|
شؤون سياسية وفي المسافة الفاصلة ما بين المنبر والمحراب اغتال الارهاب الموقف والفكر متمثلاً بالعالم الدكتور البوطي ومعه استشهد العشرات من رواده ومريديه وتلامذته كان يدرس مادة السلام والتسامح عبر نصوص القرآن الكريم وكان في أبهى طلعة وأصفى تعبير وأنقى منهج كما هو شأنه في خطبة الجمعة الشهيرة في الجامع الأموي الكبير. وهنالك في مواقع عشوائية أطلق الارهابيون قذائفهم العمياء المصنعة في مناخ الذعر والكفر والضلالة وصار كل شيء في دمشق وسواها هدفاً محتملاً مدفوع الثمن بعد تنفيذه. لقد تواروا عن ميادين المواجهة واتخذوا من الجحور مخابئ لهم رأوا في الانسان والنبات والمبنى والشارع والسيارة والمدرسة والمشفى هدفاً لهم ,فالمهم هو انتاج الموت والارهاب والأهم هو أن يقولوا للعالم المجنون بأنهم مازالوا على أرض الواقع والدليل على ذلك قذائفهم الهوجاء واغتيالاتهم المشؤومة وفي أفق السياسة ولكي تكتمل المشاهد تتحرك المؤسسة التي تدعى الجامعة العربية والمسعى هو أن يعطى معقد سورية للمعارضة في الخارج والفصول تتوالى وكلها تصب في خانتين اثنتين ، خانة تعبر عن طبيعتهم ودورهم وانتمائهم حيث الارهاب بالقذائف والارهاب بالاغتيالات والارهاب بالقرارات السياسية العربية ،وخانة ثانية مكشوفة يصعب التستر عليها وهي هذا التخريب الذاتي في نفوسهم وهذا الهلع الذي يحشرهم ما بين الموت والموت وهذا الذعر الذي يجرهم إلى الجريمة باعتبارها المخرج الوحيد والمؤشر الوحيد على مجرد وجودهم على أرض الواقع، والأمر ليس محدود المساحة والأبعاد فهناك حاضنة تحملهم إلى هذه الأفعال وها هو باراك حسين أوباما الرئيس الأميركي القادم على الخداع والأشلاء يأتي إلى الكيان الإسرائيلي ويطلق من هناك أفكاره المسمومة متخذاً من بيئة العدو منصة لأفكاره ومتطلعاً إلى ربط أجزاء الهدف الاستعماري بعضه بالبعض الآخر فإذا به يقول لا مناص من تسليح المعارضة السورية ولا بديل عن اسقاط النظام السوري ولابد من رحيل الرئيس الأسد ،لم يكن يوارب أو يهدد فيما قال والاستعمار الأميركي كما هو الغربي عموماً ينجز الجريمة أولاً بكل تفاصيلها ومتطلباتها ثم يعلن عن مآربه بعد حين يطول ويقصر ونعرف الآن كيف يقوم الكيان الاسرائيلي عبر الجولان المحتل بدفع القطعان الهمجية إلى سورية وتسليحهم بما يلزم مادياً ومعنوياً لكي يلتحقوا مع أشباههم على طول خط المواجهة ولاسيما في مخيم خان الشيح ومخيم اليرموك وفي القرى المتاخمة للحدود، ولاتوجد مشكلة في أن تقوم قوات العدو الصهيوني بحماية هؤلاء الأشقياء فتطلق النار على قواتنا بالمدفعية والصواريخ ولا سيما عبر منطقة الهدنة وفصل القوات وفي هذه اللحظة بالذات يكون جون كيري نائب الرئيس الأميركي في العراق الشقيق وهو يحمل إنذاراً علنياً مفضوحاً للقيادة العراقية بأن على هذه القيادة أن تمنع تحليق الطيران عبر الأجواء العراقية إلى سورية والحجة دائماً هي أن جمهورية إيران الإسلامية تمد سورية بالاقتصاد والسلاح، هذه هي أميركا قوتها في الاعتداء على الشعوب وفي ضرب الحصار عليها وفي إذكاء روح الفتنة من داخلها وفي تسليح المجموعات الهمجية ما دام القتل هو الوسيلة والغاية ولا تمر السياسة الأميركية دون أن تنتج كل آثامها حيث لا بد من مصالحة علنية ما بين تركيا العدالة والتنمية والكيان الإسرائيلي ويحدث ذلك لكن الذاكرة الشعبية تعلم علم اليقين بأن التمثيل التركي على المسرح في العداء لإسرائيل وفي اختطاف تركيا لدور المسعف والمتعاطف مع غزة صار مكشوفاً ولم تنتقص العلاقات التركية الإسرائيلية ذرة من مساحتها وحجمها مع العدو الصهيوني والآن جاءت اللحظة التي تفضح الحالة عن ذاتها وتنطلق جذور العلاقة التركية الإسرائيلية من العمق إلى السطح بلا تردد ودون استئذان، هذا هو أوباما على حقيقته وكل ما عدا ذلك تمثيل وتدجيل وتظاهر، ونستدرك من ذلك كله أبعاداً ثلاثة أولها أن أقوى العدوان وقوته واحدة موحدة والمشروع في سورية وعليها ساحة للتطبيق وتوظيف مصادر الوحدة بين القوة الشريرة جميعاً لا فرق في ذلك وبين الغرب الاستعماري والرجعية العربية في الخليج والحجاز وتنظيمات الإخوان المسلمين ودور حلف الناتو ولا سيما عبر تركيا ووظيفة هذه القطعان الهائجة وهي تقتل وتدمر وتغتال وتسرق في كل مناطق سورية، والبعد الثاني هو هذا التوزيع الوظيفي للأدوار بالمستوى التنظيمي وفي العمق العملياتي فأميركا في الإرهاب وعبر قطعانه والإرهاب في قلب ونخاع السياسة الأميركية والسياسة والإعلام وسلاح الغدر والتزوير كل ذلك يتحشد ويتكثف في نقطة واحدة هي أنهم أعدادءالحياة وأعداء الله وأعداء سورية. وباختصار متبلور شديد هم أعداء سورية الوطن والحضارة والدور، والبعد الثالث هو أسلوبهم جميعاً القائم على القتل والذبح والاغتيال والتفجير والنهب المنظم وكل ذراع في المنظومة الاستعمارية يحتاج للآخر يغذيه ويستمد منه الناتج الدامي، وتجلي المأساة إلى حدودها جريمة اغتيال العلامة البوطي فهي موصوفة ولها أبعاد أصولها في الأرض وانتشارها في عنان السماء، ألم نتذكر ونحن في عمق الحدث أنهم هاجموا القرآن والمسجد الحرام ودار العلم وشخصية سورية عربية إسلامية هي نتاج ألق هذا الوطن وهي التجسيد الذاتي والموضوعي لمنطق حضاري إنساني استقبل رسالة السماء بكبرياء المؤمن ووعي المتوحد مع الله في كل ما أراده الله، اغتالوا البوطي ومعه العشرات من المريدين والرواد ليوصلوا الرسالة لمن خلق البشر ولمن استودع فيهم نزعة الحب والتسامح والإيمان ولكي يرسلوا نسخة من الرسالة المشؤومة إلى كل مواطن في سورية إلى كل مسلم ومسيحي إلى كل عربي وأعجمي مضمونها أنهم جميعاً قرروا الاستيلاء على صلاحيات الخالق في خلقه بأدوار متراكمة وبهذا الشرط قرروا القتل الفردي والجماعي واغتيال الدين والفكر والقيم بلا تردد أو موارية. |
|