|
دراسات حيث بدأت تلوح في الأفق معالم جديدة لمرحلة مختلفة من التعاطي مع القواعد والمعادلات المرتسمة على الأرض والتي باتت حقائق ثابتة يستحيل تجاهلها أو حتى مجرد التفكير بتغييرها. من عمق الحدث، تبدو ملامح الانهيار واضحة على الجسم الإرهابي برمته، فيما الولايات المتحدة الأميركية والنظام التركي مربكان على وقع خلافاتهما بشأن ما يسمى المنطقة الآمنة المزعومه، ففي الوقت الذي لاتزال فيه الأولى تبحث عن مساحات جديدة للمناورة والابتزاز وغرس أقدامها في الجغرافيا السورية عبر التصعيد والتسخين من خلال تقديم كافة أشكال الدعم لمرتزقتها وميليشياتها في منطقة الجزيرة لارتكاب المجازر والجرائم بحق الأبرياء والمدنيين، نجد أن النظام التركي هو الآخر يجهد لخلق مساحات للخداع والزيف والاستثمار في تقاطعات المصالح والتقلبات، وهذا ما يعزز حقيقة سقوط المشروع الاحتلالي للأميركي والتركي برغم كل الإيحاءات والتصريحات التي تحاول تجميل العلاقة الأميركية التركية على أنها جيدة وتثمر اتفاقات مفيدة على الأرض لتأمين المصالح المتبادلة بين الطرفين، لكن هذا لا ينفي وجود نقاط تقاطع وتلاقٍ كثيرة للأطماع تجعل من كلا من الطرفين أكثر تشبثاً بالآخر برغم نقاط الاختلاف والافتراق الكثيرة، وهذا ما بدا واضحاً بعيد الاتفاق المزعوم بينهما على إقامة ما يسمى (منطقة آمنة)، حيث يواصل أردوغان ضغطه على الولايات المتحدة لإجبارها على تنفيذ تفاصيل الاتفاق المزعوم مهددا بتنفيذه من طرف واحد في حال رفضت الأخيرة الالتزام بالتنفيذ، فيما تواصل الإدارة الأميركية مماطلتها وتهربها من تنفيذ الاتفاق انطلاقا من خططها وأهدافها المبيتة ليس لسورية فحسب بل للمنطقة بأسرها، كونها ترى في مشروعها مع الميليشيا الانفصالية «قسد» خطة شيطانية قد تستطيع من خلالها إحياء أوهام انفصالية على مستوى دول المنطقة. الشق السياسي كان حافلا بالتطورات الإيجابية حيث أعلن المبعوث الدولي الخاص إلى سورية غير بيدرسون أنه أجرى مباحثات «ناجحة» في دمشق بموضوع لجنة مناقشة الدستور، وهذا ما أكده الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي أعلن بعد ساعات من إعلان بيدرسون عن تشكيل اللجنة التي بدأ العمل على صياغتها وتشكيلها بداية العام الماضي، وجاء إعلان غوتيريش في وقت جددت دمشق على لسان وزير الخارجية وليد المعلم، التزام سورية بالعملية السياسية، مبدية استعدادها لمواصلة التعاون مع المبعوث الخاص لإنجاح مهمته بتيسير الحوار السوري - السوري للوصول إلى حل سياسي بقيادة الدولة السورية، بالتوازي مع ممارسة حقها الشرعي والقانوني في مكافحة الإرهاب، وفقاً لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وكل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة. ما هو مؤكد أن مخاضات لحظة الحسم بدأت تلوح في الأفق، وهذا ليس استنتاجاً، بل قراءة موضوعية لتسلسل الأحداث خاصة خلال المرحلة الأخيرة لاسيما بعد القمة الأخيرة للدول الضامنة، التي أرست واقعا جديدا يفرض على الأميركي والتركي مقاربة المتغيرات والوقائع الثابتة بكثير من الموضوعية والجدية خصوصا فيما يتعلق بالتعامل مع ملف الإرهابيين المتواجدين في مدينة إدلب الذين يرتبطون به في وقت لم يحسم فيه أردوغان أمره بعد ولم يحدد بوصلة تحالفاته في أي اتجاه، أهي في اتجاه الأميركي والأوروبي والإسرائيلي ومشاريعهم الاحتلالية والاستعمارية والإرهابية والاقتصادية، خاصة وأن الولايات المتحدة قد أمسكته من الذراع الذي تؤلمه - ورقة الأكراد-، أم هي في اتجاه روسيا وإيران ومحور الدول المؤثرة والصاعدة على المسرح الدولي والتي تؤمن له طيفاً واسعاً من رغباته وطموحاته بالصعود إلى المنصة الإقليمية كونها تلبي له جزءاً كبيراً من طموحاته الاقتصادية على المستوى الداخلي والخارجي في ظل بقعة الإرهاب المظلمة التي تزداد تمدداً وانتشارا ليس في المنطقة والعالم فحسب، بل في الشارع التركي لاسيما بعد مسلسل الانتهاكات والاعتقالات الذي يواصل حلقاته وفصوله ضد معارضي حزبه، الحزب الذي بدا سوس الصراعات والخلافات ينخر فيه بسرعة ملفتة. |
|