|
فضائيات هاهي, لا تتوقف عن نعيهم بالجَهورِ من صوتها.. الصوت الذي أرَّق كافة متابعاتنا وجعلنا, لا نكفُّ عن إطلاقِ تراتيل الرحمة على أرواحهم ومن ثمَّ الدعاء بأن يتقبَّلهم الوطن, قرابين نصرٍ يخلدهم أبد الآبدين.. أما مواكبُ التشييعِ, فهي فضائياتنا.. الفضائيات التي ومن شدَّة ما تضمَّخت بالدم الذي نزفه وطنها وشهداؤه, تسربلت حداداً اضطررنا أيضاً للتسربلِ به, ودون أن يغادرنا اليقين, بارتداد الحياة لكلِّ ما لايمكن أن يموت لطالما نبضهُ من سوريتنا.. نعم, هذا ما باتت عليه فضائياتنا, بل هذا ما أريد لها أن تكون عليه. مواكب تشييعٍ أوجعَ الحزن شاشاتها. تماماً كما أوجعنا نحن متابعيها ممن أصبحنا ورغماً عن إرادتنا منقادين, وإلى كل ما تبثّه وفرضه عليها وعلينا, بغي وحقد وخيانة وتآمر وضلال أبناء الحرام من قوّادٍ فضائياتٍ و إعلاميين ومجرمين.. إذاً.. هل قدرنا أن نبقى في حالةِ استعدادٍ متوثب الترقب لحدادٍ نعيشه وتبشِّرنا به فضائياتنا, أو وكما ارتأيت أن أطلق عليها, مواكب تشييعِ أبنائنا وإخوتنا ورجال ديننا؟.. المواكب التي شهدنا بأمِّ أعيننا, مقدار ما ضمَّت شخصيات هامة أتت من كلِّ بلدٍ محب, ولحضورِ مراسم وداع العلامة «محمد سعيد رمضان البوطي» وأيضاً, لإلقاء السلام والطمأنينة على روحه مثلما على الوطن الذي أخلص له وأحب.. نعم شهدنا هذه المواكب ولا نزال. لكن, هل شهدها من فخَّخ فضائياته بالبرامج والأخبار والصور «الصهيو إجرامية»؟.. هل شهدها من باع ضميره وأخلاقه وأبناء عروبته وارتضى بأن يكون مستعبداً وناطقاً بما تمليه عليه نوايا ومصالح, تجار الأوطان والإنسانية؟.. أيضاً, هل شهد هؤلاء, مقدار ما نطقت فضائياتنا بالصدق, ومقدار ما آمن المشيعون مثلما المشاهدون, بأن الإجرام من صنع الحرام, وبأن الشهادة هي الحقُّ الذي لا يعلو عليه حق؟.. حتماً شاهدوا كل ذلك لكنهم لم يستشهدوا.. لم يستشهدوا وعلى مدى بثِّهم المتخم كذباً وافتراءً وتحريضاً وبشاعة, ولو بحديث رجل علمٍ وفقهٍ واحد ممن قال كلمة تنصف الدين والعلامة الشهيد.. لم ينقلوا ولو صورة أو رأي يعبِّر عن غضب واستنكار ووجع, الآلاف ممن ألقوا اللعنة, وعلى كلِّ من حرَّض على قتلِ من دعا أبناء شعبه لمحبة وطنهم وأبنائه, وبحكمةٍ وعلمٍ و رأيٍ سديد؟.. كل هذا ولا تزال فضائياتنا, متشحة بالفقدِ ولوداع من كان يدعو عبرها للتمسكِ بالأخلاق سبيلاً لتطهير النفس والفكر والدين من الكفرة الآثمين. أيضاً لا نزال نحن, نرتل الرحمة على هكذا فقيهٍ, ودون أن نقنط من قدرة الوطن, على ردِّ الوجود لشهدائه الأبرار الخالدين.. أخيراً, من واجبنا التأكيد على أن مواكب التشييع التي نرافقها إعلامياً, ليست إلا محفِّزات تزيد من عشقنا لسوريتنا .. من تضحياتنا.. من إرادتنا على أن نكون, ولابدَّ أن نكون لطالما.. وطننا هو الدين الذي اعتنقناه وصليناه عشقاً, هو أساس عبادتنا.. |
|