|
عن موقع : Voltairenet في ظل استغراب شديد من بقية المشاركين . تبادلوا خلال هذا المؤتمر وجهات النظر حول توازن العالم بشكل عام وحول سورية بشكل خاص . وتحدثوا عن الاقتصاد من أجل رفع السرية المتعلقة بمجالس إدارة الشركات الأجنبية . « هل ما زال ثمة فائدة من قمة الثماني ؟ « طُرح هذا السؤال , عندما كان يسعى كل من نيكولا ساركوزي وجورج بوش جمع رؤساء دول وحكومات عشرين دولة من أصل تسع وعشرين تعتبر الأقوى في العالم من أجل إيجاد حل للأزمة المالية . ومجموعة دول الثماني هي قمة سنوية يعقدها زعماء دول وحكومات ثماني دول , ويحضرها ممثلان عن الاتحاد الأوروبي , ليزيد عددها إلى العشرة . ويخصص جزء من النقاش فيها حول جدول الأعمال المقرر والجزء الآخر يكون لكسر العصي , يتبادلون وجهات النظر المتعلقة بالقضايا العالمية الكبرى , دون التفاوض على النتيجة . وعلى الرغم من ذلك أصدرت القمة بيانا ختاميا طويلا يعكس العمل المنجز على المستوى الوزاري على مدار العام , وإعلان موجز عن النيات حول نقاط الإجماع . واكتسبت القمة الأخيرة أهميتها من كونها أول لقاء يجمع الرئيسين بوتين واوباما منذ إعادة انتخاب الأخير قبل تسعة أشهر من الآن . وعلى الرغم من تعطيل عقد مؤتمر جنيف من قبل هيلاري كلينتون وديفيد بترايوس , اتفق الرئيسان على أن يسمح لقاؤهم الأول الإعلان عن حل للأزمة السورية . وحتى الآن , وعلى الرغم من تغيير فريق واشنطن , تم إرجاء هذه القمة مراراً وتكراراً , بينما كان جون كيري وزير الخارجية تائهاً بتصريحاته المتناقضة . وخلال هذه الفترة الطويلة من الانتظار, تغيرت الأوضاع . حيث لم يعد لدى لبنان حكومة منذ تعيين تمام سلام رئيساً للوزراء قبل شهرين ونصف . وفي المملكة السعودية فشل الأمير خالد بن سلطان , مساعد وزير الدفاع في إسقاط الملك عبد الله . وفي قطر طلبت الولايات المتحدة من حمد آل ثاني التنازل عن الحكم لولي عهده تميم والرحيل مع رئيس وزرائه . في تركيا , ثارت الأغلبية الساحقة من السكان ضد سياسة الأخوان المسلمين بزعامة رجب طيب اردوغان .أما في إيران فقد اختار الشعب الليبرالي الاقتصادي حسن روحاني رئيساً للبلاد . وفي سورية , استعاد الجيش السوري مدينة القصير , ويتحضر لمعركة حلب . في الاتصالات الجانبية , حاولت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا , كما جرى خلال عام 2003 استخدام ذريعة ( سلاح التدمير الشامل ) وادعت العواصم الثلاث أن لديها الحجة على استخدام دمشق أسلحة كيميائية , وأن النظام السوري قد تجاوز ( الخط الأحمر ) وبالتالي أصبح التدخل الأجنبي حتميا من أجل ( حماية السوريين ) و ( حماية السلم العالمي ) بينما تشير البيانات الصادرة من موسكو أن الدلائل المزعومة عن استخدام الكيميائي تبتعد عن معايير منظمة حظر استخدام السلاح الكيميائي . وفي كل الأحوال , لا يعلم أحد لماذا يلجأ جيش يحرز تقدماً على استخدام غاز السارين , في حين تعتبر سورية من الدول غير الموقعة على الاتفاقية الخاصة بالسلاح الكيميائي . في الواقع , إن كلا من بريطانيا وفرنسا تواصلان العمل وفق مشروعهما في إعادة النظام الاستعماري , على النحو الذي اتفقا عليه في معاهدة لانكستر هاوس ( 2 تشرين الثاني 2010 - أي قبل الربيع العربي ) ويعتمدون فيه على الأنظمة العربية الصهيونية , مثل تركيا والسعودية وقطر . ومن جانبها , ( تقود الولايات المتحدة المشروع من الخلف ) , وفق مصطلح السيدة كلينتون . فهي تدعم المبادرة في حال نجاحها , وتعارضها في حال فشلها . وفي أعقاب تمثيلية السلاح الكيميائي , قرروا على مضض الاعلان رسمياً على توريد السلاح إلى ( الجيش الحر ) وليس إلى جبهة النصرة . ويجدر القول أن واشنطن تعيش حالة من التخبط , فقبل ستة أسابيع من الآن كان جون كيري على اتفاق تام مع نظيره الروسي , بينما كان في الاسبوع المنصرم يريد قصف سورية . وجاءه الرد الحاسم بالنفي من قبل رئيس أركان الجيش الأميركي . وفي هذا السياق , بدا أن الوضع غير مناسب للمعسكر الاستعماري عند بدء أعمال قمة الثماني. وتعقدت الأمور مع الكشف عن قضية ادوار سنودين , الموظف في مكتب محاماة بوز ألن هاملتون, الذي نشر وثائق داخلية خاصة بوكالة الأمن القومي NSA عقب لجوئه إلى هونغ كونغ ,وتعتبر تلك الوكالة أكبر وكالة أمنية في العالم تتجسس على اتصالات شبكة الويب والاتصالات الهاتفية في الولايات المتحدة وفي العالم . وعملت بمساعدة CGHQ البريطانية على زرع أجهزة تنصت على وفود مجموعة العشرين في لندن عام 2009 . باختصار كان وضع الدول الانغلو - ساكسوني ( الولايات المتحدة , بريطانيا وكندة ) غير مؤات في خضم المناقشات وتجنب المدعوين استخدام هواتفهم . هذا وقد سعى البريطاني والفرنسي خلال القمة , وفي الموضوع السوري إلى عزل روسيا من أجل إرغامها على التراجع عن مواقفها . وبدا ديفيد كاميرون رائعاً في دوره كمضيف للقمة , فقد ندد بممارسات ( الديكتاتور الذي يقتل شعبه بالسلاح الكيميائي ) داعياً إلى عقد مؤتمر جنيف 2 الذي يقضي بتنازل الرئيس الأسد ونقل السلطة إلى أصدقاء الغرب . وأكد على تسليم وشيك للسلاح إلى (الثورجيين ) , كما وطرح مخرجاً لائقاً ( للرئيس بشار الأسد ) ومعلناً الحفاظ على قيادة حزب البعث وتوزيع الغاز . وفي موضوع علم البلاد , سيكون علم الانتداب الفرنسي . هذه الدردشة اصطدمت مع بوتين , الذي أعلن أمام وسائل الإعلام منذ وصوله وفي ظل ذهول كاميرون :» أنا متأكد أنكم موافقون أنه علينا بالتأكيد عدم مساعدة ليس أولئك الأشخاص الذين يقتلون عدوهم فحسب , بل ويمزقزن أحشاءهم ويأكلون أكبادهم أمام الناس والكاميرات . هل هم هؤلاء الذين تريدون دعمهم ؟ وهل تريدون تسليحهم ؟ والحالة تلك , يبدو أن هذا يبتعد عن القيم الانسانية التي تتبناها أوروبا منذ عقود طويلة . على كل حال , نحن في روسيا , لا نتصور هكذا وضع . لكن لنضع العواطف جانباً ونعمل وفق نهج عملي على القضية , واسمحوا لي أن أبين لكم أن روسيا تورد السلاح إلى الحكومة السورية الشرعية , ووفق قواعد القانون الدولي . وأشدد على أننا لا ننتهك أي قانون , وأطلب من شركائنا العمل في نفس الاتجاه « وجاء رد الرئيس بوتين على الهلوسات الانسانية من خلال تقديم رؤية للواقع على ضوء القانون الدولي . لا , لا تشهد سورية ثورة , وإنما اعتداء خارجي . لا , لم تستخدم سورية سلاح التدمير الشامل ضد شعبها . نعم , روسيا تورد السلاح المضاد للطيران لسورية لصد عدوان خارجي عليها. نعم, إن توريد الدول الغربية السلاح إلى العصابات يشكل انتهاكاً للقانون الدولي تُحاسب عليه المحاكم الدولية . لم يستطع الفرنسيون والبريطانيون حشر روسيا في الزاوية . حيث كان الرئيس بوتين يلقى دعم شريك مهم آخر - دائماً هي ألمانيا - في إعرابه عن شكوكه . وفي البيان الختامي أكد المشاركون على ثقتهم بمسار مؤتمر جنيف , دون أن يبددوا الغموض. حيث لم تتوضح بعد مقولة ( الانتقال السياسي ) وهل تعني الانتقال من حالة الحرب الداخلية إلى السلام , أم من حالة سورية بقيادة الرئيس بشار الأسد إلى قيادة صنيعة للغرب ؟ وعلى الرغم من ذلك , كانت ثمة نقطتان واضحتان هما : عدم مشاركة جبهة النصرة في مؤتمر جنيف2 وضرورة القضاء عليها في سورية , والنقطة الثانية تشكيل لجنة غير منبثقة عن الأمم المتحدة , للتحقيق في استخدام السلاح الكيميائي , تتألف من خبراء من منظمة حظر استخدام هذا السلاح ومن منظمة الصحة العالمية. لقد عرت قمة مجموعة الثماني التردد الأميركي في الموضوع السوري , مقابل الحزم الروسي فيه , كما وعكس التعارض الجيوبوليتيكي بين الولايات المتحدة ( قوة استعمارية ) وروسيا ( قوة ناشئة ) . بقلم: تيري ميسان |
|