|
فضاءات ثقافية وما حصل أن الحياة لم تمنحه سوى شهرين وبضعة أيام لا أكثر. فخبره كان في الثالث من نيسان الماضي وفي التاسع من حزيران الفائت غيّبه الموت. كان من المقرر أن تصدر روايته الأخيرة (المقلع- the quarry) في العشرين من الشهر نفسه الذي توفي فيه.. حيث حاولت دار النشر أن تنزله إلى المكتبات قبل موته لكنها لم تنجح بذلك.. لكنها قامت بتسليمه بعض النسخ ليراها فاحتفل بها مع أصدقائه. في الرواية يتحدث عن قصة مرضه.. عن الإجهاد الجسدي والنفسي الذي يتأتى من مرض السرطان.. واصفاً أسابيعه الأخيرة.. متحوّلاً فيها من الغرائبية إلى الواقعية متسائلاً عن معنى الإنسانية. في ذاك اللقاء خاطب أصدقاءه قائلاً: (إن نصيبي من حبّكم سوف يكون معي في العالم الآخر).. المفاجئ أنه طلب من صديقته (آديل)، بروح ساخرة، الزواج عبر قوله: (يا حبذا لو تشرفيني وتصبحين أرملتي).. وبالفعل تزوّجا.. وتصف موته: (كان هادئاً ودون ألم). وُلد إيان في دنفرملاين باسكتلندا عام 1954، والده ضابط كبير في البحرية البريطانية. درس إلى جانب الأدب الإنكليزي كلاً من الفلسفة وعلم النفس في جامعة ستيرلينغ. انتقل للعيش بلندن عام 1979، وعمل بأحد مكاتب المحاماة ككاتب حسابات.. وقبلها جرّب العمل كنّاساً وحمّالاً في مستشفى.. ثم وهو بعمر الثلاثين بدأت محاولاته في كتابة الأدب ليستهلّها بالقصص القصيرة.. تحوّل منها إلى كتابة الرواية.. فكانت روايته الأولى (مصنع الدبابير- 1984) التي يروي فيها قصة شخص غريب الأطوار قتل في طفولته ثلاثة أطفال من بينهم أخوه وابن عمّه.. نشرتها شركة ماكميلان للنشر.. وبعدها تولّت دار ليتل براون نشر أعماله التالية التي بلغ عددها (29) أكثرها في الخيال العلمي. يلاحظ المقربون من بانكس أنه كان غزير الإنتاج.. سريع الكتابة.. إذ لا تقف الرواية بين يديه أكثر من ثلاثة أشهر. ينقسم النقاد فيما يخص آراءهم حول بانكس.. فبعضهم وجد كتاباته منحرفة ومنفّرة, وآخرون وجدوا فيها روعة الخيال إذ يستحيل التوقف عن قراءته. صُنّفت روايته الأولى ضمن أفضل مئة كتاب في القرن العشرين في استطلاع أجري عام 1997.. واختارته صحيفة التايمز عام 2008، واحداً من أعظم خمسين كاتباً بريطانياً منذ العام 1945.. وتلقى (18) جائزة.. وحصل على وسام واحد عن أعماله الروائية العلمية. أهم مواقفه السياسية تمثلت بدعمه للمقاطعة الثقافية لإسرائيل.. وقد ورد ضمن مقالة للكاتب بعنوان (أهلنا) تُرجمت تحت عنوان (لماذا أدعم المقاطعة الثقافية لإسرائيل) توضيحٌ من قبله عن أسباب هذا الدعم قائلاً: (... سببي الخاص للمشاركة في المقاطعة الثقافية ضد إسرائيل هو أنني، أولاً وقبل كل شيء، أستطيع المشاركة؛ إنني كاتب، وروائي، وأنتج أعمالاً تُقدّم، كقاعدة، للسوق الدولية كلها. وذلك يمنحني درجة إضافية صغيرة من النفوذ زيادة على ذلك الذي أتمتع به باعتباري مواطناً في المملكة المتحدة... ومنذ الهجوم الذي شُن عام 2010 على القافلة التي قادتها تركيا واتجهت إلى غزة في المياه الدولية، أوعزت إلى وكيل أعمالي بأن لا يبيع حقوق رواياتي للناشرين الإسرائيليين. وأنا لا أشتري منتجات أو أغذية مصدرها إسرائيل، ونحاول أنا وشريكتي أن ندعم المنتجات التي تأتي من مصادر فلسطينية كلما كان ذلك ممكناً... لقد جُلبت إسرائيل نفسها إلى حيز الوجود، جزئياً، باعتبارها محاولة متأخرة ومدفوعة بالذنب من جانب المجتمع الدولي للمساعدة في التعويض عن التواطؤ في، أو على الأقل عدم القدرة على منع الجريمة الكارثية التي شكلتها المحرقة. ومن بين كل الناس، ينبغي للشعب اليهودي أن يعرف كيف يكون طعم الشعور بالاضطهاد الجماعي...) و يختم قائلاً: (إنني آمل أن يدعم كل شخص محترم ومنفتح الذهن حملة المقاطعة ضد إسرائيل، من أجل جلب العدالة للشعب الفلسطيني. وسواء كنت يهودياً أو غير يهودي، محافظاً أو يسارياً، وبغض النظر عمّن تكون أو كيف ترى نفسك، فإن أولئك الناس هم أهلنا وبنو جنسنا، وقد أدرنا ظهورنا لمعاناتهم، بشكل جماعي ولفترة طويلة جداً). و من مواقفه السياسية وقوفه في وجه توني بلير عام 2003، معترضاً على التدخل العسكري في العراق.. عبّر عن موقفه بتمزيقه جواز سفره البريطاني وإرساله لمجلس الوزراء. |
|