تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نور الدين فرح..كاتب منح الصومال صوتاً أدبياً مسموعاً

فضاءات ثقافية
الثلاثاء 2-7-2013
يعتبر الكاتب الصومالي نور الدين فرح من أهم الأقلام الأدبية في القارة الإفريقية، كما تمنح رواياته صوتاً أدبياً مسموعاً يتجاوز مداه القارة السمراء، لدرجة تم التفكير أكثر مرة في منحه جائزة نوبل.

عندما حل نور الدين منذ أيام في مدينة كولونيا لتقديم كتابه الجديد للقراء الألمان، تزامن ذلك مع ما نشرته وكالات الأنباء الدولية حول خبر الاعتداء المسلح الذي قامت به «ميليشيات الشباب الإسلامية» المتشددة في العاصمة الصومالية مقديشو على مقر الأمم المتحدة هناك، ما أدى إلى مقتل 18 شخصاً على الأقل.‏

إلا أن الكاتب لم يأت إلى كولونيا للتحدث عن الوضع الراهن في بلاده، وإنما لقراءة مقتطفات من كتابه الجديد الذي صدر قبل أيام قليلة من ذلك باللغة الألمانية. وكما يقول فرح، فإنه لا يتحدث عن السياسة مباشرة إلا نادراً. إلا أنه يتخذ في كتبه موقفاً واضحاً من التطورات في الصومال، رغم أنه لا يعيش هناك منذ أربعة عقود. ففي عام 1976 أعلن حاكم الصومال المستبد آنذاك محمد سياد بري، نور الدين فرح شخصاً غير مرغوب فيه، بسبب انتقاداته للنظام الديكتاتوري.‏

«كنت في روما، عندما وصلني هذا الخبر. ولم يكن لدي سوى 150 دولاراً»، كما يتذكر فرح. واستطرد موضحاً: «كان الأمر صعباً جداً». إلا أنه قرر بلا تردد البقاء في إيطاليا، حيث عمل في البداية كمترجم قبل أن يركز اهتمامه مجدداً على الكتابة. وبعد إقامته في دول إفريقية مختلفة انتقل منذ عام 1999 للعيش في جنوب إفريقيا.‏

تجارة القرصنة‏

رغم سنين عديدة من العيش في المنفى، فإن فرح لا يزال يعتبر نفسه صومالياً، كما يقول: «هذا هو البلد الذي أتحدث عنه في كتبي، بلد أحلم به وتدور أفكاري حوله». ورغم أنه كان يمكن لفرح أن يعود إلى وطنه بعد إسقاط الدكتاتور سياد بري، إلا أن البلاد انزلقت إلى حرب أهلية متواصلة أكثر من عقدين. وبعد استقرار محدود ونسبي، جاء الاعتداء على مقر الأمم المتحدة في مقديشو ليذكر بأن مستنقع العنف لا يزال يتهدد البلاد. وقد نجحت قوات إفريقية في تحرير مدن البلاد الكبيرة من سيطرة الإسلاميين المتشددين. فيما يعلق المجتمع الدولي آمالاً كبيرة على الرئيس الحالي حسن شيخ محمود. ونفس الآمال تراود بعض الصوماليين في المنفى الذين قرروا العودة إلى وطنهم.‏

نور الدين فرح استأنف بدوره زياراته إلى الصومال. وكرس معظم رواياته لبلاده، وتدور إبداعاته الثلاثة الأخيرة حول الحرب الأهلية. وتعود قصة آخرها إلى عام 2006، أي إلى الفترة التي سيطرت فيها ميليشيات الشباب على مناطق واسعة من البلاد. وهي الفترة أيضاً التي ازدهرت فيها «تجارة القرصنة» حيث دأب مسلحون على خطف سفن تجارية كبيرة أمام السواحل الصومالية، واحتجاز طواقمها كرهائن واشتراط «فدية» مقابل إطلاق سراحهم. ويرى فرح أن وسائل الإعلام الغربية تركز على هذا الجانب فقط، في حين هو ليس إلا وجهاً واحداً من الميدالية.‏

الوجه الآخر للعملة.‏

تقوم إحدى شخصيات روايته الأخيرة، بدور «مفاوض» باسم محتجزي الرهائن، ففرح يرفض استخدام مصطلح «القراصنة». ويقول هذا «المفاوض» في روايته «تترك الأكاذيب حولنا مرارة في نفسي، إذ يتعين علينا أن نلعب دور المارقين في المسرحية. ولا يريد أحد أن يعرف شيئاً حول دورنا الحقيقي في فصول هذه المسرحية». ويصف فرح في روايته وضع صيادي الأسماك الذين فقدوا أساس وجودهم لأن دولاً أجنبية تمارس الصيد بشكل غير شرعي في المياه الإقليمية الصومالية. كما تصف الرواية غرق السفن ومخلفاتها السامة أمام سواحل البلاد. ويقول فرح إن هذه مشكلات لا تتم مناقشتها إلا نادراً.‏

«لست شخصاً مهمًا»‏

رغم أن فرح على وعي تام بأن كتاباته لن تحل مشكلات الصوماليين النفسية، بما فيها مشكلات محتجزي الرهائن، إلا أنه يتناولها في أعماله الأدبية للتعريف بها، ولنقرأ الوجه الآخر من العملة والذي لا تهتم به وسائل الإعلام الغربية. ويعتبر فرح من أهم كتاب القارة السمراء، وتم مرات عدة التفكير في منحه جائزة نوبل. ورغم نجاحه، فإنه يبقى متواضعاً، إذ يقول: «عندما أقوم من النوم صباحاً وأجلس أمام طاولتي، فإنني لا أعتبر نفسي شخصية مهمة». ويضيف أنه يرى في نفسه «انتهازي قلم» وشخصاً يعمل كثيراً، «آملاً في رواية قصص يمكن أن تفيد الآخرين وتثير سرورهم.»‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية