|
شؤون سياسية والقمة التي ترعاها الأمم المتحدة (ريو +20) وشارك فيها أكثر من مائة رئيس دولة ورئيس حكومة في العالم، وتغيب عنها الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، كانت نتائجها ضعيفة ودون طموحات مليارات البشر الذين باتت تهدد معيشتهم على الارض مخاطر شتى جراء عبث الانسان بالطبيعة. والبيان الختامي للقمة الذي أمكن الوصول اليه بصعوبة وكان ذا صبغة توافقية دون ان يتضمن خطوات جريئة جاء في نحو خمسين صفحة بعنوان «المستقبل الذي نريده» وينص على عقد منتدى سياسي رفيع المستوى في الأمم المتحدة لمراقبة تطبيق الالتزامات التي أقرت في اجتماعات هامة في الماضي مثل قمة الأرض التي عقدت في 1992 في ريو دي جانيرو وقمة جوهانسبرغ في 2002، لكنه تجنب قرارات هامة مثل تأسيس صندوق لتمويل التنمية الدائمة، بعد أن رفض الأوروبيون إصدار وثيقة اعتبروها مفتقدة «للطموح»، مع «تراجع للتعددية»، وطالبوا بتخصيص مساحة أكبر لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة . وثمة إجماع تقريبا بين الوفود المشاركة ومنظمي القمة وكذلك المهتمين بقضايا البيئة والجماعات المدافعة عن البيئة على اعتبار نتائج القمة ضعيفة، وهو ما عبر عنه الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بقوله:« جهودنا لم ترق إلى مستوى التحدي..الطبيعة لاتنتظر.. الطبيعة لا تتفاوض مع البشر.» ومع ذلك، يرى متابعون ان نتائج القمة لا تعدو أن تكون طموحات أكثر منها أهدافاً ملزمة بشأن قضايا مثل الأمن الغذائي والمياه والطاقة، وهي مجموعة غامضة من أهداف الأمم المتحدة القديمة والتي لم يتم احراز تقدم يذكر بشأنها على مدار العقود الماضية. ومقارنة بقمة الأرض الاولى التي تمخضت عن قرارات تاريخية بشأن التنوع البيولوجي والانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري رأى متابعون ان قمة ريو دي جانيرو هي مجرد بداية لعملية لوضع أهداف جديدة للتنمية العالمية مذكرين بأن قمة 1992 كانت تتويجا لسنوات من المفاوضات. وفي حين تحدث كثيرون عن حاجتهم الى مصادر دائمة للطاقة والغذاء والمياه حث الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الدول الغنية على التخلي عن رغباتها «المادية» وتبني التنمية «الروحية» قائلا ان «انهيار النظام الأحادي الحالي حان وقته» مستشهدا بالحروب والاضطرابات في الشرق الاوسط والكوارث التي أثرت في العالم. والواقع الذي اشارت اليه كثير من الكلمات التي ألقيت في القمة يشير الى ان مستقبل البشرية على الارض في خطر حقيقي اذا ما تركت دون معالجة جدية، تحديات الفقر الواسع الانتشار، والتدمير البيئي المتواصل. وتشير المعطيات الى أن عدد سكان العالم يبلغ الآن سبعة مليارات نسمة، وبحلول عام 2050 سيكون عدد سكان العالم تسعة مليارات، ويعيش واحد الآن من كل خمسة أشخاص ( أي 1.4 مليار شخص) على دولار واحد و25 سنتاً، أو على أقل من ذلك يومياً، كما لا يحصل مليار ونصف مليار إنسان من سكان العالم على كهرباء، ولا توجد مراحيض لدى مليار ونصف مليار شخص، ويجوع ما يقرب من مليار شخص كل يوم، اضافة لذلك، تتواصل زيادة انبعاث غازات تولد الاحتباس الحراري، وقد ينقرض أكثر من ثلث جميع الأنواع المعروفة من الكائنات الحية، إذا استمر تغير المناخ بلا رادع. واذا كان بات ينظر الى الى قمة «ريو+20» كأحد أهم الاجتماعات العالمية بشأن التنمية المستدامة في هذا العصر، فان مجمل المهتمين بمستقبل حياة بني البشر على كوكب الارض يشعرون بخيبة أمل ازاء نتائج القمة التي لم تقدم أي إجابات عن الأزمات البيئية الملحة في العالم، حيث بات من الواضح أن الحلول لا تكمن في المؤتمرات والتصريحات، بل في توفر ارادة جادة لدى صناع القرار في العواصم الهامة للبدء في تغيير نمط المعيشة ونمط الانتاج الذي ثبت حتى الآن أنه مدمر للبيئة على نحو لم يعد ترفاً الحفاظ عليه أو غض النظر عنه، وهو ما عبر عنه مستخدمون للإنترنت بينهم ناشطون وأشخاص عاديون باطلاقهم شعار «شبعنا ثرثرة» قائلين: « ثمة الكثير من الأمور الواجب تغييرها، كفاكم كلاما، افعلوا شيئا». وفي صدى لهذه الاصوات، انعقدت قمة مضادة عنوانها «قمة الشعوب» تم تنظيمها في وسط ريو دي جانيرو شارك فيها هنود ومزارعون خسروا أراضيهم ونساء غاضبات، وفئات مهمشة اخرى. |
|