تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ما بعد معركة حلب

نافذة على حدث
الأربعاء 3-8-2016
فؤاد الوادي

تعكس الارتدادات القوية التي لا تزال تُخلفها معركة حلب تباعاً في السلوك الاميركي، تعكس أهمية المعركة وضرورتها في هذه المرحلة الحاسمة – الربع ساعة الاخيرة - التي يستشرس فيها الاميركي وحلفائه وادواته لتحقيق حلم إسقاط الدولة السورية بعد نفاد كل الخيارات واحتراق جل الاوراق التي كانت تراهن عليها الولايات المتحدة حتى ما قبل معركة حلب.

التوتر والقلق الاميركي بدا واضحا خلال اليومين الماضيين، ويبدو أنه مرشح للتصاعد خلال الايام القليلة القادمة وقد يفضي الى دفقة جديدة من المواقف والحماقات والخيارات التي أصبحت من الماضي السحيق كردة فعل طبيعية ومتوقعة من الولايات المتحدة لتدارك الموقف وتجاوز المأزق الجديد الذي وضعتهم فيه الدولة السورية وحلفائها بعيد هجوم حلب المباغت – تحريك الجبهة الجنوبية يندرج ضمن خيارات الضرورة التي ما تزال تركنها واشنطن على الرف لاستخدامها عند كل عثرة أو سقوط أو انتكاسة متجاهلة أن تلك الخيارات نهشتها منذ زمن طويل التطورات والمتغيرات المتلاحقة في الميدان.‏

ما هو مؤكد أن معركة حلب التي يديرها الجيش العربي السوري بكل حنكة وحرفية عالية لجهة الشكل والاسلوب والتوقيت، والتي يحقق فيها إنجازات نوعية وصادمة لأطراف التحالف الاميركي وادواته.. ما هو مؤكد أن هذه المعركة الحاسمة لجميع الاطراف قد خلطت الحسابات وبعثرت الاوراق التي كانت الولايات المتحدة تستعد لرميها قريباً على طاولة المفاوضات والاتفاقات التي في حلقة جديدة من مسلسل الزيف والخداع الذي تخرجه الاخيرة قضماً للوقت بما يمكنها من التقاط انفاسها ولملمة الكثير من الخيوط التي كانت تمسك بها، وبالتالي إعادة رسم أولوياتها بما يتناسب مع المعادلات والقواعد الجديدة المرتسمة على الأرض والتي تحاول بائسة تغييرها عبر التسعير والتسخين تارةً، والمناورة والمداورة تارةً اخرى.‏

بحسب المعطيات والمؤشرات المتواترة من الميدان، فإن مرحلة ما بعد معركة حلب ستختلف عما قبلها، وهي بلا شك ستعيد صياغة المشهد الدولي لجهة التحالفات والاتفاقات الدولية وستؤسس بالضرورة لمرحلة جديدة في الحرب على الارهاب لجهة دفعها الأميركي وحلفاؤه الى طاولة الحل السياسي كخيار أخير و وحيد لابد منه لإنهاء معاناة الشعب السوري من جهة ، والقضاء على الارهاب المتنامي والمتمدد إلى كل الجهات من جهة اخرى، وهذا لن يكون إلا بتعاون حقيقي وجاد مع الدولة السورية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية