|
مجلة تايم الأميركية الذي ترك عمله في مجمع الطاقة النووية الإسرائيلية عام 1986 وفي جعبته الكثير من الصور والوثائق التي تؤكد بأن إسرائيل تمتلك السلاح النووي. ثمة تشابه فيما أقدم عليه كل من سنودن وفعنونو من حيث مغادرة كل منهما وطنه قبل أن يدلي بأي تصريح أو يتقدم للصحف بمعلومات ووثائق، إلا أن فعنونو لم يظهر على شاشات التلفزة كما ظهر سنودن، لكنه اتفق مع صحيفة الصنداي تايمز على طبع المعلومات التي يزمع نشرها والتي تكشف عن أسرار الترسانة النووية الإسرائيلية إلا أن المخابرات الإسرائيلية سارعت لاستدراجه إلى شقة في روما حيث كان بانتظاره عملاء للموساد الذين تمكنوا من السيطرة عليه بحقنه بمادة أفضت إلى شل حركته مما مكنهم من نقله إلى الشاطئ بسيارة مغلقة تابعة للسفارة بهدف الإيحاء بأن ثمة حالة إسعافية تتطلب الإسراع في النقل، وهناك كان زورق بخاري سريع بانتظاره ومن ثم تم نقله إلى سفينة بحرية إسرئيلية تشابه السفن التجارية كانت راسية في المياه الإقليمية وبعد إعلان وصوله إلى إسرائيل، دخل السجن مدة 18 عاما. كثرت الهمسات والأقاويل في إسرائيل عن فعنونو أميركا الذي ينتقل من دولة إلى أخرى دون أن تفلح الحكومة الأميركية الغاضبة في اعتقاله الأمر الذي أوقع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بالحرج أمام حليفتها القوية وقد علق على ذلك مسؤول استخباراتي اسرائيلي عندما صرح لجريدة تايم بأن «مثل تلك الأمور ممكن أن تحدث في أي مكان» واستطرد القول «لقد حصل معهم مثل ما حصل معنا». لقد مرت إسرائيل بأحداث مماثلة جرت أثناء الكشف عن موضوع فعنونو حيث عمد ضابط في الموساد يدعى فيكتور اوستروفسكي إلى ترك وكالة التجسس وتأليف كتاب بعنوان «باسلوب مخادع: صناعة وعزل ضابط موساد» حيث يتحدث الكتاب عن أعمال مقيتة تجريها الإدارة الإسرائيلية مثل العمل على تهريب الهيروين بهدف الحصول على الأموال وقد أثارت تلك المعلومات الكثير من القلق والمخاوف لدى الحكومة الإسرائيلية الامر الذي دعا بها إلى اتخاذ خطوة غير عادية سعيا منها لاستصدار حكم بمنع نشر هذا الكتاب في الولايات المتحدة وقد أفلحت مساعيها في تحقيق ذلك في غضون 48 ساعة، لكن القضاء في منهاتن نقض الحكم عند عرض الأمر أمام محكمة الاستئناف مما جعل من هذا الكتاب وما ورد به من معلومات موضع جذب للقراء وجعل جريدة نيويورك تايمز تضعه على قائمة الكتب الأكثر مبيعا. يقول أحد المسؤولين الاستخباراتيين الإسرائيليين ممن تحدثوا إلى مجلة تايم واشترطوا عدم ذكر اسمهم حول قضية سنودن «ليس ثمة نظام لديه حماية بنسبة 100%» مضيفا بأن «الأشخاص المهنيين يرون بأن ما قام به سنودن ليس بالأمرالمثير للدهشة». تفخر إسرائيل بمؤسساتها الاستخباراتية التي تتمتع ببراعة كبيرة قلما تتوفر بدولة صغيرة بحيث تجعلها تتصرف بشكل يضاهي الدول الكبرى، ومع ذلك فإن الاستخبارات الإسرائيلية تواجه ذات المخاطر التي تواجهها الاستخبارات في الكثير من الدول الأخرى، لأن الديموقراطية وحرية الصحافة تتسبب بالإحراج لتلك المؤسسات عبر ما يتم نشره في وسائل الإعلام. لدى الدولة اليهودية نموذجا أخر عن برادلي مانينغ (ذلك الجندي في الجيش الأميركي الذي يمثل حاليا أمام القضاء نتيجة قيامه بتحميل مئات الألاف من الوثائق السرية وتمريرها إلى ويكيليكس في عام 2010 ) إذ قبل عامين عمد عنات كام ذلك الجندي في جيش الدفاع الإسرائيلي إلى تحميل 2000 وثيقة من جهاز الكومبيوتر في قيادة الجبهة الداخلية وارسالها إلى مراسل صحيفة هارتس الإسرئيلية يوري بلاو حيث ثبت منها بأن المحكمة العليا تجاهلت ممارسات القادة الإسرائيليين من حيث قيامهم بقتل مسلحين فلسطينيين تم اعتقالهم بطرق سلمية الأمر الذي يحظره القانون. وقد حكم على كام بالسجن أربع سنوات ونصف بتهمة التجسس كما واضطر الجيش الإسرائيلي إلى تغيير كومبيوتراته بحيث لم يعد يتسنى إدخال أي أقراص أو قطع الكترونية. كما وأصدر القضاء أحكاما بحق المراسل بلاو. وفي هذا العام طفت على السطح قضية السجين «أكس» التي بدأت بنشر خبر مفاده أن «عميلا للموساد قد شنق نفسه في زنزانة الاعتقال المخصصة له» وعند الكشف عن اسمه تبين بانه يدعى بن زيغر ذلك «المقاتل» الاسترالي المولد والذي تبين من التحقيق الذي قامت به المخابرات الإسرائيلية بان ما فعله من تسريب لأسرار الدولة كان بهدف الحصول على المال وأكدت تلك المقولة الاستخبارات في حكومة كانبيرا التي سبق لها وأن قامت باستجوابه بعد أن تبين لها امتلاكه للعديد من جوازات السفر. كما وأخبر المسؤولون في الاستخبارات الغربية مجلة تايم بأن قضية زيغر قد جعلت الإسرائيليين يتروون في الإقدام على أي عملية قبل التقصي عن واقع عملائهم، وإضافة إلى ذلك أجرى الكنيست تحقيقاً في قضية زيغر دلت نتائجها على الفشل الذريع للاستخبارات في التعامل معه الأمر الذي جعله يقدم على الانتحار وهو في عمر لم يتجاوز به 34 عاما. إن قضية العميل اكس وغيره زعزعت العلاقة مع الكثير من العاملين بوكالة الاستخبارت الاسرائيلية من حيث منحهم الثقة المطلقة أو التشكيك بتصرفاتهم، لذلك نجد بأن المسؤولين الذين تحدثوا إلى مجلة تايم قد أكدوا على ضرورة التروي قبل اختيار العاملين في أجهزة الاستخبارات وضرورة مراقبتهم عند وجودهم في الخارج. وقد قال المسؤولون بأن القلق لم ينتابهم إزاء المعلومات التي كشفها سنودن مثل برنامج بريزم الذي يضم الكثير من المعلومات والبيانات. لقد كان سنودن موظفا إداريا وعمل على كمبيوترات وكالة الأمن القومي أكثر من أي شخص آخر ويعتقد الإسرائيليون بأنه يحمل في جعبته الكثير من المعلومات. بيد أن السؤال الأكثر أهمية هو ما هي المعلومات التي يعرفها والتي ينتظر الوقت المناسب للإفصاح عنها؟ بقلم: كارل فيك وأرون كلين |
|