تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


السوريون في الشتات... قبل الانفجار وبعده..

خَطٌ على الورق
الثلاثاء 13-2-2018
أسعد عبود

يهوى السوريون السفر.. هذه حقيقة يرويها التاريخ بوثائقه وآثاره.. وفي الخارج سجلوا أكثر من انتصار في أكثر من مضمار، ووضع بعض منهم في مصاف العلماء والأدباء والقادة والأباطرة وأصحاب المال والأعمال.

غالباً قد لا يتنكر السوري لوطنه ومنشأه .. وقد يفعل.. لكنه غالباً لا يحب شراكة سوري آخر.. عكس المصري.. فالمصري غالباً ينتمي لمصر أينما حل وتحت أي ظروف ويستجر إليه المصري.‏

روى لي صحفي عربي كان يدير إذاعة الكويت وكنا نتوجه معاً لزيارة الروائي السوري الكبير حنا مينة في مكتبه بوزارة الثقافة بناء على طلب الضيف، شيئاً بهذا الخصوص.. حيث قال: إنهم إن وظفوا فراشاً مصرياً في دائرة أو هيئة فلن يتوقف يوماً عن مسعاه لاستقدام كل مصري ممكن استقدامه ويبحث عن عمل.. وإن وظفنا مديراً سورياً فلن تجد في إدارته ولسنين طويلة قادمة أي سوري في شركته.. ليس لا يستقدمهم وحسب.. بل يكافح وجودهم حتى..‏

السوري وطني غير مشكوك بوطنيته.. لكنه صاحب هوى.. فهو إما محب لوطنه إلى درجة الموت والاستشهاد.. وإما بائع خاسر مهما غلت الأثمان.. لكن المشاعر السورية تجاه الوطن.. صالحة بالتأكيد للبناء عليها.. ولولا ذلك لما كان هذا البلد صامداً بهذا الشكل أو ذاك حتى اليوم.‏

هو متحمس في هواه.. عاشق في انتمائه.. ولعل ذلك يخلف مع الأيام ضعفاً في طبيعة العلاقة مع الوطن ومن ثم مع المواطن.. يعني مع شريكه.. لقد غالى السوريون في تقديسهم لانتماءات أخرى إلى جانب الانتماء الوطني.. انتماءات يحددها الهوى.. والاختيار.. دينياً سياسياً.. قومياً.. إلخ...‏

هل أضعف ذلك من رابطة الانتماء الوطني..؟!‏

بالأمس القريب جداً.. شاهدت أستاذاً فناناً محكماً يقول لممتحنٍ أمامه: يعجبني فيك احترامك لوطنك.. فكلما ذكر اسم سورية أراك تظهر وقوفاً وترسم كل علامات الحب والاحترام..‏

طبعاً هي ليست الحالة الفريدة الوحيدة وحتى ليست وقفاً على السوريين.. الضمير البشري اليوم بدأ يقرّ بأن هذا البلد جدير بالاحترام كبلد أولاً.. وليس بالضرورة كبلد يناسب مزاج كل منا..‏

بمقتضى كل ما أسمعه وأراه... وبتقييمي الشخصي المعتمد على الانتباه والمتابعة.. أستطيع أن أقول بشيء من التأكيد إننا سنخرج من الأزمة بسوري آخر.. من المعارضة.. ومن الموالاة.. من الخارج.. من الداخل.. أرى تحولاً إلى مواطن ربما يملؤه شعور قائم على الحساب الدقيق أكثر منه على العواطف الجياشة.. أنه سيخسر.. إن كسب العالم وخسر سورية..‏

وما زلت مصراً على خلق وتقوية الروابط بين السوريين أينما كانوا اعتماداً على الرابطة الوطنية أولاً.. والتواصل المعلوماتي العملي الدائم والأكيد.‏

توزّع السوريين على بقاع العالم.. رغم طابعه المأساوي الراهن... ليس بجديد .. والمسعى لجمع الشتات ولو عبر المحيطات ودائماً عبر الرابطة السورية.. كان وسيبقى العمل الوطني الأهم مع الاحترام لخيارات الجميع.‏

as.abboud@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية