|
مسرح الممثل المسرحي والمؤلف والمخرج المغربي عبد الحق الزروالي يقول حول ذلك: «لقد تم تمرير فكرة الاقتباس من خلال المؤسسات الرسمية لتحجيم دور الكفاءات الوطنية، ولتناول قضايا لها علاقة بالآخر دون أن تكون نابعة من واقع المجتمع». وفي مسألة غاية في الأهمية والخطورة نجد أن المراكز الثقافية الغربية في كل أقطارنا العربية لها ميزانيات تفوق ميزانيات وزارات الثقافة العربية وبالتالي فهي تشجع المثقفين العرب ومنهم طبعاً من يشتغلون على المسرح، وتغدق عليهم الحوافز من أجل ترويج أعمالهم شريطة التعامل مع أعمال موليير وشكسبير وغيرهما، سيتهافت الشباب المتخرج حديثاً في الجامعات على هذه المراكز التي تحتويهم في ظل غياب دور أكيد لوزارات الثقافة العربية ويضيف الزروالي حول تهافت الكتاب إلى النصوص العالمية مرده عقدة الانبهار بالآخر أيضاً ليس لدينا أسماء كثيرة قادرة على كتابة النص المسرحي لأنها محكومة بعقدة الشعور بالانبهار أمام كل ما هو غربي وليس انتصاراً للمسرح وبالتالي يقع التهافت على هذه النصوص وإغفال نصوص محلية لا تقل قيمة عن النص العالمي. ومع ذلك نجد أن الاقتباس في الكتابة المسرحية تراوح دائماً بين الرفض والقبول لها، وأخذت هذه المسألة حيزاً واسعاً من الندوات والملتقيات العربية ومع ذلك استمرت المحاولات حثيثة لانتساب هوية عربية ومحلية لكل قطر للتحرر من التيار الأوروبي. ويوضح المعجم المسرحي لماري الياس وحنان قصاب حسن، أن الإعداد هو: عملية تعديل تجري على العمل الأدبي أو الفني للتوصل بشكل فني مغاير يتطابق مع سياق جديد، ويشمل الإعداد مختلف العمليات التي تتراوح بين التعديل البسيط لعمل ما، وبين عملية إعادة الكتابة بشكل كلي مع الحفاظ على الفكرة وهو ما يطلق عليه (الاقتباس) حيث يجري من خلاله أخذ الخطوط الرئيسية للحكاية أو الفكرة، وخلق مواقف جديدة مختلفة تماماً، وغالباً ما يهمل في هذه الحالة ذكر الأصل الذي اقتبس عنه العمل الأدبي وأحياناً يشار إلى الأصل. ويذهب بعض الكتاب أو المخرجين لتقديم قراءة جديدة للنص الأصلي تحمل إسقاطات مباشرة على الحاضر، كما فعل المخرج سامي عبد الحميد في إعداده لمسرحية «هاملت» لتصبح «هاملت عربياً ولتدور أحداثها في بيئة بدوية والمخرج اللبناني ريمون جبارة في إعداده لمسرحية «احتفال بمقتل زنجي» لآرابال بعنوان (القندلفت يصعد إلى السماء). وتشكل النصوص المسرحية المقتبسة في المسرح العربي منذ منتصف القرن التاسع عشر حتى الآن نسبة كبيرة من تجارب هذا المسرح تكاد تفوق نسبة النصوص المؤلفة تأليفاً خالصاً ويؤرخ لبداية المسرح العربي بمسرحية معدة عن إحدى حكايات ألف ليلة وليلة وهي «أبو الحسن المغفل» وبعد النقاش اقتبس أبو خليل القباني عام 1884 مسرحية «لباب الغرام» عن مسرحية (ميترايدات) لراسين ثم حذا حذوهما عشرات الكتاب المسرحيين العرب فأعدوا أو اقتبسوا مسرحيات كثيرة عن نصوص حكائية أو روائية أو ملحمية. ومن المفيد كما يقول الناقد إبراهيم العريس التذكير بواحدة من أغرب الدراسات الأدبية التي ظهرت في أواسط القرن العشرين لناقد إنجليزي إن الموضوعات الأساسية لكل الأعمال الأدبية والفنية لا يتعدى تعدادها ستة وثلاثين موضوعاً ومن هنا فإن كل إبداع العالم شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، وفي كل زمان يدور حول هذه الموضوعات ومع المبالغة في هذا الكلام.. ولكنه لا يخلو في نهاية الأمر من بعض المنطق. وفي نهاية الأمر نجد أن المسرحيين أو أكثرهم لا يرون في مصطلح (اقتباس) أنه مناسب لما يفعلونه عندما يستندون في عروضهم إلى رواية أو حدث ما بل يفضلون كلمة مسرحة أو توليف حين يستندون لعدة مصادر في بناء عرضهم ويذهب بعضهم لاستعمال عبارة (الكتابة الإخراجية) لمسرحيات كلاسيكية يلغون أو يزيدون مقاطع لتخدم صيغة المسرحية المشهدية. والجدير ذكره أننا لا نجد كلمة اقتباس في القواميس الخاصة بفن المسرح إلا وتصاحبها كلمة مسرحي أي نجد عبارة (اقتباس مسرحي) وتعني إعادة ترتيب أو صياغة. وعليه يبدو أن المسرحيين لا يسألون إن كان اقتباسهم سرقة أم لا، بل يرون في إعادة الصياغة المشهدية لمسرحية أو مسرحة رواية أو قصيدة أو حدث ما عملاً إبداعياً مبتكراً لا ينطبق عليه كلمة «اقتباس». |
|