|
ثقافة
في أي تغيير أو تطوير ثمة منهج حقيقي يجب أن نعمل وفقه وأيضاً ثمة ثوابت ومبادئ لايمكن تجاوزها أو نسيانها هل نذكر بالمبادئ والقيم الوطنية والقومية؟!. مناهجنا التربوية ولاسيما في شقها الإنساني، العلوم الإنسانية/ اللغة العربية/ التاريخ/ الجغرافيا وغيرها هي الأقدر على الانطلاق من هذه المبادئ واتخاذها ركيزة في أي مناهج تربوية. كتاب الأدب للثالث الثانوي بفرعيه الأدبي والعلمي، كان موضع تغيير وتعديل منذ عشرات السنين، تارة يعدّل جزئياً وتارة أخرى جذرياً.. ومع فورة التعديل والتطوير التربوي المنطلق من أسس واضحة كما يقول المؤلفون كان التغيير الجذري لكتاب الأدب للثالث الثانوي العلمي..نعم التغيير الجذري، حتى الاسم تغير وصار (اللغة العربية) بدلاً من أن يكون (الأدب العربي..) أراد المؤلفون أن يقولوا: اللغة أولاً.. لابأس هي أولاً وثانياً وثالثاً، ولكن ليست إلا أداة، اللغة نسيج الأدب والعلوم ولكن أن نجعلها غاية في حدّ ذاتها فهذا أمر يعيدنا إلى القدماء الذين جعلوا من النحو كل شيء، وكأننا أمام طبخة قوامها ملحٌ كثير وطعام قليل، وبالتأكيد ليست هذه الغاية.. ركام.. الكتاب الجديد للثالث الثانوي العلمي ركام نصوص وأسئلة عبر ستة محاور هي: /الأدب وقضايا المجتمع/ الاتجاه الإنساني في الأدب العربي/ الأدب واستشراف المستقبل/ الأعمال الأدبية /الأدب والفن والإعلام/ النقد الأدبي ومناهجه. أين الجانب الوطني؟ من المفيد أن نذكر أن الأساس الذي بني عليه الكتاب ليس دراسة للأدب العربي عبر التحقيب والقضايا الوطنية والقومية بل عبر الموضوعات ولكن أي موضوعات؟!. قراءة سريعة للكتاب تجعلنا نسأل: أين ذهب الإبداع الذي قيل في ميسلون وبطولات يوسف العظمة وصالح العلي وهنانو، ونضال أبناء سورية.. أين موقف الأدباء من القضية الفلسطينية.. أين الأدب والالتزام.. أين الأدب المهجري.. أين الأدب والأدباء من انتصارات حرب تشرين وانجازات الإنسان العربي المعاصر؟!. لماذا غاب أدباؤنا ومبدعونا عن الكتاب، متى يقرأ طلابنا: نزار قباني وبدوي الجبل، وعمر أبو ريشة وشفيق جبري/ وحافظ ابراهيم وأحمد شوقي، وهند هارون وبدر شاكر السياب، وسليمان العيسى. ومتى يتعرفون على إبداع: العجيلي وحنا مينه، وفارس زرزور،وفكر عبد الله عبد الدائم وفاخر عاقل، وشاكر مصطفى ومحي الدين صبحي.. ربما سيقولون لقد وزعنا ذلك في المناهج التربوية بدءاً من الأول الإعدادي وصولاً إلى المرحلة الثانوية.. ولكن هل هذا كافٍ وصحيح؟!. وفي القراءة الأولية نشير إلى بعض الهفوات في ص/13/ من الكتاب المقررة طباعته يقول: أعرب الكلمات المشار إليها بخط.. ولكن لايوجد خط أبداً.. يقول المؤلفون: عمل الفراتي مدرساً.. وحسب سيرته عمل في مجال آخر غير التدريس وتاريخ وفاته ليس عام 1976، بل عام 1978م وكان القائد الخالد حافظ الأسد قد منحه قبل وفاته راتباً تقاعدياً استثنائياً تكريماً لإبداعه. في الحديث عن الفقر كان الأفضل أخذ نصوص لـ (الأخطل الصغير أو نديم محمد أوحامد حسن أو الرصافي)..وربط ذلك مع القدماء ثمة أبيات جميلة «تمشي المصالح..» لم يظهر المؤلفون من القائل.. جاء القول التالي: (قيل إن الجواهري يمتلك مشروعاً نهضوياً). الكلام ليس دقيقاً أبداً، فالشاعر صاحب رؤية نهضوية، أما المشروع فله أسسه ومنطلقاته ونظرياته وأدوات تنفيذه واستراتيجياته. في الحديث عن دراسة النص الأدبي يضعون شرط الإلمام بحياة الأديب، وفي الكتاب لايقدمون إلا أسطراً قليلة عن أي مبدع. ص 39 يأتيك قولهم: «تعلّم» لماذا لم يتم استبدال الأمر بالقول: لنتذكر، لننتبه. في النزعة الإنسانية لماذا لم يتذكروا جذور النزعة الإنسانية منذ العصر الجاهلي مروراً بالفرزدق وقصيدته (وأطلس عسال..) ومن قبله عنترة ومحاورته فرسه؟!. يوردون قولاً لـ (نعمة قازان) فمن هو؟!. النصوص المختارة لتوفيق زياد وأمل دنقل غير موفقة أبداً لماذا لم يتم اختيار قصيدة (لاتصالح) لأمل ونقل بدلاً من القصيدة المختارة.. مامناسبة الحديث عن كتاب الأغاني الآن! ثمة نص موضوع في الصفحة 153 يقول: تناول الأدباء في أعمالهم الأدبية قضايا الصراع الاجتماعي نص الموضوع بعيد كل البعد عن المحور لأن الشواهد غير كافية وليست مناسبة. في الصفحة (3) جاء في أول الصفحة (أشرفت على تأليف هذا الكتاب اللجنة التوجيهية العليا المشكلة بالقرار الوزاري رقم 1188/943 تاريخ 8/5/2012.
يعني مابين صدور القرار وإعداد الكتاب فترة زمنية لاتكفي حتى لتبليغ أعضاء اللجنة بالأمر والاجتماع ووضع المخطط. وإذا بهم وقد أعدوا كتاباً خلال نصف شهر.. هل يعقل كيف حدث ذلك. الكتاب نصوص أرهقت بركام من الأسئلة ومتاهات لاتقدم للطالب شيئاً. ملاحظة أخيرة إذا كنتم تخجلون من قيمنا الوطنية والقومية ودراسة أدبنا عبر نضاله فهذا أمر آخر نرجو أن تجدوا مجالاً للرجوع عنه، جددوا غيّروا لكن الثوابت ضرورية.. راجعوا مناهج العالم التربوية هل تجدونها تحذف تاريخ أوطانها وتبعثره.. أم ثم مسوغات سوف تردون بها كما فعلتم سابقاً. لنا أن نسأل: كيف تم توليف هذا الكتاب وكيف جرب، ومن قيَّمه وقومه.. وهل أخذت آراء المدرسين أم أنه عمل مكاتب وموجهين أولين وتنظير تربويين لم يثمر تنظيرهم والدليل على ذلك مانراه من ضياع.. فالطالب الذي تحاسبونه على أدق تفصيل في كتابة موضوع ما كيف له أن يعثر على ماتريدونه في نصوص ملتبسة وهو بالوقت نفسه ضائع بين ركام الأسئلة التي أثقلت الكتاب وأفقدت النص روحه وجمالياته.. |
|