تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الخط الأخضر... إلى أين ؟

عن موقع: common dreams
ترجمة
الأربعاء 4-7-2012
ترجمة : خديجة القصاب

يقول كاتب هذا المقال أفرهام بيرغ ويشغل حالياً منصب رئيس الوكالة اليهودية إضافة لترؤسه المنظمة الصهيونية العالمية مؤخراً : رغم دخول عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين في نفق مظلم

إلا أن هناك بصيص أمل لا يزال يلوح في الأفق والدليل على ذلك تبني حكومة لندن عام 2009 معايير تندرج في قائمة قوانين حماية المستهلك أقرها الاتحاد الأوروبي آنذاك تتعلق بحظر وضع ملصقات على منتجات وبضائع يجدها المواطن الأوروبي مرصوفة فوق رفوف مخازن الاتحاد التجارية أنتجتها المناطق الفلسطينية المحتلة دوّن فوقها عبارة « صنع في إسرائيل » .‏

كذلك كشف اللقاء الذي جمع قبل أيام وزراء خارجية مجلس الاتحاد الأوروبي وعقد في بروكسل جاهزية دول في هذا الاتحاد للسير على خطا المبادرة البريطانية الآنفة الذكر على غرار الدانمارك التي أعلنت استعدادها لتبني موقف لندن على هذا الصعيد .‏

كذلك تعهدت حكومات الاتحاد الأوروبي بعدم إدراج البضائع القادمة من إسرائيل على جدول المنتجات التي تتمتع بأفضلية العبور إلى أسواق الاتحاد الأوروبي خلافاً لما تنص عليه اتفاقية صادقت عليها كل من بروكسل وتل أبيب سابقاً اعتبرها الاتحاد تخدم المصالح الإسرائيلية فحسب .‏

ويرى المراقبون أن تلك الخطوات جاءت لدعم ما أطلق عليه الاتحاد عام 1967 الخط الأخضر وبالتالي اعترفت دول الاتحاد بتلك الحدود التي تم الدفاع عنها اليوم ويأتي هذا الخط الذي تم تنقيطه قبل التاريخ المذكور أي عام 1967 ليفصل بين المناطق الفلسطينية والإسرائيلية المحتلة أليس الخط الأخضر أهم ورقة رابحة بإمكانها لعب دور في عملية إحلال السلام في الشرق الأوسط ؟ فالخط المذكور تم رسمه بحبر أخضر فوق خرائط تفصيلية افترشت طاولة التوقيع على اتفاقية وقف إطلاق النار بين إسرائيل والدول العربية عام 1949 لكن ما يدعو للأسف أن الحدود التي رسمها هذا‏

الخط المدعو الأخضر كتب لها البقاء والاستمرار فقط حتى عام 1967 وسرعان ما اختفى هذا الخط الأخضر منذ ذلك الحين من الخرائط الرسمية للحكومة الإسرائيلية وعن أرض الواقع .‏

وقد حظر على المدارس الإسرائيلية التطرق لسيرة هذا الخط أو تناول اشكالياته من المناهج التعليمية في أي وسيلة تربوية إسرائيلية .‏

فالمشاريع الاستيطانية الإسرائيلية ذات البرامج التوسعية تتمخض في نهاية المطاف عن محاولات لاقتلاع هذا الخط من جذوره ومن صفحات الخرائط والجغرافيا معاً إذ لايزال توسع المستوطنات الإسرائيلية يعمل جاهداً وبشكل يومي لمحو هذا الخط عن الخارطة الفلسطينية من خلال بناء وحدات سكنية جديدة لتوطين 500000 مستوطن يهودي داخل الأراضي المحتلة بذلك يتحقق حلم بن غوريون وأمثاله من القادة الإسرائيليين في تجاهل هذا الخط وحتى نسيانه وبالتالي الحيلولة دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة .‏

وكما هو متعارف عليه فقد بات واضحاً منذ مطلع الخمسينيات من القرن الماضي أن أي أرض يتم ضمها إلى داخل حدود هذا الخط الأخضر تتمتع بالشرعية لاحقاً طبقاً للدساتير الإسرائيلية وأن أي أرض تقع خارج حدود هذا الخط تعتبر ملكيتها لا شرعية ولا تخضع لمفاهيم الديمقراطية الإسرائيلية لأنها لا تنتمي إلينا، يستطرد كاتب هذا المقال وليس جزءاً من ممتلكاتنا ليتابع افراهام يبدو أن الشعب الإسرائيلي مصاب بالعمى وأن آذانه أصابها الصمم كما هو حال تشكيلة حكومة نتنياهو اليوم وقد أصابها الوهن والضعف لذلك ففي الأحوال الراهنة يصبح المجتمع الإسرائيلي المدني بحاجة ماسة لحقنه بدماء خارجية تعيد إليه نشاطه وحيويته مع تسليط الضوء على ما لحق به من دمار جراء العمى السياسي المهيمن على تل أبيب وليعلم كل إسرائيلي انه سيستحيل لاحقاً معاملته كأحد أفراد شعب ينتمي « للكيان الديمقراطي » الوحيد في الشرق الأوسط بينما يشكل الإسرائيليون على أرض الواقع آخر معقل للاحتلال والاستعمار في العالم الغربي اليوم .‏

فانطلاقاً من هذا الطرح لا يعتبر من يقوم بايصال رسائل تحمل هذا العنوان ( يقصد بيرغ قلمه ) معادٍ للسامية ومناوئ لإسرائيل كذلك يجب النظر إلى المستوطنين الاسرائيلين ومن يدعمهم باعتبارهم الأعداء الفعليين لمستقبل إسرائيل بمن في ذلك الحلفاء السياسيين لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو .‏

ويتابع بيرغ أن استعمار الأراضي الفلسطينية ماوراء الخط الأخضر يجعلنا نسير في الاتجاه المعاكس الأمر الذي يولد التطرف والأصولية في صفوف الاسرائيلين الذين يعادون النهج الديمقراطي مما يهدد بتقويض التمدن والتطور لدى المجتمع الإسرائيلي ويعلق بيرغ قائلاً : لقد اتخذت قراراً بمقاطعة أي منتج قادم من المستوطنات اليهودية لأني لن أعبر الخط الأخضر ولن أثير المشاحنات حول هذه الحدود حتى لو كانت ترتبط بقضايا عائلية فأي أمر يحدث على الجانب الآخر من الخط الأخضر هو بمثابة الوجه المظلم بالنسبة لإسرائيل .‏

فهوية هذا الكيان تتصف بالشر والعدوانية والتعصب والتحجروتكشف عن وجهها‏

الفعلي على الجانب الآخر من الخط الأخضر ويختم الكاتب مقاله بالقول : إن الامتناع عن وضع لصاقات دوّن عليها « صنع في إسرائيل» على المنتجات القادمة من المستوطنات واسقاط ميزة أفضلية دخول تلك البضائع إلى دول الاتحاد الأوروبي يعتبر خطوة رمزية في الظاهر لكن في خضم الظروف الاستثنائية الحالية تشكل تلك الخطوة قفزة جبارة تصب في مصلحة عملية السلام التي أصبحت مؤخراً عصية عن التحقق أكثر من أي وقت مضى .‏

وبخلاف ما قيل لنا يتابع افرهام لا تعتبر تلك الخطوة الآنفة الذكر مقاطعة شاملة لإسرائيل إنما هي علامة فارقة ذات بعد أخلاقي تؤكد على الازدواجية الإسرائيلية في المعايير : ازدواجية القوة الإسرائيلية النفسية وازدواجية لقدراتها العسكرية المدمرة وفي حال انتصرت تلك الأخيرة فإن الخط الأخضر سيتجاهله الوعي الإسرائيلي وينساه واقعهم المعيشي هناك لكن ذلك سيؤدي إلى زوال إسرائيل في نهاية المطاف .‏

 بقلم : « أفرهام بيرغ »‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية