تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


التطرف هو التطرف

معاً على الطريق
الثلاثاء 3-7-2012
خالد الأشهب

قبل أيام فقط , باتت كنيسة المهد في مكان ولادة السيد المسيح في بيت لحم في الضفة الغربية لنهر الأردن في فلسطين المحتلة في جنوب سورية

« بلاد الشام « .. باتت على قائمة اليونسكو للتراث العالمي وقائمة التراث المعرض للخطر والذي ينبغي الحفاظ عليه , وبإجماع عالمي لم تخترقه سوى إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية ... ابتهج الفلسطينيون واكتأب الإسرائيليون .. وانزعجت أميركا وأسفت لقرار اليونسكو !‏

أعرف جيدا لماذا ابتهج الفلسطينيون , وأعرف جيدا أيضا لماذا اكتأب الإسرائيليون , لكنني لا اعرف أبدا ولا أريد أن اعرف لماذا أسف الأميركيون وانزعجوا وضاق صدرهم , ولماذا رفضوا ضم الكنيسة إلى قائمة التراث العالمي لحمايتها من الخطر .. وهم كما يدعون مسيحيون محافظون , ومتحضرون مثقفون وإنسانيون مرهفوا الحس والضمير !!‏

قبل عشر سنوات من اليوم دمر المتطرفون المسلمون الأفغان « طالبان « تماثيل بوذا الضخمة والشهيرة والرائعة في منطقة باميان بأفغانستان , عتب العالم وتألم من اجل التماثيل المحطمة ووصف الأميركيون حينذاك الفاعلين بأقذع الأوصاف , منها مثلا أنهم همجيون جهلة وبدائيون متخلفون ومتطرفون قتلة .‏

ومنذ عشرات السنين , وبالذات منذ العام 1967 يحفر الإسرائيليون سرا , وبخبث ولؤم أشد وطأة من غباء طالبان وهمجيتها , ودون وسائل إعلام وعدسات تصوير .. يحفرون أنفاقا وخنادق تحت المسجد الأقصى وجدرانه وأركانه بانتظار هزة أرضية طبيعية خفيفة أو مصنعة, تحيل المسجد ركاما وأثرا بعد عين , ودون أن يرف للأميركيين جفن أو تعتلج في صدورهم إنسانية .. ولماذا يفعلون ذلك إذا كانوا يريدون لكنيسة المهد مستقبلا المصير الذي يريده الإسرائيليون للمسجد الأقصى اليوم ؟‏

ومنذ خمسة عشر شهرا يذرف قادة أميركا الدموع مدرارا , ويعتصر قلوبهم الحزن والأسى على حرية السوريين المكبلة وديمقراطيتهم المضيعة , ومثلهم أتباعهم من التقاة الأطهار الورعين الجوالين بين افغانستان وإسرائيل والخليج وليبيا وتونس وغيرها . يذرفون الدموع ويتسللون .. ويسفكون دماء السوريين !‏

التطرف هو التطرف ... أعمى وهمجي ومدمر ولا إنساني , حتى لو بدا بدائياً همجياً في إسلام أفغانستان , أو ناعماً مسلفناً لماعاً في مسيحية أميركا , أو خبيثاً ساماً ولئيماً في يهودية إسرائيل‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية