|
آراء والمثل ( من يتلقى العصي ووجع الضرب ليس كمن يعد العصي أو كمن يضرب) في غاية الحزن لا في غاية الفرح ... في الجرح الوطني المتأزم والملتهب لا تحصل فوارق كبيرة بين العصي والمتفرجين والمضروبين... الجميع في وجع الوطن عصي وألم.. والفرحة عيب من العيوب، وأحياناً تقاعس وركاكة إنسانية أبشع من الضرب والعصي والعد والضرب. الوطنيون يعلقون الغيم و(نياشين) الحب والأمطار. الوجدانية على حيطان القلوب خوفاً من شدة القحط، ورغبة اليأس التي في الحارات والحواكير والعواطف وبساتين التأملات والتمتمات. أن يجتهد اليأس في نشر قمصان تعابيره على أجساد التمنيات عيب روحي فاجع، لكن: ما الحيلة، إذا احتشدت الأوجاع كثيراً؟!؟ أجمل البيوت قيمتها الكبرى ليست بالحيطان فقط، وليست بالعتبات والسوق فقط، أجمل البيوت بالشبابيك والضوء الذي يتبادل مع القاطنين الوعود والعهود وأمجاد اللقاءات والتنور والشمس... مع عدم التهجم على الأسرار والزوايا والغرف الداخلية والنوم وطمأنينة الليل.... في مستنقع الوقت المشتت تفكيره بين أوجع الأفكار وأصعب الأخبار ينصبون رايات حبهم ويرفعون سارية الوقت الوطني والكرامات.... الفقراء الوطنيون كرماء وطيبون ويبذلون ما عندهم، لكنهم بخلاء جداً وحريصون جداً بمقادير كراماتهم ومخازين قناعاتهم وأمانهم ونظافة أرواحهم... يطعمون حقولاً وبيادر وخبزاً كثيراً... أما الكرامات فهي عند الضرورات الوجدانية والحقائق الوطنية... يدعمون الحقيقة بالكرامة، كما تدعم النساء الأرغفة بالملح والزيت والسمسم وحبات البركات... حين تمتد الأيدي لتلمس الكرامات... حينها يعرف الأحباب أن وقتهم الوطني في خطر فتمتد الأيادي في ذات الزمان إلى زناد التضحية والعطاء الكبير الذي يليق بزمان الوطن. يتامى ومشردون ولاجئو عواطف وروح وأبوة حين يفلت من أصابع القلوب زمان الوطن... لا يحمي الأفئدة من خرابها الشاسع سوى الوطن وأزماته. أزمة الوطن عتاب شديد الوعورة والقسوة وعلى قدر المحبة العتب كبير. الوطن الغالي يعاتب الأولاد والبنات بأزماته وضائقاته كما تعاتب الفصول الحقول بالعواصف وامتحانات البرد... تعبر الوقت من موت إلى موت، ليست من أجل الهلاك أو احترام الفلتان الروحي والوداعات الكاسرة والقاسية يسامر الوقت في بريات الحياة ومن أجلها، ويحطب في غابات اليباس الصعب بحثاً عن أغصان النجاة وشاطئ نجاح مشرف. من موت إلى موت الوطن يوزع الحب وكرامات الألفة واليقظة والشجاعة... وينشر في الأعالي والسفوح والسهول المطر على جبال الأنين والحنين واللحظات والسنين، كالغابات المبكرة في قطف ثمار النهار والعيش الكريم... عند البسطاء من المحبين الوطنيين وهم حاشية الوطن ونواطيره أساه وآماله عندهم ملاقط بسيطة جداً ومؤثرة في عقل ثياب الغيمات وسترات البروق ومناديل الشروق... وعندهم همة الإيمان والكيان والمكان والزمان... فيعلنون أنهم لغة أبدية في بقاء الخير، وأنهم تمسك عصيب بثقافة بساطتهم وقناعات التراب والأحباب والشبابيك والعتبات والأبواب. فقراء الوطن الطيبون ينشرون قوة قلوبهم ويمسكون بالحداد والوداع وهم يقرؤون الفواتيح على الذين يحيون ويحبون. يدافعون عن وقتهم الوطني الذي هو أب من روح وطين للأوقات الباقية... يفدون الوقت الوطن بجميع الزمن. |
|