تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


السوريون يستحقون

البقعة الساخنة
الأربعاء 4-7-2012
خالد الأشهب

أحاطت باجتماعات مجلس استنبول مع ما تيسر له من أطياف المعارضة السورية في القاهرة جملة من التناقضات والإشكاليات التنظيمية والسياسية , أبقتها في الفوضى حيث هي أصلا بدلا من أن تذهب بها إلى التوحيد والتجميع حيث عجزت دائما وتعجز اليوم , والسبب في ذلك ليس جديدا أو مستجدا , بل هو الحالة التشريحية والطبيعية التي عاشها مجلس استنبول وبعض امتداداته واستطالاته منذ الإعلان عن توليفه في وقت مبكر من الأحداث في سورية .

إخفاق مثل هذه الاجتماعات اليوم وسابقاتها من قبل يعكس إخفاقها الموازي في استقطاب الشارع السوري أولا , وفي التعبير عن تطلعات هذا الشارع وطموحاته منذ بداية الأحداث كما اليوم تماما . ولأنها كذلك من حيث افتقادها الشارع والمشروع والمشروعية , فقد ضمت مجرد رموز وأسماء شخصية متعددة الهوى والمطامع والولاءات الخارجية, دون أي قواعد شعبية داعمة أو مؤثرة في الداخل السوري , وتحولت إلى أدوات وبيادق شطرنج تتحرك حسب هذه الولاءات وحسب جوقة الممولين الخارجيين لها بوصفها مشروعا سياسيا استثماريا لهم لا بوصفها معارضة سياسية.‏

ولعلها الحالة الاستثنائية النادرة بين تجارب التحول السياسي والتغيير في الدول والمجتمعات , أن يكون الشارع الشعبي أكثر وعيا سياسيا وإدراكا مصيريا من النخب التي تدعي تمثيل هذا الشارع والنطق باسمه , وهذا هو السبب الأول لإخفاق هذه النخب في استقطاب الشارع السوري وخداعه من جهة أولى , وفي عزوف هذا الشارع عن الانجرار وراء نخب غريبة عنه من جهة ثانية .. كما حدث في حالات أخرى من الحراك السياسي في البلدان العربية تحت عنوان « الربيع العربي » !‏

بالتالي , وإذا كان لا بد من حراك حقيقي معبر ومن تغيير سياسي أصيل ومتدرج , فإن الشعب السوري , وبما أظهره من مقومات الوعي والإدراك والوحدة والتماسك في محنته الراهنة , يستحق معارضة سياسية حقيقية مختلفة وبرموز وأصوات مختلفة , وطنية وملتزمة بالضرورة وغير مرهونة أو مرتبطة لما هو غير وطني , معارضة تبحث عن مزيد من الوحدة والاستقلال والسيادة لسورية الوطن والشعب وليس عن احتلالات ووصايات وانتدابات خارجية ؟‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية