|
خَطٌ على الورق ها أنا ضيف عليك، ومن سنواتك الخمسين تشاركنا لأربعة وأربعين عاماً، تقاعدت أنا وبقيت أنت سيدة الدار أزورك ضيفاً و أقرؤك إدماناً، و أطالع في ذاكرتنا المشتركة الجزء الأعظم من تاريخي. كان في الذهن مشروعاً لكتابة الكثير من هذا التاريخ، وهممت..و كتبت.. ثم جاءني الزمن المستحيل الذي يعلن بالقول والعمل نهاية عصور الكتابة والقراءة.. ؟! فماذا يبقى مني ومنك. فيما حفظته عنك مقدرتك الخارقة على الصمود والاستمرار في بحر من العوالق حتى ولو أصبح مستنقعاً، ومع الشمس تولدين كل يوم لتفاجئين الذين كتبوا النعيات وعبارات الشماتة وصفحات الرثاء، بأنك لا تموتين أبداً وتولدين كل يوم بقدرة اليوم ذاته. ومن يومياتك عبر الكثيرون...منهم من يتطهر اليوم من ذلك العبور و منهم من يقول: بل حصل...لكن على مضض.. ومنهم من يريد لو يحرق أرشيفك كي يبدد الذاكرة ! لا أنكر ما قد تخفيه سطورك من حقائق كان يجب أن تقال، لكنها حفظت مقدرتها الأكيدة على رواية التاريخ... تاريخ هذا الوطن، خصوصاً إن حضر الشهود، وكنت شاهداً.. و حاولت أن أروي على «أعمدة من ورق» وكانت المواجهة التي أحببتها رغم شدة ما فاجأتني به الاحتمالات، ستكون تجربة ناقصة...لكنها ستكون...و قوة وجودها أنها ستكون الوحيدة رغم آلاف الذين عبروا. أعمدتي الورقية مجدولة من ورقك ملونة بحبرك ستنتصب رغم كل المصاعب و ستكون رسالة الحب قبل الأخيرة لك. أما الأخيرة فلا أدري متى تكون... ماذا فعلت بنا الخمسون..؟! يبلى الورق ولا تبلى أعمدة الذاكرة. |
|