تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


إدارة بوش تستحضر ثقافة الهيمنة

قضايا الثورة
الاحد 23/10/2005م
محمد علي بوظة

في هستيريا الحملة الأميركية الضارية ضد سورية, ومجمل الضغوط التي مورست وتمارس تحت عناوين مختلفة, وباستحضار لمنطق ولغة القراصنة التي أعادت إدارة بوش إحياءها والعمل بها, واعتمادها استراتيجية في التوجه لتحقيق الأطماع الكونية, واحتواء هذا الجزء المضطرب والمليء بالثروات من العالم, كان ولا يزال الهدف الأميركي واضحاً ومعلناً من أن الاستهداف والتجييش وتقصد الإساءة والتشويه والكيل المبرمج للاتهام على هذا النحو, يضع في رأس أولوياته (حمل سورية على تغيير سلوكها), بكل ما يعنيه ذلك من ترهيب وابتزاز مفتوح ومس بالثوابت والمسلمات الوطنية والقومية, التي تحكم علاقات سورية بالعالم ومواقفها من مختلف القضايا وفي المقدمة منها قضية الصراع العربي الإسرائيلي.

وتقفز فوراً الى الذهن في وجه من ينصبون أنفسهم عنوة أوصياء على البشرية أسئلة بالجملة مؤداها: هل ما فعلته الإدارة الأميركية الحالية وتفعله اليوم حيال العالم, وهل سلوكها في الأرض العراقية وأفغانستان وتجاه فلسطين, الوطن المسلوب والأرض والشعب المشرد والمضطهد, وعداؤها الذي تشهره بوقاحة متناهية ضد سورية ولبنان ومصر والسعودية وإيران, واتخاذها العروبة والإسلام العدو رقم واحد بعد انهيار منظومة دول المعسكر الاشتراكي وسقوط الشيوعية, ثم تدخلاتها السافرة بالشأن الدولي وحروبها السياسية والعسكرية والاقتصادية التي لا تتوقف, ضد كوريا وكوبا وفنزويلا والعديد من دول أميركا اللاتينية على سبيل المثال لا الحصر, بالسلوك المقبول والأخلاقي المتزن لدولة عظمى بحجم الولايات المتحدة ومسؤولياتها, أم المحكوم بالجنون والرغبة الجامحة في إخضاع وإذلال الشعوب وتدمير أوطانها وإلغائها?!.‏

أسئلة يسوغون وبعجرفة واستكبار واستقواء وتدخل واجتياحات, خلف شعارات هم أبعد ما يكونون عن فلسفتها وأدبياتها, وبدعاوى تمادت الى حد التطاول على (الله) والزعم بأن أصحابها يتصرفون ويستبيحون العالم بأوامره وتخويل منه, يسوغون لأنفسهم طرحها واتهام ومقاضاة ومحاسبة الناس على أساسها, ولا سيما أولئك الذين يشكلون ممانعة في وجه مخططاتهم ومشروعاتهم ومشروعات حليفهم الإسرائيلي, ويتهربون من الإجابة عن ما يخصهم كلية منها.‏

حرب الصقور واليمين المتصهين التي ينتمي إليها جورج بوش وكونداليزا رايس والسفير بولتون, وغيرهم من المسؤولين الأميركيين الآخرين الذين سارعوا استباقاً لتقرير ميليس المسيّس بأشهر وأسابيع وفور صدوره بالأمس, لاستغلاله وتوظيفه في اتجاه قطف الثمار والثأر لفشلهم السياسي والعسكري المتعدد الوجوه بالانتقام من سورية, وحرائقهم وفوضاهم (الخلاقة) وسياساتهم اللامسؤولة التهمت الأخضر واليابس, وأدمت العراق والساحة الأفغانية وقرابينها حتى الآن ما يزيد على المئتي ألف قتيل في الأولى وأرقام مفتوحة في أفغانستان, والديمقراطية والحرية التي يتباهون بإحضارها وتصديرها في النموذجين عامة والعراق خاصة, ذبح واغتيال الناس جماعياً بالسيارات المفخخة ودك المدن والقرى والبلدات بنيران المدفعية الثقيلة والصواريخ والطائرات الحربية على رؤوس أهلها, بانتهاج للسلوك الإسرائيلي الذي يتم به التعامل مع الشعب الفلسطيني واستلهام كامل لعقيدته الشوفينية العنصرية, ومن يملك كل هذا الفيض من التراث السياسي والفعل الجرمي, والاستباحة والعربدة المنفلتة من أي قيد والتهديد المدمر للسلام, لا يحق له تحت أي ظرف نقد الآخرين وإلباسهم ظلماً لبوساً لا تتفق مع الواقع ولا تمت إلى الحقيقة بصلة.‏

يبقى القول إنه إن كانت أميركا بإدارتها الحالية ومن خلفها إسرائيل من يقوم سياستنا وسلوكنا, فتلك شهادة بأن مواقف سورية المتعارضة مع مشروعاتهم وأحلامهم الامبراطورية, وثقافتهم وتوجههم لخلق ما يسمى (الشرق الأوسط الجديد) الملحق بركب الهيمنة, هي مواقف صحيحة وصائبة تجسد نبض الشارع العربي في طموحاته ورفضه لكل أشكال الظلم والعدوان والاحتلال, وتمسكه باستعادة ما اغتصب من أرضه وحقوقه بالكامل.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية