تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الأسلحة الكيميائية في أيدي الإرهابيين

ترجمة
الأربعاء 27-3-2013
ترجمة: ليندا سكوتي

شكلت رائحة الكلور النفاذة التي عبقت بها أجواء خان العسل الدليل والمؤشر لسكان المنطقة على أن ثمة قذائف تحمل رؤوساً كيميائية قد أطلقت على هذا الحيز وأكد هذا الاعتقاد تصريحاً لوزير الإعلام السوري ذكر به بأن 25 شخصاً لقوا حتفهم وأن أكثر من 86 مواطناً قد لحقت به إصابات مختلفة.

ولم تلبث وزارة الخارجية الروسية حتى عبرت عن قلقها البالغ إزاء امتلاك الإرهابيين الإسلاميين للأسلحة الكيميائية. لكن المتمردين نفوا نفياً قاطعاً استخدامهم لهذا النوع من السلاح وأنحوا باللائمة والاتهام على القوات السورية المسلحة لإطلاقها تلك القذائف.‏

إزاء ما ورد من اتهامات متبادلة دعونا نبحث عن الحقيقة عبر العودة بالزمن إلى الوراء قليلاً أي إلى ما قبل هذا الهجوم ونمحص في الأسلوب الذي نهجه الإرهابيون السوريون والمسالك التي ساروا بها وتاريخهم في التعامل مع الأسلحة الكيميائية والتجارب التي أجروها على الحيوانات فضلا عن مجاهرتهم وعدم تورعهم عن التهديد باستخدامها وحقائق أخرى أظهرتها التحليلات السياسية للأحداث منذ بدايتها.‏

ثمة معلومات استخباراتية أكدت وجود مخططات للمجموعات الإرهابية السورية وداعميهم الغربيين من حيث عملها الدؤوب على امتلاك الأسلحة الكيميائية والإعداد لإلصاق التهمة بالحكومة السورية بهدف إيجاد ذريعة لغزو هذا البلد الأمر الذي جعلنا نستذكر ما أثير من اتهامات حول أسلحة الدمار الشامل التي نسب وجودها إلى صدام حسين ونتذكر أيضا الاتهامات التي وجهت للعقيد معمر القذافي حول قصفه لشعبه الأمر الذي حدا بسيف الإسلام القذافي إلى الطلب من قناة سكاي نيوز إجراء زيارة إلى ليبيا للتحقق من مكان سقوط القذائف.‏

لكن يبدو أن تلك الأساليب والطرق قد تأخر استخدامها في سورية بالفترة الماضية إما لأن الإرهابيين وداعميهم لم يرغبوا بتنفيذ ذات الأفكار والأساليب السابقة أو أنهم لا يمتلكون تلك الوسيلة أو تعذر عليهم الحصول على الأسلحة الكيميائية، أما اليوم فثمة مؤشرات تؤكد أنهم استطاعوا الحصول على بغيتهم الأمر الذي جعلهم يتوجهون إلى إجراء تغيير في اللعبة.‏

كما عهدناها، أي الولايات المتحدة، نجدها قد عمدت دون تحرج إلى اطلاق صرخات مفتعلة من الاستنكار لعمليات القتل الأزرق متجاهلة في ذلك ماضيها الأسود وما ارتكبته من أفعال مروعة عندما لم تجد غضاضة في القيام بهجمات إرهابية نووية وكيميائية ضد المدنيين العزل ومايزال حلفاؤها في فرنسا والمملكة المتحدة يتعرضون للوم والتثريب في مختلف وسائل الإعلام الدولية نتيجة ارتكابهم بشكل مؤكد لجرائم تم توثيقها في ليبيا.‏

تنكر كل من واشنطن وباريس ولندن علاقة أي منهم بعمليات القتل والتدمير الحاصلة لكن الواقع يؤكد ما اقترفته أيديهم من جرائم عندما عمدوا إلى ضرب محطة الكهرباء والبنى التحتية والأجهزة العسكرية العراقية كما ونتساءل عن الأسباب التي حدت بهم إلى تدمير محطات المياه في ليبيا وعن أسباب استهداف أحفاد القذافي وكأنهم أهداف عسكرية.‏

في هذا السياق، أنحى وزير الإعلام السوري عمران الزعبي باللائمة على تركيا وقطر وحملّهم «المسؤولية القانونية والأخلاقية والسياسية» في تصعيد الصراع إلى مستويات خطيرة. في حين أنكرت تركيا والقوات الإرهابية في سورية أي علاقة لهم بما حدث، وألقوا باللائمة على القوات الحكومية.‏

ذكرت وكالة الأنباء السورية سانا بأن قذائف كيميائية سقطت على جنود ومدنيين سوريين. وذكر شهود عيان بأنهم عن بعد اشتموا رائحة الكلور المخرشة التي أفضت إلى مشاكل صحية وأودت بحياة البعض منهم بعد شعور بالاختناق حيث كان أغلبهم من النساء والأطفال.‏

تصاعدت الأعمال الوحشية التي يرتكبها الإرهابيون في سورية في الأشهر الأخيرة. وقد اتهمت منظمة العفو الدولية «مجموعات مدعومة من الغرب ومناهضة للحكومة بارتكاب عمليات إعدام وتعذيب اعتقادا منها بأنها ستفلت من العقاب» ورأت ضرورة قرع ناقوس الخطر تحسباً من وقوع بلدات وقرى تحت سيطرة المجموعة المسلحة المعارضة ونددت بما ارتكب من جرائم.‏

وفي هذا السياق لابد من استذكار واستنكار عمليات القتل والسجن غير القانوني، والإهانة والتعذيب والحرمان من النوم والإغراق بالمياه والتبول على الطعام وإجبار المسلمين على أكل لحم الخنزير في سجن أبو غريب في العراق وارتكاب جرائم من قبل الأمريكيين والاستذكار أيضاً لما قام به الإرهابيون المدعومون من قبل فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية من أفعال مروعة بحق مواطنين ليبيين في عام 2011.‏

في الحين الذي يلقي به كل من الجانبين باللائمة على الآخر، عبرت وزارة الخارجية الروسية عن قلقها البالغ من استخدام الإرهابيين للسلاح الكيميائي في حلب. لكن سؤالاً يتعين علينا طرحه عن الأسباب التي تستدعي قيام الحكومة السورية بإطلاق النار على قواتها وشعبها في الوقت الذي تسعى به للدفاع عنهم وقتال الإرهابيين المدعومين من الغرب وأتباعه في قطر وتركيا؟‏

ثمة أدلة أخرى تقول: بأن فتاة سورية جرى تصويرها وهي تنقل مقتولة إلى أحد المشافي ومازال يلتف حول معصم يدها المقطوعة العلم السوري الحقيقي وليس بالعلم الذي يرفعه المتمردون الأمر الذي يؤكد كونها من المؤيدين للحكومة السورية إذ لو كانت مؤيدة للقوى الإرهابية السورية لما عمدت إلى وضع هذا العلم على معصمها وقد فات على أولئك الإرهابيين إزالة العلم عندما قاموا ببتر يدها ونظرا لكونها من منطقة تؤيد الحكم فقد كانت هدفاً للقوى الإرهابية الأمر الذي ينفي عن القوات الحكومية قيامها بتلك الجريمة.‏

أظهرت صور فيديو تم نشرها على اليوتيوب قوات إرهابية وإلى جانبها أسلحة كيميائية وصور لتجارب تجرى لمراقبة تأثير الأسلحة الكيميائية على الأرانب الحية وصور أخرى للإرهابيين وهم يهددون باستخدام تلك الأسلحة ضد القوات الحكومية.‏

من المعلوم بأن تلك الطرق والأساليب هي ما يتبعه حلف شمال الأطلسي الذي ما انفك عن دعم الإرهابيين الأصوليين والقتلة والسارقين واللصوص والمغتصبين وغيرهم بهدف تحقيق هدفه المتمثل بإسقاط الحكومة التي تكن العداء لواشنطن وكلابها وإزاء هذا الواقع نرى ضرورة إجراء تحقيق شامل في التهم المنسوبة لما يسمى «الجيش السوري الحر» الذي يضم في صفوفه مجموعات متنافرة من الوصوليين والطامحين والحالمين الذين يعيشون على هامش المجتمع والإرهابيين المتعطشين لسفك الدماء ومحاسبتهم عما اقترفوه من جرائم.‏

 بقلم:ثموني بانكروفت هينتشي‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية