تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في الذكرى الثلاثين لانتصار الثورة الإيرانية..ممانعة سورية وإيران..الجذور والآفاق

دراسات
الخميس 5-2-2009م
علي الصيوان

في الأول من هذا الشهر، حلَّ خالد مشعل ضيفاً على طهران. فدارت عجلة التفسيرات المتعمدة تشويه طبيعة ومقصدالزيارة.

المفسرون في إعلام ناطق بالعربية، استحضروا الثابت الأساسي الذي ينتظم شبكة إعلامية نشطة تستنسخ تراثاً لها في تشويه علاقة الاتحاد السوفييتي بالعرب. وهم يسحبون «أدبيات» هذا التراث، الحافل بالمغالطات والهرطقة، لتصنيع عداوة بين العرب وايران. ثم بين العرب وتركيا وروسيا الاتحادية. أي حيث يبحث العرب عن ظهير دولي يمكن الاعتداد به في مواجهة الخطر الصهيوني المحدق بالعرب جميعهم. أي حتى بمن يصنعون سياسة الإعلام المتصهين الناطق بالعربية.‏

ويبدو أن هؤلاء مطمئنون إلى أنهم مستثنون من الخطر الصهيوني لوقوفهم تحت مظلة الحماية الأمريكية راسمة قرار «اسرائيل».‏

وكما هو متوقع، فقد أسهبت شبكة الإعلام المذكورة بمناسبة زيارة مشعل لطهران، في نبش مخزونها من «معلومات» عن «المحور السوري - الإيراني»، البادية كمسلمات تنسجم مع إيحاءاتها بتفسيرات هذه الشبكة لزيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس للجمهورية الإسلامية. توطئة لتصنيف حماس بأنها، كحزب الله، موقع متقدم لإيران في الوطن العربي.‏

ومؤخراً بدت هذه الشبكة الإعلامية العربية كمن لسعه عقرب بسبب الموقف الإيجابي التركي من العدوان الاسرائيلي على غزة، والذي توَّجه السيد رجب طيب أردوغان بانسحابه من منتدى العولمة الرأسمالي في دافوس، المتحول إلى منبر لترويج الصفاقة الاسرائيلية في توصيف ضحايا العدوان بأنهم «ارهابيون».‏

وبه يتبلور أمامنا معيار لقراءة التشويهات التي شابت العلاقات العربية مع أي ظهير دولي للأمن القومي العربي، بدءاً من الاتحاد السوفييتي وحتى تركيا وروسيا الاتحادية، مروراً بإيران.‏

ومن دون أن ننكأ جراح أحد، فإن هذا المعيار هو الأمن القومي للأمة، الذي ينقسم حيال مستلزماته العرب، بين ساعين إلى ضمان هذه المستلزمات، وبين مبددين.‏

وربما كان أحد أهم مخرجات هذا الانقسام، طبقاً لهذا المعيار، هو ترتيب الأولويات لدى كل من شطريه، ومن ثم الإجابة عن سؤال: من هو العدو؟، ومايليه من تمييز بينه وبين الصديق، ثم بين صديق العدو وقوة اسناده وبين أصدقاء العرب الأكيدين والمحتملين.‏

وفي هذا الإطار يمكن تعيين المعنى الأوسع والأعمق لزيارة مشعل لايران، وزياراته المزمعة لأنقرة وموسكو، بكونها محمولة على البحث عن توفير مستلزمات الأمن القومي للعرب، في مجابهة العدو المحدد: «اسرائيل».‏

ولم يكن عبثاً أن يختار السيد خالد مشعل هذه العواصم ليشكرها على مساندة شعب فلسطين إبان تصديه للعدوان الإسرائيلي على غزة ولتهنئة طهران بالذكرى الثلاثين لانطلاقة ثورتها، بل لسبب جوهري، هو أن رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية - حماس، الذي يتخذ من دمشق مقراً، والذي يتبوأ مكانة مرموقة في النهج السياسي الوطني الفسلطيني المقاوم، إنما يمثل العنوان الأنسب لسياسة دعم هذه الدول الصديقة لكفاح شعب فلسطين من أجل استعادة الأرض والحرية، وخاصة بعد أن انضم توني بلير، منسق رباعية بوش «الدولية» إلى دعوة أردوغان لإحضار حماس في مقاربة الصراع العربي - الصهيوني في حلقته الفلسطينية.‏

ومرة أخرى. وكذلك دون أن ننكأ جراح أحد، نستطيع القراءة في أوراق ملف هذا الذي تسميه شبكة الإعلام العربي المتصهين بـ «المحور السوري - الإيراني»، من زاوية معيار الأمن القومي للأمة.‏

في الذكرى الثلاثين لانتصارات شعب ايران على نظام الشاه، «شرطي الخليج» الذي كانت واشنطن تقمع بهراوته جيرانه العرب، نستطيع أن نستخلص أن انتصار الثورة الإيرانية قد فتح آفاقاً واسعة أمام العرب لتعويض الفاقد الاستراتيجي المصري المترتب على الصلح المنفرد مع «اسرائيل»، والذي يتيح لـ «اسرائيل» أن تتفرغ للاستفراد بدول الطوق العربية الأخرى وهي مطمئنة إلى أن اتفاقية الدفاع العربي المشترك، صارت وراءها.‏

وقد امتحنت «اسرائيل» هذا الاطمئنان، في اجتياح جنوب لبنان، في آذار 1978، ثم في غزو لبنان 1982.‏

انطلاقاًَ من عقيدته القومية الصارمة في تحديد أن «اسرائيل» عدو، التقط القائد الاستراتيجي العظيم حافظ الأسد، اللحظة في المتغير الجيوسياسي الإيراني، وسارع إلى نسج أوطد العلاقة مع إيران الجديدة، المسترشدة بمقولة الإمام الراحل آية الله روح الله الموسوي الخميني، وهي أن «اسرائيل» غدة سرطانية.‏

وبمرور الزمن، وتوالي الامتحانات، توطدت جذور «المحور» السوري - الإيراني، وصمدت أمام محاولات استعداء ايران على العرب، وأمام الجهود المتعددة المستويات لاستعداء العرب على إيران، وفيها الإعلام المتصهين والسيولة النقدية ونقل البندقية من كتف إلى كتف.‏

وفي شكرخالد مشعل لإيران، على وقوفها سنداً لشعب فلسطين في كفاحه من أجل الأرض والحرية، دفن لمحاولات المذهبة في الاصطفاف الإيراني مع العرب.‏

وفيه أيضاً مرتسم للأفق الإيجابي الواعد لهذا الاصطفاف، الذي استشرفه القائد العظيم حافظ الأسد، والذي يشكل حجر الزاوية في مبنى سياسة التحالفات التي تعتمدها سورية بقيادة الرئيس بشار الأسد.‏

وربما يكون من شأن أهل الاختصاص من العسكريين تقويم المردود المتحصل للمساندة الإيرانية للعرب، على قاعدة مشاطرتهم، بالخيرات والخبرات، جهودهم لدفع الإرهاب الصهيوني، فإنه من المتيسر لسياسيين، في وزن لجنة بيكر- هاملتون، الاستخلاص بأن سورية وايران معطى عصي على التجاهل في صوغ أي سياسة حيال المنطقة العربية، المسماة «الشرق الأوسط».‏

يتصل بما سبق أن ثقافة المقاومة والممانعة ضد التسلل الاسرائيلي إلى المحيط القومي والإسلامي، أصبحت جداراً يصد التسلل الاسرائيلي، ويكشف هشاشة نهج المساومة في تغطية هذا التسلل بذرائع تلبس لكل حال لبوسها، حتى بعد الخيبات.‏

وبهذا المتحصل من نهوض دمشق وطهران بصنيع هذين المتغيرين، في النظرة الدولية إلى المنطقة، وفي تشييد حاجز الصد أمام التسلل الاسرائيلي، فإن للعرب الثقة، في الذكرى الـ30 لانتصار الثورة الإسلامية في ايران بالغد الواعد بمراكمة الإيجابيات التي كانت في طموح القائد الاستراتيجي العظيم حافظ الأسد، والإمام آية الله الخميني، وهما يبينان نهج المقاومة والممانعة.‏

والعامل المقرر في هذا الطموح، هو مستلزمات الأمن القومي للأمة، بوصفه المعيار الحاكم لأية حركة أو سكنة، قبل 30 عاماً، وحتى اليوم Siwan@scs-net.org‏

">والغد.‏

Siwan@scs-net.org‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية