تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


اليمن.. تمويل التطرف ومبادرات على المقاس الأميركي

قاعدة الحدث
الخميس 27-12-2012
إعداد: عزة شتيوي

«عندهم مال لا يعرفون كيف يتصرفون به يريدون أن يكونوا دولة عظمى في المنطقة.. دولة عظمى من خلال قناة الجزيرة، إن قطر هي الآن من تقوم بتمويل الفوضى في اليمن وفي مصر وفي سورية وفي كل الوطن العربي».

بهذه الجملة اختصر الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح دور قطر في التآمر على اليمن وتصنيع الفوضى ووضع المبادرات والحلول السياسية لما تقوم به على قياس الأهداف الأميركية وخاصة أن قطر هي الذراع الأميركي في المنطقة وهي دويلة صغيرة تضم قاعدة عسكرية أميركية.‏

لم يبدأ التدخل القطري في شؤون اليمن مع أحداث ما يسمى «الثورات أو الربيع العربي» بل كانت قطر قبل ذلك تلعب دوراً بارزاً في إثارة النزاعات السياسية في اليمن ومع بداية الأحداث في الوطن العربي ومحاولة الامبريالية العالمية بقيادة أميركا تنفيذ مشروعها الفوضى الخلاقة تحت شعار «الثورات» وجدت قطر فرصة ذهبية ودخلت بكل إمكاناتها المادية والإعلامية والسياسية لدعم الفوضى وشراء المعارضين في اليمن وكان وزير خارجيتها هو أول طرف دولي دعا الرئيس السابق علي عبد الله صالح للتنحي عن السلطة.‏

وكشفت مصادر أوروبية بتاريخ 20 نيسان 2011 أن الحكومة القطرية انفقت خلال الفترة التي سبقت هذا التاريخ عشرات ملايين الدولارات لتمويل أنشطة احتجاجية خارج اليمن مناوئة للرئيس صالح ولاستقطاب عدد من السفراء والقناصلة وأعضاء البعثات الدبلوماسية اليمنية ولتأمين تحرك قيادات يمنية لتعارض وأمنت حركتها بين عدة عواصم كما قامت بدفع 6 ملايين دولار للوفد اليمني ليشارك في اجتماعات الرياض مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي كما قامت قطر بتسخير اعلامها الممثل بالجزيرة ومالها لتشويه الحقائق وتسيير مظاهرات بقيادة مرتزقتها في الداخل مع تعزيزها لحركة الاخوان المسلمين والذي قد دعمتها سابقاً بـ 17 مليار شهرياً ضد النظام اليمني حيث عملت على تجيير الاحتجاجات لحساب حركة الاخوان الذين يعدون حلفاء قطر في المنطقة حالياً وهي من تقود تحركاتهم في ليبيا وتونس واليمن ومصر.‏

ولم تتوقف قطر عند هذا الحد فقد كشفت وثيقة نشرتها إحدى الصحف الأوروبية عن مؤثرات التورط القطري في محاولة اغتيال الرئيس علي عبد الله صالح وكبار قيادات الدولة من خلال إفصاح الوثيقة عن برنامج تمهيدي للتضليل حول الهجوم الذي طال مكان محاولة الاغتيال والتشكيك مسبقاً بنتائج التحقيق وبالنوايا وتأجيل حملة أعدت لإبراز دور قطر في ما يسمى الثورة اليمنية إلى حين التخلص من قائد الحرس الجمهوري نجل الرئيس صالح وتفكيك الآلية العسكرية للحرس.‏

كما كشف ديبلوماسي قطري بتاريخ 15 تشرين الثاني عام 2011 عن مرسوم أميركي عممته وزارة الخارجية القطرية على عدد كبير من سفاراتها يلزم السفراء شخصياً بالتنسيق لجمع الأنشطة والتحركات الخارجية لقوى المعارضة اليمنية والتعمق بالمشورة والانفاقات المالية اللازمة.‏

وأكد المصدر القطري أن الخارجية القطرية أبلغت سفرائها بمرسوم حمد بن خليفة آل ثاني يوم 22 تشرين الأول من العام 2011 في أعقاب إصدار مجلس الأمن الدولي قرارة 2014 حول الأزمة اليمنية مبيناً أن بلاده هي التي وضعت برنامج التحرك الخارجي للمعارضة اليمنية للتأثير على مواقف الدول الأعضاء وبعد اجتماع مجلس التعاون الخليجي وتقديمه مبادرة للحل في اليمن انسحبت قطر من المبادرة الخليجية لأنها رأت فيها امتيازات لصالح النظام الذي يعد خصماً لها وبين اعلان المبادرة الخليجية وتوقيع صالح عليها عملت قطر على دعم الاحتجاجات ضدها من خلال دعم مالي كبير كانت تقدمه على وجه الخصوص لقادة المعارضة ممن ينتمون للإخوان المسلمين. وبعد خروج علي عبد الله صالح من السلطة صرح الأخير عن دور الدوحة بتخريب أمن اليمن واستهدافها للمؤسسة العسكرية اليمنية كما حملها المسؤولية عن التداعيات المستقبلية للوضع بسب تدخلها الذي وصفه بالسافر في الشأن اليمني. ومع وصول الرئيس عبد ربه منصور هادي للسلطة ضغط الاخوان المسلمون على الرئيس الجديد للتوجه صوب قطر سياسياً كما فعلوا ذلك من قبل مع رئيس الوزراء محمد سالم باسندوة حيث أقنعوه بأن يعلن أول زيارة له ستكون إلى قطر ليعود بعد يومين وينفي ذلك ويؤجل زيارة قطر إلى ما بعد زيارة المملكة لكن القطريين لم يستقبلوه باستثناء ولي العهد الأمر الذي عد مؤشراً على طمع قطر في لعب دور كبير في اليمن واحتجاجها على تأجيل زيارة سالم باسندوة للدوحة إلى ما بعد الرياض.‏

بدوره استطاع اللواء على محسن الأحمر التأثير على الرئيس الجديد بالتوجه إلى قطر لبحث عدد من الملفات في الداخل منها ملف التعيينات في الوظائف الحكومية العليا ومنح الاخوان المسلمين مناصب كبيرة في الدولة والجيش وهو الأمر الذي طرحه الجانب القطري واسفرت زيارة هادي للدوحة عن حصول الاخوان على مناصب مهمة في الجيش والمؤسسات الحكومية وأجهزة الأمن حيث تم تعيين أكثر من 22 من كوادرهم في مناصب ذات أهمية كبيرة بعد الزيارة بأيام قليلة.‏

الأمر الذي أغضب المعارضين فشنوا هجوماً على الرئيس اليمني هادي وانتقدوا تعيناته الأخيرة وقالوا إن ما حدث في اليمن ليس له علاقة بالتغيير ولا يعد سوى انقلاب بدأت فصوله وملامحه تتشكل في قطر التي استمرت في تدخلها السافر في اليمن وتسعى لعدم استقراره خاصة أن لها مشروعاً كبيراً فيه.‏

يرى مراقبون أن ما حدث في اليمن كان ممكن أن يتم حله بالتوافق الشامل بين كل الأطراف خاصة أن الاحتجاجات التي بدأت في العاصمة والمحافظات قوبلت بعروض سخية من قبل القيادة اليمنية ورئيسها السابق علي عبد الله صالح لكن المعارضة كانت تصر على رفضها تلك العروض رافعة السقف باستمرار ما أكد للمتابعين المحليين والاقليميين والدوليين أن جانباً مهماً من جوانب استمرار حالة التوتر في الوضع اليمني لم يكن يرجع لتصلب النظام ورفضه لخصومه بل لتعنت المعارضة التي كانت تضغط عليها قطر و تغريها بفائض من الأموال.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية