|
الصفحة الاخيرة كل ما تلقاه يشكو دهره ليت شعري هذه الدنيا لمن شقيقان أحدهما تقي معتكف في صومعة بريء من الآثام والشرور, يضع الماء في السلة, وآخر شقي يعيش بين الناس واضعاً رأسه بين الرؤوس قائلا: يا قطاع الرؤوس. زار الشقي أخاه التقي المعتكف وقال له متحديا: احمل سلتك واهبط معي الى الناس وتحدرا الى السفح, رأيا بستانا يتدلى منه العنب فتلمظ المعتكف وإذا بقطرات من الماء تتسرب من السلة, تقدما نحو القرية فرأيا امرأة شدت بعينيها النجلاوين عيني المعتكف فتسربت من السلة قطرات أخرى, وما إن بلغا البيوت حتى غدت السلة فارغة. فهل يجوز لمن يمثل دور التقي المعتكف في صومعة أن يرفع عقيرته متباهيا متسلطا على الأشقياء جاهلا أو متجاهلا أن من لا يعمل لا يخطىء? صحيح أن من يتصدى للإصلاح يجد نفسه كمن يصارع الدب لا يعرف من أين يمسكه كما يقول المثل الحلبي أو (دق الماء وهو ماء) كما يقول المثل الدمشقي وصحيح أن الماء يذكرنا بالبحر وأننا مضطرون شئنا أم أبينا أ ن ننزح ماء البحر بملعقة حتى لا نغرق ويبتلعنا اليم. لكن المثل الفرنسي يقول : العيوب موضوعة في خرج على كتف كل منا, عيوب الناس في العين الأمامية يراها عن كثب وعيوبه في العين الخلفية لا يحاول أن يراها. وقال السيد المسيح عن تلك الخاطئة التي لوحت الأيدي بالحجارة لتنهال عليها من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها. وقال الرسول (ص): حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم. وقال عمر بن الخطاب: إذا عثرت بغلة في أقاصي العراق أخشى أن يحاسبني الله لأنني لم أعبد لها الطريق. وقال علي بن أبي طالب: ذوو العيوب يحبون إشاعة عيوب الناس ليتسع لهم العذر في معايبهم. وقد دعا السيد الرئيس الجميع الى المبادرة بإالاصلاحومواجهة الفساد وناقش المؤتمر القطري الأخطاء وبحث في وسائل إصلاحها..ولا تزال الاجتماعات والندوات تعقد..ولا يزال المواطن محاصرا على مسرح الخطأ والصواب يقف على ساق واحدة ولا سبيل له إلا الصبر والانتظار, والموظف لا يزال يقول له كلما امتثل واقفا أمام طاولته ارجع غدا, حتى يقهره ويجبره على تلبية طلباته. ومخالفات التموين والسير والبناء تزداد فيزداد ابتهاج أصحاب الشأن وترتفع وتيرة قلة حيائهم فيسفحون رهبتهم على الأصابع ويرفعون أسعار جُعلهم ويملؤون جيوبهم والمخالفات ما زالت تنتشر على أرض الواقع كما تنتشر خلايا السرطان. المشرعون الذين يرفعون قيمة المخالفات يحسون أنهم قاموا بما عليهم, وأراحوا ضمائرهم وكأن واحدهم نشوان (سكران) لا يدري أنه لا يزيد على أن يبل قدميه على شاطىء بحر لجب الأخطاء. أزمع بدوي على الرحيل فحزم خيمته وجمع أشياءه, وعندما هم بها يضعها على حماره, تفاجأ أن حماره ضائع..فجثم على الأرض وقال لزوجته: حمّليني فوضعت المتاع كله على ظهره وقالت: هيا قم ثم استدركت قائلة: انتظر بقي المنصب الحديدي الذي يوضع عليه الابريق لإعداد القهوة. فقال لها: ضعيه هاأنذا قاعد anhijazi@scs-net.org ">قاعد.. anhijazi@scs-net.org |
|