تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


يا هذا التراب

رؤية
الأربعاء 27-3-2013
سوزان إبراهيم

ماذا يعني أن يخفق عصفور صدرك كلما رأيت مشهداً رسمته الطبيعة لسورية بحرفية عالية؟

ماذا يعني أن تشعر أنك خارج هذا التراب.. لا أحد.. أنك غريب؟!‏

كيف يقدر هذا التراب على اعتقال قلبك وخفقانه.. على اعتقال هواجسك ومخيلتك؟!‏

ربما هي الخطوة الأولى على التراب الأول.. ربما هو الأريج الأول لصدر أمك حين لا تقدر أن تغفو دون أن يملأ أنفك.. ربما هي رائحة أوكسجينه الخاص كما رائحة الحليب الأول.‏

لماذا يكون لهذا التراب كل هذه القداسة.. وكل هذه القسوة مراتٍ؟‏

كلما رأيت جمالاً سورياً يصرخ قلبي: يا أمي لقد أوغلنا في إيذائك, فهل تسامحينا؟!‏

يجرحنا أن تمر كل يوم في شوارعنا مواكب تزف شباباً سوريين كالرياحين إلى المقابر.. فما هو سرك يا هذا التراب حتى ترخص لأجلك كل هذي الأرواح؟!‏

يا هذا التراب الذي يطلع منك وفيك كل هذا الجمال..... وكل هذا الحزن.. ما سر عجينتك التي شكّلتنا كما نحن.. كما كل العاليات والهابطات من جبال ووديان؟!‏

عادت الطيور في موعدها كما كل عام, وقد عرفت مذاق الدفء فوق هذا التراب.. فما زالت سورية وجهة مفضّلة لهجرتها بحثاً عن شمس وعش وحياة جديدة! فلماذا لا يتقن بعض أولاد هذا التراب دروب العودة إليه؟!‏

يروى أن العصافير تحلق بحرية في سمائنا, وحين استغرب أحدهم ذلك, ردّ عليه عصفور حكيم: لا تخف, فالبنادق هناك لم تعد تتوجه إلى العصافير!‏

لماذا يا أبناء هذا التراب لا يعرف بعضكم وجهة الرصاص وبوصلة العدو؟!‏

suzan_ib@yahoo.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية