تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


(المختبر الحادي عشر)... عرض جديد ضمن مسيرة إبداعية لمسرح الرقص التعبيري

مسرح
الثلاثاء 3-7-2012
آناعزيزالخضر

هنا تظهر أعمال المسرح الراقص بجمالياته الشديدة الخصوصية في سورية ،كأحد الإبداعات ،التي دخلت إلى المشهد الفني بثقة أكيدة، ملمة بمفردات جديدة وبأصول أكاديمية عالمية ،

هذا عدا عن أسلوب خاص امتلك الحيوية و الجمال و التلون ذات الدلالات المتنوعة الأبعاد، فالإشارات هنا تأخذ مكان الكلمة و الإيحاء بالملامح مكان الإحساس ،و حركات الأجساد الرشيقة المتقنة جنباً إلى جنب الالتزام بدلالاتها ،‏

شكلت جملا منطوقة وحوارات إنسانية بأكملها، هذا ما تجلى عبر لوحات العرض الراقص (المختبر الحادي عشر) الذي قدمه طلبة قسم الرقص في المعهد العالي للفنون المسرحية ،على صالة مسرح (سعد الله ونوس)‏

حيث استطاعت تلك اللوحات أن تبرز عناصر عرض متكاملة، عبرت عن أصعب الحالات الدرامية انفعالية، و جسدت بامتياز لوناً فنياً خاصاً هو مسرح راقص متميز، لمعت عروضه ،و تتابعت على صالات المسارح السورية في الفترة الأخيرة، و قد اتسمت تجاربه جميعها بميزات على غاية من الدقة الفنية و الأكاديمية ،التي شهد لها النقاد الفنيون و الجمهور المتزايد لهذه العروض . وإن كثرت الفرق التي اتجهت إلى المسرح الراقص، إلا أن أكثر العروض التي التزمت في منهجية هذا الأسلوب و حرفياته، عادت لطلاب قسم الرقص في المعهد العالي، حيث توالت مشاريعهم المتألقة مشروعاً بعد الآخر، مكرسة شيئاً فشيئاً أبجديات هذا الفن و طقوسه عند الجمهور السوري ،و مؤكدة بنفس الوقت أن الفن الجيد هو القادر عبر أشكاله الإبداعية ، على نقل مشاعر الناس و حياتهم و حالاتهم بأسلوب متجدد، وقد التصقت لوحات (المختبر الحادي عشر ) بأجوائها و مناخاتها بحالات إنسانية واسعة، انطلقت بآفاقها الواسعة، كي تقدم حالات تعبيرية غنية و متنوعة، إذ صورت الحزن كما الفرح كما الغضب و الاندفاع و الحب ،و ذلك من خلال تصاميم لرقصات كانت مبدعة ومعبرة ، تضمنت إشارات و إيحاءات و حركات، فخلقت عبر علاقاتها المتشابكة و المدروسة ،ثم ترجمتها بأداء متقن ،أجواء درامية حقيقية ، حيث أوصلتها أساليب متألقة ،و أغنت المشاهد بمفردات فنية و درامية، استطاعت أن تجسد عوالم كأنها تنطق حواراً متكاملاً بل و أشعاراً، فيه الانفعال و التصاعد و الفعل و رد الفعل وملامح الوجه المعبرة والدقيقة ، و هذا من شأنه أن يؤكد مهارات أدائية متمكنة ، أوصلت مفاهيم و حالات كثيرة مختلفة، دون أن ننسى مساعدة مجموعة من المؤثرات المسرحية منها ، الإضاءة التي ساهمت في تشكيل تلك اللوحات المتتابعة و مضامينها.‏

ولابد من القول إنه إضافة إلى استنطاق الحركة الراقصة ،فقد أظهر العرض مقدرة الفنانين ، وتمكنهم من إتقان مدارس فنية عالمية واسعة، حيث برزت بوضوح أثناء تأدية فناني الرقص لوحاتهم .‏

حول العرض و مفرداته الفنية و المسرح الراقص تحدث (للثورة) الفنان المشرف و المخرج (معتز ملاطيه لي) رئيس قسم الرقص في المعهد العالي للفنون المسرحية قائلا:‏

تتسع جماهيرية المسرح الراقص يوماً بعد يوم، ليحقق حضورا متميزا في حياة الجمهور السوري، و يشكل نقطة مهمة يمكنها جذب المتلقي، لحضور عرض يبتعد عن التقليدية بامتياز، و لا بد من التوضيح، أن المسرح الراقص يتطور عندنا، و يسعى دوما نحو مستوى تقنيات متميزة ،و يؤثر هنا كثرة التجارب الفنية و التراكم في اكتساب سوية أدائية متميزة، حيث اختلف الأمر عن السابق، حيال هذا اللون الفني، إن كان من ناحية حضور المسرح الراقص، أو من ناحية إقبال الطلبة على الدراسة في قسم الرقص في المعهد العالي ،و لا بد من التأكيد هنا على أن النوعية الحاضرة و البارزة عبر تلك العروض الكثيرة للطلبة،بدء من (تلميحات ) إلى (أحلام افتراضية ) إلى (المختبر بأجزائه المتعددة)إلى (وجوه وعظام).. وغيرها ، لم تأت من فراغ بل ارتبطت بدراسة منهجية وتدريبات ومران مستمر، للإلمام بتلك التقنيات الدقيقة،، مضافاً إلى كون منهاج المعهد يتضمن الكثير من المواد، حول الأداء التعبيري ،فالطلبة عن طريق الحركة و التمثيل و الليونة و الإتقان ،يمكنهم الإيصال لمعان كثيرة ،فتكون تلك الرقصات ذات مغزى جمالي و آخر يتعلق بمضمون تلك الحركة و دلالتها المركبة الأبعاد، إذ إنه يطلب من الطالب أن يكتب فكرته التي يبدعها مضموناً و أداء على ورقة، و من ثم يتم تحويل السيناريو إلى شكل راقص،فيشارك في التصميم أيضا،عدا عن الإتقان والأداء، و للمسرح الراقص وظيفته الجمالية في اتجاهات عدة ،فهو إضافة إلى كونه حالة فنية وجمالية راقية، له أدواته و تقنياته المتفردة، فهو يمكنه التعبير عن كثير من القضايا الإنسانية، مثلاً تمكن الطلبة الفنانون، و عبر مشاريع فنية من معالجة قضايا الشباب، و علاقتهم بالتقنيات الحديثة، ثم علاقاتهم الاجتماعية ككل، و غيرها من المشكلات .‏

ونعمل بجدية مطلقة على ترسيخ هذا اللون الفني ،على جميع الصعد ، و نطمح أن يكون لمسرح الرقص حضوره عند الجمهور،من خلال نوعيته وأسلوبيته الخاصة و تقنياته المتميزة ، و نتمنى أن تكون هناك عروض مستمرة و على مسارح كبيرة،و يراها أكبر عدد ممكن من الناس ،وصولاً إلى عروض باليه ضخمة و متكاملة، يمكنها أن تقدم صورة عن بلدنا وحضارتنا، و طموحنا الوصول إلى آليات عمل متكاملة و متطورة، يمكنها أن تقدم شيئاً متميزاً للمشهد الثقافي السوري ،معتمدين على مهارة هؤلاء الفنانين و أدائهم، و قد قدموا دوما أفضل ما لديهم عبر التجارب الفنية التي شاركوا بها كمؤدين و مصممين، من خلال خبرات أكاديمية أتقنوها وأبدعوا فيها(المختبر الحادي عشر )عرض من إشراف واخرج الفنان (معتز ملاطيه لي )‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية