تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أمين معلوف: العالم لا يسير على الطريق الصحيح..

فضاءات ثقافية
الثلاثاء 3-7-2012
يحمل الكاتب الفرنسي اللبناني الأصل أمين معلوف سيف «الخلود» الذي كسبه من عضويته في الأكاديمية الفرنسية وعينه على منطقة الشرق الاوسط التي تشهد ما يسمى «الربيع العربي» حيث يعتبر أن الأحداث في تلك البلدان لا تتشابه, كما يرى ضرورة هدم الجدار بين الشرق والغرب.

وكان معلوف قد دخل في الرابع عشر من حزيران الماضي الأكاديمية الفرنسية وهو يرتدي بذته الخضراء ويحمل سيف «الخلود» المزين برموز ثقافته المزدوجة ليصبح ثاني عربي ينتمي إلى مجمع الخالدين بعد الكاتبة الجزائرية آسيا جبار.‏

وبدخول معلوف إلى الأكاديمية الفرنسية واحتلاله المقعد رقم 29 خلفاً لعالم دراسات الأجناس الفرنسي كلود ستروس الذي توفي في تشرين الأول 2009 يؤكد الخالدون أعضاء تلك الأكاديمية بذلك رغبتهم في انضمام أدباء من أصول أجنبية إلى صرحهم الذي يضم 40 عضواً. وقال معلوف: «ليس من السهل أن يفهم الشخص ما يحصل في المنطقة. لا يجب أن يتصور الشخص أن الدول تفهم ما يحصل... أعتقد أن كل الناس تفاجأت, ولا أحد يعرف إلى أين نحن ذاهبون»‏

وأضاف: «كل دولة مختلفة عن الباقين, ولا يستطيع شخص أن يستفيد من التجربة التي حصلت في دولة معينة ليفهم ماذا يحصل في دولة معينة أخرى. بالنسبة لي هناك أمر أساسي وهو التأسيس لحياة ديمقراطية صحيحة. الأولوية اليوم هو أن تجرى الانتخابات دائماً, وأن لا أحد يخطف الانتخابات ولا أحد يلغي الانتخابات...الهاجس الأول لدي ليس من الذي سيربح ولكن الأهم أن لا أحد يخطف الانتخابات والحياة السياسية والديمقراطية, وندخل في عصر جديد عصر فيه انتخابات دائماً وبوقتها وفي ظروف شفافية وإذا دخلنا بهذا المنطق لا بد أن تتغير الأمور».‏

ومضى يقول: «بالنسبة لسورية وبالنسبة لكل المنطقة, لا أحد يعرف إلى أين تذهب الأمور. يوجد عدد من الأحداث التي حصلت والتي ستؤدي عملياً إلى تغيير معين, ولكن في أي اتجاه سيحصل التغيير لا أحد يعرف. يجب أن نراقب التغيير بتفهم وانفتاح وأمل, ولكن مازلنا وسط مشكلة مازالت تتفاعل وتكبر. أعتقد أن المنطقة كلها بحاجة إلى نموذج متقدم في سورية, وأول من هو بحاجة إلى ذلك لبنان. إذا كانت سورية في وضع مأساوي فإن لبنان سيكون في وضع مأساوي, وإذا كان في سورية عنف فسيكون فيه عنف, واذا اتجهت سورية لنوع من الوضع المتقدم أتصور أن هذا يساعد لبنان على تركيز ديمقراطيته»‏

يقول معلوف إنه يقضي ساعات عدة في مكتبته التي تحتوي على مئات الكتب باللغات العربية والفرنسية والانكليزية وأنه يقرأ كل اللغات لكنه يفضل الانكليزية. ويقف الكاتب الفرنسي - اللبناني الأصل على حافة العلاقة بين الشرق والغرب الذي يشكل حجر أساس في أعماله وهو ما خوّله أن ينضم رسمياً إلى الأكاديمية الفرنسية, محذراً من اختلال العالم وطامحاً بهدم الجدار بين الحضارتين.‏

وفي بيته في وسط باريس الذي يمتزج فيه الطابع الشرقي والغربي قال معلوف: إن «العلاقات حالياً بين هذين العالمين تتميز بالحدة وعدم الثقة والتنافر... من واجب الإنسان أن يساهم في بناء جسور, وهذا ما أحاول أن أقوم به دون أن يكون لدي أوهام حول قدرة الكاتب على تحقيق ذلك.»‏

وأضاف: «هناك نوع من الصعوبة في التعايش بين أناس قادمين من ثقافات مختلفة, وأعتقد أن حدة المشكلة تزداد منذ عدد من السنوات وفي معظم الدول الاوروبية... هناك بين شمال وجنوب المتوسط جدار معنوي لا بد من هدمه, ولكن هذا عمل طويل النفس ويتطلب كذلك فهماً لواقع العالم اليوم... هناك مرحلة دقيقة وفي رأيي أن العالم لا يسير على الطريق الصحيح. أعتقد أن هناك مشكلات عميقة لا نحاول بالفعل حلها كما يجب. كتابي الأخير كان بعنوان «اختلال العالم» وبرأيي أن العالم فيه اختلال معين, ولا بد أن نعالج هذا الاختلال.»‏

وأكد أن الأكاديمية الفرنسية مؤسسة فريدة من نوعها, بدأت في القرن السابع عشر أي بعد سنوات عدة يصبح عمرها 400 سنة وطابعها الأساسي أدبي ولغوي».‏

وبمناسبة دخول معلوف الاكاديمية الفرنسية, أعلنت الحكومة اللبنانية أنها ستصدر طابعاً بريدياً باسمه كما أن الرئيس اللبناني سيمنحه أرفع وسام.‏

ولد معلوف في بيروت في 25 شباط 1949 ودرس الاقتصاد والعلوم الاجتماعية, واشتغل في الصحافة قبل أن يترك البلاد عام 1975 مع بداية الحرب الأهلية التي دارت على مدى 15 عاما وانتهت عام 1990. ومنذ الثمانينيات من القرن الماضي تفرغ للأدب وأصدر أولى رواياته «الحروب الصليبية كما رآها العرب» عام 1984. ترجمت أعماله إلى لغات عديدة وحصل على عدة جوائز أدبية وفرنسية منها جائزة الصداقة الفرنسية العربية عام 1986 عن روايته «ليون الأفريقي», وجائزة الغونكور الأدبية الراقية عام 1993 عن روايته «صخرة طانيوس», ومن أعماله الهامة أيضاً «سمرقند» و«القرن الأول بعد بياتريس», و«حدائق النور» و«موانىء المشرق».‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية