|
علوم وبيئة إنسان العصر الذاهل تحول إلى رقم، فقد مقومات دفاعه عن القيم والخير والأخلاق، وأصبح محاصراً بالخوف والقلق، ينشد الأمان لنفسه، بعيداً عن الغير، أنانيته تزداد ودائرته تضيق، يفتقد أبسط العلاقات مع غيره،حتى جاره الذي قد يسكن في شقة مقابلة له ، تفصله عنه غربته واستقلال مريض، لدرجة أنه قد لايبادله التحية ولا الود، ورغم كل هذه المفارقات التي يعيشها إنسان العصر فإن قلّة قليلة من الناس ما زالت تعيش في غربة عن هذا العصر، رفضته ورفضت قوانينه وإفرازاته وتقوقعت على نفسها في عزلة غريبة وسط مجتمع يرفضه أفكارها وقيمها. هل هو اليأس والبشرية تقف على أعتاب القرن الحادي والعشرين مدجنة باليأس والخوف والقلق ، بعدما أطاحت ـ ربما عن رضا ـ بكل قيمها وقوانينها الإنسانية الخيّرة .؟ هل ينمو الإنسان في المستقبل،صوب الاهتمام بتراثه الأخلاقي وسط عالم مزروع بالفوضى والتحكم والجبروت.؟ أيمكن أن يظل الأمل مرفرفاً كالحلم .؟. يزداد الاعتماد على التقنية يوماً بعد يوم ويزداد الاعتماد على مكتسبات العلم في التنمية وحصار المرض والجوع، ولكن هذا الاعتماد، جعل البعض يبالغون فيه نتيجة الجشع المتزايد في اللهاث وراء المال على حساب قيم الإنسان وأخلاقه. محميات زراعية ، لا تطبق فيها الأصول العلمية المنضبطة في زراعة الخضار في غير مواسمها، تتخم بالمواد الهرمونية والكيماويات ،التي تجعل إنتاجها الزراعي بلا طعم ولون، فقط أحجام كبيرة منتفخة في داخلها يكمن المرض والأذى، ومداجن تنتشر، تسمن طيورها بالهرمونات والعلف المخلوط بمساحيق حيوانية مغذية، تجعل الدجاج مثلاً، يزيد حجمه ووزنه خلال أيام قليلة، بشكل مذهل .. ومزارع أبقار، ينحو أصحابها نفس الاتجاه بالاعتماد على الهرمونات والمنشطات لتسمين الأبقار والعجول يعلف مخلوط بالمواد الحيوانية التي لم يتعود البقر على تناولها خلال حياته عبر ملايين السنين وهذا ما سبب خللاً في الأحماض النووية،وأدى لمرض جنون البقر،الذي بدأ في بريطانيا ، بنتيجة جشع أصحاب المزارع بتسمين الأبقار بشكل سريع وذبحها وتعليبها وتصديرها .. لا شك أن ظاهرة التلوث التي يشهدها عصرنا،تتفاقم نتائجها بشكل كبير مع مرور الزمن ، وقد أصبحت الصناعة مقياس حضارة وتقدم أي أمة من الأمم والتلوث هو أحد مفرزات الصناعة،بكافة أشكالها، فتلوث الهواء أثر من اطلاق أطنان هائلة من الدخان والغبار والغازات المحترقة من مداخن المصانع والمعامل المنتشرة في كل مكان من هذا الكوكب، إضافة لمئات ملايين السيارات التي تسرح في جو المدن تطلق من عوادمها غازات الاحتراق المخلوطة بعناصر سامة كالرصاص مثلاً .. وعدا عن أضرار تلوث الهواء على البيئة ، وتأثيره على الغطاء النباتي ، فإن الغازات المحترقة الساخنة تتصاعد في الجو بكميات هائلة، دون أن تستطيع النفاذ من غلاف الأرض الجوي، فترفع بالتالي معدل درجة الحرارة في الأرض، ما سيؤثر تأثيراً خطيراً على ارتفاع منسوب البحار والمحيطات نتيجة ظاهرة الدفيئة وذلك بذوبان بعض ثلوج القطبين ، والثلوج الدائمة في الجبال العالية. الأوزون لا يسمح سوى بمرور بعض هذه الأشعة إلى الأرض،والذي يصل إلى الأرض منها أن تمتص طبقة الأوزون الكمية الأكبر يفيد الحياة ولا يضرها،وإذا تخربت هذه الطبقة ، تشربت الأشعة فوق البنفسجية دون حاجز لتسبب الدمار والكوارث على الحياة في الأرض .. وتلوث المياه بالنفايات الصناعية قد تقلل من الحياة في الأنهار والبحار والبحيرات وقد يشذ نوع معين متحدياً سموم هذه النفايات،ومغيراً من طبيعته الوراثية،بحيث يجعل هذه السموم غذاء له،ولا يتأثر بها تأثيراً سلبياً وهذا ما يسبب القلق لخبراء علم الحياة . |
|