الذي قضى على أكثر من نصف غوطة دمشق بعدما جفت فروع بردى وتلوثت بمواد خطيرة.. وباستثناءات قليلة تشمل أراضي الجزيرة في الشمال وأراضي سهول حوران في الجنوب, فإن معظم الأراضي أصابها التدهور إما بسبب الطبيعة وتراجع حالة المناخ وإما بسبب سلوك الإنسان وهذا هو الأخطر.. جهود ولكن وبالعودة إلى مفهوم التصحر نجد أنه تدهور أو تردي الأراضي ويعني انخفاض أو فقد الإنتاجية الحيوية أو الاقتصادية في المناطق المتأثرة به وتعقيد العمليات الزراعية في الأراضي البعلية والمروية وكذلك في مراتع الماشية و المراعي والغابات والحراج نتيجة سوء استعمال الأراضي أو نتيجة جملة عمليات ضارة بالبيئة بما في ذلك العمليات الناجمة عن الأنشطة البشرية. وبالرغم من أن التصحر وفق هذا المفهوم لم يعرف في سورية إلا منذ أمد قريب إلا أن العديد من الوزارات والمؤسسات تعمل بصورة مباشرة أو غير مباشرة على مكافحته وتخفيف آثار الجفاف. وازداد اهتمام الدولة بعد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بمكافحة التصحر الذي عقد في نيروبي عام ,1977 واستمرت الأنشطة في مجال مكافحة التصحر لتشمل استحداث العديد من الأجهزة ذات الصلة الوطيدة بمجالات مكافحة التصحر وتخفيف آثار الجفاف. وتقوم وزارات الزراعة والري بتنفيذ العديد من المشروعات التي لها صلة مباشرة بصيانة الموارد الطبيعية وخاصة التربة والغطاء النباتي والمياه وإقامة المحميات والاستزراع الرعوي وتأمين المياه لقاطني البادية وقطعانهم واستصلاح الأراضي لغرض التشجير الحراجي بالإضافة إلى أن اللجنة العليا للتشجير قامت بتشجيع وتنشيط التشجير بنوعيه المثمر والحراجي وزيادة إنتاج الغراس ووضع خطة شاملة لتشجير جميع الأراضي الصالحة في القطر, ووجهت اللجنة الكثير من جهودها واهتماماتها لحماية الغابات الطبيعية, ورغم أهمية هذه الجهود وغيرها من الأنشطة إلا أنها لا تكفي نظراً لخطورة هذه الظاهرة طالما مسبباتها لا تزال قائمة بل وتزيد أحياناً كثيرة في سنوات الجفاف لتشمل أغلب الأراضي دون أن ننسى واقعنا المناخي في ظروف قاحلة وشبه جافة مع ازدياد نقص المياه العذبة منها.. الخطة الوطنية ورغم أهمية المشاريع القائمة حالياً في مجال مكافحة التصحر إلا أن الأهم ومن زاوية التنمية المستدامة تنفيذ الخطة الوطنية لمكافحة التصحر في سورية التي ناقشها المنتدى الوطني الأول المنعقد بدمشق في شهر آب,2001 وبعد إنجازها صادق المجلس الأعلى لحماية البيئة عليها بتاريخ 13/5/,2002 وتم بعدها وفي عام 2003 تحويل المشاريع إلى برامج عمل وذلك لعرضها على الجهات المانحة دولياً, وفي مطلع العام وافقت اللجنة الاقتصادية على تمويل مشاريع الخطة لتعرض عبر هيئة تخطيط الدولة على الجهات المانحة... ولكن السؤال متى سيبدأ التنفيذ بعد مرور هذه الأعوام طالما أصبحت دراساتها جاهزة علمياً ومستوفية جميع الشروط والجهات المانحة الدولية أبدت استعدادها لتمويلها.. المشاريع المنتظرة ونذكر الجهات المعنية لا سيما هيئة تخطيط الدولية بمشاريع الخطة الوطنية للتصحر لتكون ضمن سلم أولوياتها وفيها اقتراح 12 مشروعاً من المشاريع ذات الأولوية وبخاصة في المناطق الساخنة التي تتطلب التدخل السريع لتحديد أبعاد المشكلة, وإيجاد الحلول المناسبة بهدف مكافحة التصحر وتخفيف آثار الجفاف في مختلف المناطق السورية. 1- مشروع التنمية المتكاملة لبادية ريف دمشق: وذلك استكمالاً لتحقيق أهداف تنمية البادية السورية التي نظمها مشروع التنمية المتكاملة للبادية الجاري تنفيذه لتغطية مساحة (3 ملايين هكتار) تم اقتراح توسيع المشروع ليشمل باديةريف دمشق والتي تقدر مساحتها بحوالى (1.3 مليون هكتار) لتحقيق نفس الأغراض التي يهدف إليها المشروع المذكور أعلاه وإيجاد الميزانية المناسبة لهذا الغرض. 2- مشروع دراسة تلوث الأراضي والمياه في غوطة دمشق بجزأيها الشرقي والغربي والمقارنة بينهما, ومدة المشروع: خمس سنوات 3- مشروع تحسين إنتاجية الأراضي المروية المستصلحة في سورية ( وادي الفرات) 4- مشروع مكافحة الانجراف الريحي في البادية السورية (حوض الدو). 5- مشروع مكافحة الانجراف المائي في المنطقة الساحلية. 6- مشروع مكافحة تردي الأراضي الجبسية وإدارتها في المناطق المروية. 7- مشروع تنمية وتحسين استثمار الموارد العلفية. 8- مشروع استخدام بدائل الطاقة في تنمية البادية السورية: ويهدف للاستفادة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في إقامة مشاريع تنموية تسهم في زيادة الموارد الاقتصادية وتحسين المستوى المعيشي للسكان عن طريق خلق فرص بديلة أو إضافية تكسب العيش. 9- مشروع الواحات الريفية والأحزمة الحراجية: وهو مشروع بيئي اجتماعي يهدف إلى تحسين وزيادة الرقعة المشجرة من خلال نشاط شعبي ورسمي مشترك على مستوى القرية أو التجمعات السكنية المحدودة. 10- مشروع تعزيز دور المشاركة الشعبية في التنمية المتكاملة لمكافحة التصحر: ويهدف إلى توفير موارد إضافية للدخل عن طريق تحسين نظم الإنتاج والإدارة وتفعيل دور السكان ومشاركتهم في الإدارة المستدامة للموارد. 11- مشروع شق طرق ترابية في البادية للتخفيف من السير العشوائي: حيث يتم تنقل الآليات الزراعية والمركبات عموماً في البادية بصورة عشوائية نظراً لانخفاض كثافة الطرقات المعبدة, وبالتالي أصبحت مسارات هذه الآليات تشكل شبكة كثيفة من الطرقات ساهمت إلى حد بعيد في إتلاف الشجيرات الرعوية وتفتيت التربة وتركها عرضة للانجراف الريحي, علماً أن مسالك هذه الطرقات قد تتغير بين فترة وأخرى ما يزيد من مساحة الأراضي المعرضة لهذا الخطر, ويعتبر السير العشوائي واحداً من أهم العوامل المساعدة على الانجراف الريحي في البادية. 12- تقييم أراضي منطقتي الاستقرار الأولى والثانية المروية في المنطقة الجنوبية من سورية ( القنيطرة- درعا- السويداء) ووضع خارطة خصوبة لها. ماذا ننتظر? وأخيراً.. نشير إلى أن الدراسات المتاحة تؤكد أن تدهور الأراضي وترديها ( التصحر) بات يهدد مساحات كبيرة من الأراضي السورية تقدر بحوالى 109 آلاف كم2 تعادل حوالى 59% من مساحة القطر. ولئن كان التصحر في الوقت الراهن يعتبر من أهم العوائق أمام التوسع في الإنتاج الزراعي أفقياً وشاقولياً حيث تتدهور الأراضي الزراعية والمراعي والغابات بسرعة مخيفة.. فإن ذلك بالنتيجة سيؤدي مستقبلاً إلى انخفاض الاكتفاء الذاتي من السلع الزراعية وزيادة الاعتماد على الإمدادات الخارجية. وإذا لم تتخذ الإجراءات الضرورية والفورية لمعالجة هذا الوضع, فقد تفقد الأراضي الزراعية أكثر من 25% من قدرتها الإنتاجية خلال عقدين من الزمن. |
|