تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ريبر وحيد:يغني لسورية بكل اللغات

الملحق الثقافي
2-7-2013م
إدريس مراد:ليس جديداً على المغني السوري ريبر وحيد أن يقدم مشروعاً آخر يجسد فيه الوطن ويغني بصوته الجميل لوحدتنا ولجمال سوريتنا، فهذا الفنان له تاريخ مشرف في مسيرته الفنية من خلال

مواقفه الوطنية الكبيرة، ولم يضع مصلحته الشخصية كالكثير من زملائه في أولوية حساباته، بل كانت سورية هي الأولى والأخيرة في كل حساباته، وبالتالي الفن عنده ليس للفن فحسب ويتعدى مقاييس الجمالية ليصل تجسيد الوطن والإنسانية، وقبل أن أتحدث أن حفلته الجديدة سأتذكر الموقف التالي له لنبدأ رحلتنا مع ريبر وحيد.‏‏

في عام2002 دعي لمهرجان الربيع العالمي في تركيا وتم اختياره من بين أفضل ستة عشر مطرباً عالمياً وكان الوحيد في الوطن العربي المشارك بالمهرجان إلى جانب أهم المطربين العالميين منهم آلتون جون، جورج مايكل، وهذه الفرصة يتمناها كل موسيقي، ولكنه رفض المشاركة في هذا المهرجان بسبب وجود مطرب إسرائيلي.‏‏

‏‏

وهكذا كان ريبر وحيد منذ نشأته وحتى اليوم، حيث رسخ صوته لسورية، ولكثير من المواضيع الإنسانية، وكان ملعب مشروعه الجديد قبل أيام وجيزة في مجمع دمر الثقافي والذي جاء تحت عنوان «سوريا بكل اللغات»، وتضمن عناوين متنوعة ومختلفة، وغنى لوطنه سورية بأغلب اللغات العالمية والسورية القديمة، جلّها تنادي إلى المحبة والوحدة والالتفاف حول وطننا لنخرجه من أزمته اليوم، ليقف القتل والدمار.‏‏

دقيقة صمت‏‏

بدأت الأمسية بأغنية عنوانها «دقيقة صمت» من كلمات الشاعر نبيل عيسى، مطلعها، لكل الشهداء الأبطال سلامي، وفيها يرفع وحيد القبعة لكل شهداء سورية، كل من قدم روحه وفي داخله ذرة حب لتراب هذا البلد المقدس، وتلتها أغنية «صرخة»، كلمات أسامة سعود، وهي صرخة بوجه القتل والدمار وما يعاني منه الشعب السوري، ومن ثم أغنية أخرى تدين القتل والفتنة عنوانها «بكفي قتل» نظمها شعراً اسعد صافية، وكما يشدو فناننا العالمي «ريبر وحيد» لوطنه سورية باللغة العربية، يفعل ذلك من خلال اللغة الكردية أيضاً وكانت موجودة في الحفل من خلال أغنية «أم شاخن» معناها «نحن أغصان»، من كلماته وألحانه، ويقصد بها الشجرة الكبيرة «سورية» والتي تفرعت عنها أغصان خضراء ثمثل ألواننا البهية، هذا الشكل الرائع، الفريد في المعمورة وبين كل الأمم، أغنية جميلة من حيث اللحن والتوزيع الموسيقي، والأجمل فكرتها التي تقول «لماذا نختلف بما إننا من جذع واحد».‏‏

‏‏

ضد الدمار‏‏

ومن كلمات عماد مصطفى، أدى وحيد «ما بدنا دمار»، وكما هو واضح من العنوان، أيضاً يرفض الدمار الذي يلحق بنا اليوم، في المباني السكنية، وبيوت الفقراء والبنى التحتية، ومن ثم أغنية بعنوان «كل الزهر» من كلمات اسعد صافية، ولم تكن اللغة السريانية هذا التاريخ العريق، لغة سورية القديمة غائبة عن الحفل حيث كانت أغنية «ليما»، من كلمات يعقوب لحدو، وتعني «لماذا»، لماذا لا نحب بعضنا بعضاً، لماذا لانتحد لنعمر بلدنا..وقدم في الحفل أيضاً أغنية من كلمات تمام رشواني وهي «ماعم بفهم شي»، وانتهى القسم الأول من الحفل بأغنية كتبها ولحنها فارس عرنوس باللغة الانكليزية تحت عنوان «اسمعوا أصدقائي».‏‏

‏‏

بكل اللغات‏‏

وخصص وحيد القسم الثاني من الحفل بملحمته سورية بكل اللغات.. وحروف الابجدية.. وأن للتاريخ حكايات.. بأرض الشام العدية التي حملت عنوان الأمسية شملت كل مكونات سورية الاجتماعية متنقلاً من خلالها بين كل لغات و لهجات المكونات السورية.‏‏

يقول الفنان ريبر وحيد واصفاً تجربته هذه: «اخترت وغنيت لبلدي سورية بكل اللغات لأنها مهد الحضارات والتراث والشعوب والأقدم عالمياً ومرعليها لغات كثيرة ولأنها تحتوي اليوم ألواناً ومكونات تفتقدها كل الأمم، جمالها يشبه قوس قزح وموزاييك رائع اشتغلتها أياد محترفة، وطالما كانت هذه المكونات تعبر وحدتنا الوطنية، والتآلف الأخوي لابد أن تستمر، وهذا ما قصدته في مشروعي هذا».‏‏

وعن استغلاله للألوان السورية خلافاً عن غيره وترسيخها في موسيقاه يقول: «أعتقد بأن الفنان السوري لم يستغل الألوان الموسيقية السورية إلى اليوم، لأسباب شتى منها البحث الطويل والجهد الكبير، أو ربما هناك حاجز المعرفة باللغات السورية كونها صعبة، ومن جانبي حاولت أن أغوص فيها منذ نشأتي كون القامشلي «مسقط رأسي» فيها هذا التنوع من حيث اللغات فهناك العربية والسريانية والأشورية والأرمنية والكردية، إضافة إلى ذلك حاولت التعرف على موسيقا الشعوب والتحدث بعض اللغات كالانكليزية. وما يخص الموسيقا لي اطلاع واسع على الموسيقا الهندية والإيرانية واليونانية والروسية والتركية وغيرها ولكل موسيقا روح ومعنى مختلف وتكتسب الفنان ثقافة عالمية وتدخله بقلوب محبيه من كل جنس وشعب وانتماء وبالمختصر تدخله العالمية وقلوب الملايين».‏‏

‏‏

مهد الموسيقى‏‏

 يرى وحيد بأن واقع موسيقانا اليوم ليس بمستوى تاريخنا وكوننا مهد أول نوتة موسيقية فيقول: “لا نختلف أبداً من حث المبدأ على أن في سورية اكتشفت أول نوتة موسيقية بالتاريخ، وكما ذكرت هناك تنوع موسيقي كبير فيها من خلال حضارتها العريقة، ولكن ربما نختلف على أن موسيقانا اليوم ليست على ما يرام وليست بمستوى هذا التاريخ العريق، فالمعنيين لا يعطونها الاهتمام اللازم، وخاصة الموسيقا التصويرية المرافقة لدرامانا، فجلها مسروقة من هنا وهناك، وهنا لاأنكر بوجود عمالقة في الموسيقا عندنا، ولكن ينبغي الاهتمام بهم بشكل أكثر، وفتح الأبواب على مصراعيها لتغزو الموسيقا السورية العريقة العالم”.‏‏

‏‏

لوجود الموسيقا أثناء الأزمات والحروب في حياة الإنسان ضرورة قصوى حيث تهذب النفس، وتزرع المحبة بين البشر، وهنا يقول: «أعتبر الموسيقا والغناء سلاح أقوى من الطلقة نفسها، وأقوى من كل المدافع، الكلمة الجميلة واللحن المدروس يدخلان قلوب البشر بدون استئذان، فيزرع بداخله محبة أخيه الإنسان، أما الرصاص عندما يستقر داخل الإنسان يقتله ويزرع بدل الحياة، الموت والكراهية، ولا أقول الموسيقا الهابطة، بل المدروسة علمياً وخاصة الموسيقا في زمن الأزمات ويجب ألا تنحسب الموسيقا والغناء بمذهب أو نظام سياسي كي تكسب جماهيرية عامة، لأن الوطن أهم من كل هذه الأشياء والحمد لله مؤخراً قدمت عملي «سوريا بكل اللغات» للوحدة الوطنية السورية فقط للوطن وللشعب السوري والحمد لله لاقيت وخاصة من المغتربين السورين بكل أنحاء العالم إقبالاً ومحبة لوحدة الصف السوري وطبعاً بداخل سوريا الحبيبة أيضاً لأنني قمت بتسمية ملحمتي الغنائية بعنوان سوريا بكل اللغات وكانت تضم عشر أغان عن وحدة الصف السوري ووقف الدم ونبذ العنف وبلغات عديدة».‏‏

‏‏

ريبر وحيد، مطرب وملحن وكاتب كلمات وموزع موسيقي، يعزف على جميع الآلات الموسيقية ويغني بأكثر من ثمان لغات هي الإنكليزية، الفرنسية، التركية، الهندية، الكردية،الإيرانية، الآشورية، الأرمنية، السريانية، خريج كلية الحقوق عام 1994، وحاصل على شهادة الدكتوراه في الموسيقى العالمية من جامعة الإدارة وتنمية التعليم في روسيا عام 2008، وفي عام 1997 حصل على لقب فنان الرياضيين بسوريا إذ قدم أول أغنية رياضية في العالم العربي تشمل الأندية السورية لكرة القدم بالدرجة الأولى، وبعدها بعام قدم أول أغنية عن المعاقين في سوريا بعنوان شمس الأمل وحصل بها على الجائزة الذهبية بمهرجان القاهرة الدولي، لحن للعديد من نجوم الغناء في الوطن العربي أمثال نجوى كرم، محمد المازم، ديانا حداد. ومن هذه الألحان «أنا مافيي، شاطر، من هالعين..».‏‏

وأدى العديد من الأغاني للقضايا الوطنية والإنسانية منها عن فلسطين والعراق وغيرها، صدر له عام 2002 ألبوم بعنوان سمفونية الحب ومن أشهر أغنياته خبرني يا طير، على مهلك يا قلبي، توقيعك، وسمفونية الحب، كما لحن لفنانين كبار في سوريا عن النقد الإجتماعي وغنوها بأصواتهم أمثال رفيق سبيعي ومحمود جبر‏‏

بتاريخ 2004 تعرض لحادث أليم جداً أثناء توجه للمشاركة بمهرجان المحبة والسلام في اللاذقية فانقطع عن عمله مدة خمس سنوات، وبعدها عاد إلى نشاطه ليصدر أول ألبوم له باللغة الكردية بعنوان «عيشو»، وصور أغنية عن الجولان المحتل من إخراجه حيث تم تصويرها في حقل الألغام، وأصدر ألبومه الثاني ولكن باللغة العربية عام 2010 بعنوان “نصيحة”، ويحضر الآن عمل عالمي ب 99 لغة بعنوان أسماء الله الحسنى.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية