تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


اليوم بات عمري من ذهب

ثقافة
الثلاثاء 2-7-2013
سلوان حاتم

أصبحت أكبر وأصبحت أضع إكليلاً من ذهب.. خمسون عاماً جعلت صفحاتي تتطرز بعبير حروف من ذهب.. خمسون عامأ وأنا أصغي لجبهة الفلاح السمراء ماذا تقول..

وألملم آهات العمال على أوراقي وأرسلها كي تصل لمن يخفف ثقل هذه الآهات.. على جبيني رسمت العلم العربي السوري وحملت هموم مواطنه.. تعمدت بدماء الشهداء في نهر الكلمات ورسمت زغاريد أمهات الأبطال في كلماتي.. وقفت خمسين عاماً وأنا أحادث الطلاب.. أسهر معهم في امتحاناتهم وأقف خلفهم أشجعهم حتى غدا الطفل الصغير مهندساً ومحامياً وطبيباً وعاملاً وجندياً.. ساهمت في محو أمية الزمان وكنت ومازلت أفرد مساحات قلبي كي يبقى سراج العلم والأخلاق يضيء مساحات القراء..‏

على صفحاتي سطرت جهد العاملين وفي كواليسي رأيت الإعلاميين والفنيين تتشابك أيديهم وتتضافر جهودهم حتى يصدر العدد الجديد وأولئك العمال الذين لا يعرفون طعم النوم والراحة قبل أن يزين شعاري واجهات بائعي الجرائد والمكتبات.. خمسون عاماً أحمل هموم المواطن وأفراحه.. أتابع كيف تبنى هذه البلد المعطاء وكيف تضمد جراح البلاد الشقيقة.. أنقل تحليلات من يقرأ السياسة وأرصد ضحكات ودموع المجتمع وأعرج على مبدعينا أنقل كلمات المثقفين وابتسامات الفنانين وجهود الرياضيين.. خمسون عاماً ولم تجعلني السنون الماضية أبدو عجوزاً بل زادت من عزمي وعزيمتي وأنا اليوم أبدأ بترصيع الأحرف الماسية لعمري..اليوم بات عمري من ذهب وحروفي باتت مثل كل جنود هذا الوطن تحارب كل من يحاول طعن سورية من خاصرتها أو يحاول دس السم في الطعام وهي التي اعتادت أن تكون اليد الأولى في الدفاع عن العرب وقضاياهم..‏

هنا.. على صفحاتي.. رسمت خارطة فلسطين المحررة ونادى العراق أهله وناشدهم أن يتصدوا للاحتلال.. هنا رسم الجولان طريق عودته لحضن أمه سورية.. ورفع العلم العربي اللبناني على أرض الجنوب وسط دموع الفرح التي ذرفتها عيون كل من أحب لبنان على صفحاتي فمن هنا مرت سناء محيدلي حين زفت عروساً للشهادة في سبيل تحرير لبنان.. وأكمل محمد الدرة سنوات عمره التي توقفت برصاصة جندي صهيوني غاصب حاقد..‏

هنا وسيبقى هنا يرسم الشعر حروفه وترصد العين ما هو خير لهذا البلد.. وستبقى حروفي مرصعة بجهود العاملين في صحيفة الثورة الذين تعاقبوا أجيالاً عليها كي تبقى كالشمس في لمعة نورها.. فأنا أكملت عيدي الخمسين ومازلت أصحو كل يوم لأجد نفسي بين يدي السوريين.. زهرة فواحة من عطر الصحافة السورية.. فكل عام وصحيفة الثورة أحلى.. كل عام والذهب يستحق أن يتزين باسم صحيفة الشعب السوري أجمع.. صحيفة الثورة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية