|
ساخرة من ذلك أنها سافرت مرة إلى قرية أم الشقوق لإحياء حفلة. وركبت القطار لأول مرة في حياتها. ونظرت مشدوهة من نافذة القطار، واكتشفت أن الأشجار وأعمدة الكهرباء تجري في الاتجاه المعاكس لسير القطار. ومدت رأسها من النافذة لتتابع هذا المنظر الممتع. لكن والدها أمسك بها من ثيابها، ونبهها من خطر السقوط خارج القطار. وعندما وصل القطار إلى محطة القرية، رفضت الطفلة أم كلثوم النزول من القطار إعجاباً به، وتمسكت وصممت على البقاء فيه. فوعدها والدها بالعودة الى قريتهم بالقطار بعد أن ينتهوا من الحفلة في الليلة نفسها، وأقسم لها على ذلك فاقتنعت وغادرت القطار. وفي قرية أم الشقوق وقفت أم كلثوم على السدة لتغني. وقبل أن تبدأ الغناء حدث شجار بين الجمهور استمر لساعة كاملة. ثم بدأت أم كلثوم تغني بعض التواشيح الدينية. وما إن انهت التوشيح الأول حتى حدث شجار آخر. فتوقفت ثومة عن الغناء حتى انتهت المشاجرة. وعادت للغناء ثانية. وما إن انتهت من التوشيح الثاني حتى عاد الشجار من جديد. وتكررت المسرحية، فكانت حصيلة الليلة أن استغرقت الحفلة أربع ساعات: ثلاث ساعات ونصف منها شجارات ونصف ساعة غناء من أصل البرنامج الذي مدته ساعتان، وبعد انتهاء الحفلة عادت أم كلثوم إلى قريتها بالقطار كما وعدها والدها وعلى ضوء هذه الحفلة قرر الوالد أن يضع برنامجاً مدته نصف ساعة في الحفلات القادمة في القرى، على أساس أن بقية الوقت سيخصص للمعارك الحامية بين الجمهور. وحدث أن ذهب الوالد وأم كلثوم وشقيقها خالد لإحياء حفلة في قرية على البحر شمال مدينة دمياط. وفي بداية الحفلة وقفت أم كلثوم صامتة تنتظر بدء الشجار، لكن الجمهور ظل هادئاً. فقدمت التوشيح الأول وصمتت من جديد بانتظار الشجار، لكن الجمهور ظل يستمع إليها بإنصات وأدب شديدين. فقدمت التوشيح الثالث والرابع ولم يحدث أي شجار وانتهى البرنامج المقرر في نصف ساعة. ووقع الشيخ ابراهيم والد أم كلثوم في حرج شديد، وكان يفكر خلال الحفلة كيف يشعل فتيل الشجار لكنه فشل. واضطرت أم كلثوم لإعادة البرنامج المقرر في نصف ساعة عدة مرات حتى انتهى وقت الحفلة. بعد أن خذلهم الجمهور. |
|