|
مجتمع ولكن الأم سورية بإصرارها وعزيمتها تمحو خطوط الحياة التي انحنت في صفحات حياة ابنها لترسم زهرة بيضاء نقية نقاء روح ذاك الطفل، أم سورية تدفع ابنها الشاب ليكون قرباناً لوطن ناداه فلبى النداء... أمهات جاء آذارهم حزيناً على الجميع إما ثكلى بابن أو زوج أو أخ فقدته أو بيت ضاع شقاء عمرها فيه وخطته بيدها لتدمره يد الإرهاب والغدر فتجد نفسها في مركز إيواء مؤقت. تلك التسمية فوق أرض الوطن وتحت شمسه تحمي أبناءه من كل ضيم يلقاه رغم امتدادها وانتشارها في محافظات القطر إلا أن ألفة بين ساكنيها اتقدت كشمعة لتنير درب مستقبل نصر يحلمون به، يعيشون عائلات كثيرة في عائلة واحدة ترعاهم أم كبيرة وسع الأرض اسمها سورية بمنظماتها ومؤسساتها تحاول تأمين احتياجاتهم النفسية والاجتماعية ريثما يعودون إلى مدنهم وقراهم ويعيدون إعمار بيوتهم وحياتهم لتنطلق سورية من جديد. وأحد أهم المنظمات التي اهتمت بتلك المراكز كان الاتحاد العام النسائي الذي التقينا فيه الدكتورة ماجدة قطيط رئيس منظمةالاتحاد العام النسائي . بداية حدثتنا د. قطيط عن التجربة مع اللاجئين العرب في سورية وكيف تم التعامل معهم والاستفادة من تلك التجربة مع الأسر المتضررة في سورية والتي بقيت تحت جناح الوطن يرعاها ورفضت الخروج منه رغم إغراءات قُدمت لهم ليكونوا لاجئين في دول مجاورة والغاية إخلاء سورية من أهلها ولكن السوري الحق من يحفظ تراب وشرف بلاده. بدأت قائلة: الاتحاد العام النسائي ومن خلال خبرته في التعامل مع اللاجئين خاصة العراقيين والفلسطينيين وتحديداً اللاجئات وبما أن سورية كانت وستبقى الحضن الدافئ لكل من خبت شمس وطنه وعجزت عن حمايته وتدفئته وكانت دوماً متميزة حيث اعتبرت العراقي والفلسطيني مكوناً من مكونات المجتمع السوري وكيف بها اليوم وهي تحاول احتضان أولادها تحنو عليهم وتحاول جمعهم تحت غطاء واحد يؤمن لهم الحماية ويحميهم من يد الغدر التي امتدت لهم داخل أرض الوطن وخارجها. اختلفت التسمية ولكن الهدف واحد لجأ العراقيون إلى سورية بعد أن هربوا من الحرب الأميركية التي شُنت عليهم حيث فتحت سورية بيوتها لاحتضان تلك الأسر اللاجئة واستضافتها والحديث هنا للوقوف على تلك التجربة وأهميتها والتعاون بين الاتحاد العام النسائي ومفوضية شؤون اللاجئين فقد تم طرح فكرة لافتتاح مركز تنمية المرأة العراقية بدعم من المفوضية ولكن التسمية رُفضت وتم التأكيد على أن المرأة العراقية في سورية هي سورية لذلك افتتح مركز تنمية المرأة بشكل عام باسم (مركز تنمية المرأة) وكان الهدف منه والغاية الدعم النفسي والاجتماعي للمرأة العراقية والسورية وأيضاً رفع الحالة المعنوية للمرأة العراقية وإقامة دورات لدعم تلك المرأة ومساعدتها في مهارات الحياة التي تساهم في عملية التنمية التي تحتاجها بسبب فقدان المعيل أو المحيط الاجتماعي لتجد نفسها مسؤولة عن تأمين معاش عائلتها مما يسبب لها التعب الجسدي والضغط النفسي بغية تأمين حياة كريمة حاضراً ومستقبلاً لأفراد عائلتها. كانت التجربة العراقية متميزة واليوم تطبق على الأسر السورية المتضررة والتي هُجرت من بيوتها بسبب الإرهاب والعصابات المسلحة وكان الإرهاب والخوف والجزع سبباً في ترك بيوتها ولهذا عمل الاتحاد النسائي على تمكين المرأة ورعاية الطفولة للحفاظ على السوريين فوق أرض وطنهم وكي لا تحوجهم الحالة لمغادرة أرض الوطن طمعاً بالحصول على رعاية هي كذبة خارج أرض الوطن وكان وسيبقى الوطن أصدق من يرعى أبنائه. دورات توعية وندوات وأفادت الدكتورة قطيط : الاتحاد العام النسائي مكون فعال باللجنة العليا للإغاثة وله حضور فاعل فقد قام بطرح مشروع وأفكار وقدم رؤى للعمل مع الأسر المتضررة تلك والتي لجأت إلى مراكز الإيواء في كافة محافظات القطر ونتيجة لتلك الطروحات والتجارب السابقة على أرض الواقع قامت المفوضية بتكليف الاتحاد العام النسائي بدعم الأسر المتضررة وكان الدعم نفسياً واجتماعياً على شكل دورات توعية وندوات لرفع الحالة المعنوية للأسر المتضررة والأهم الزيارات الميدانية لمراكز الإيواء ورصد احتياجات تلك الأسر، وذكرت لنا الدكتورة قطيط أنه في إحدى الزيارات لمراكز الإيواء كان الأطفال يلعبون ولكن أيما لعبة فقد اعتمدوا على ما يشبه البندقية أو السكين ولعبوا ليس لعبة شرطة وحرامي بل إرهابيين وقتل وتكسير وعنف، كما لوحظ حديث النساء في تلك المراكز عن حالات ومشاهد ورعب وخوف وغيرها مما تعرضت له كل أسرة من أعمال إرهابية وإجرامية وهنا تتفاقم حالات الكآبة والخوف لذلك كان الاقتراح هو الانتباه إلى ألعاب الأطفال وبناء عليه لم تُقدم الألعاب مادية على شكل سيارة، قطار...الخ بل كانت ألعاباً تركيبية أو ألعاباً خاصة بالحدائق من مراجيح وغيرها وأيضاً تم وضع نشاطات في إطار الاهتمام بالطفولة المبكرة ورعايتها من خلال مسابقات في الغناء والرسم والرقص و... الخ من مواهب وهوايات تقدم فيها هدية للطفل المتميز الذي يحصل على مكافأته نتيجة تميزه. أما السيدات فقد أقيمت لهن دورات في كافة المحافظات وكانت الأعداد كبيرة والإقبال على تلك الدورات لافتاً ومتميزاً واختصت تلك الدورات في محو الأمية والخياطة والحلاقة والصوف والتمريض والإسعاف والتصنيع وترشيد الاستهلاك والاستفادة من التوالف البيئية ودورات كمبيوتر وأخرى في الفقه والسيرة والطبخ وأخرى في الدفاع المدني وغيرها من الأعمال التي تملأ وقتهم وتعود عليهم بالفائدة وتكون رصيداً لهم إلى ما بعد انتهاء الأزمة وبديلاً عن القصص التي يتبادلونها والتي تنعكس سلباً عليهم وعلى أطفالهم وكان العمل في كل محافظة عن طريق تشكيل فرق تنسيق هدفها التعاون مع مختلف الجهات الداعمة كالمنظمات ومؤسسات الدولة والمجتمع الأهلي لتحقيق الاستجابة المباشرة لاحتياجات الأسر المتضررة من جراء الأحداث الأخيرة والموجودة في مراكز الإيواء المؤقت وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لتلك الأسر خاصة المرأة والطفل وأن يتم تشكيل فرق في كل منطقة تكون بإشراف رئيسة الرابطة الموجودة في المكان حيث تقوم بالتشارك مع الجمعيات الأهلية ومركز تنمية المرأة لتقديم الدعم اللازم لمراكز الإيواء المؤقت. ومن المشاريع الهامة داخل مراكز الإيواء كان هناك مشروع صناعة لحف الديكرون حيث قام الاتحاد بهذا المشروع في أحد مراكز الإيواء في مساكن برزة وتم تدريب السيدات على صناعة تلك اللحف وكان هنالك إنتاج ملموس لهذه الأسر حيث ستقدم هذه اللحف إلى أسر متضررة تحت شعار (من أسرة متضررة إلى أسرة متضررة) تعود بالفائدة على الطرفين مادية ومعنوية. نعمل بدافع الواجب الوطني وخلال حديث د. قطيط أطلعتنا على أنه تم استبعاد الاتحاد العام النسائي من مكونات اللجنة العليا للإغاثة وبقينا في لجنة المتابعة وهنا كانت المفاجأة ولم يُعرف السبب علماً أن حضور الاتحاد ونشاطاته كانت متميزة وأردفت قائلة: نرفض هذا الاستبعاد ولن يكسر من عزيمتنا والواجب الوطني يفرض نفسه بلجنة أو بدون لجنة وكان أسفها على ماحدث ممزوجاً بإصرار وتحد بأن العمل مستمر والزيارات الميدانية لتغطية احتياجات الأسر المتضررة في مراكز الإيواء واجب على الجميع فلن يكون أحن من الأم على ولدها، تلك هي سورية بمكوناتها ومنظماتها تحنو على أولادها وسيبقى القطار يسير في أفق السماء يرسم مستقبلاً سورياً متجدداً باستمرار. الطفولة المبكرة والتعليم في مراكز الإيواء هناك مايقارب 400 روضة تابعة للاتحاد النسائي تعمل على تنمية الطفولة ورعايتها بكادر مدرّب واختصاصي وخبرة في التعامل مع الأطفال وفي ظل هذه الأزمة عمدت إلى استقبال أبناء الشهداء بالمجان والأسر المتضررة حسب حالة الأسرة الاجتماعية إما بالمجان أو بنسبة حسم خمسين بالمئة دعماً لأولئك الأطفال وتعليمهم وحرصاً على مستقبل أراد الإرهاب أن يغيره لهم أو ينسفه إن استطاع. أما الأطفال في سن الدراسة فيقوم الاتحاد العام النسائي بدورات في مواد دراسية معينة ولم يعمل على التدريس بشكل كامل فهذه المهمة تُركت برسم وزارة التربية التي ستشرف وتتابع موضوع التلاميذ في سن الدراسة وأكدت د. قطيط أنها مع هذا الإجراء قلباً وقالباً لما فيه مصلحة أبنائنا. كما أكدت على ضرورة العمل واستمراريته في مواجهة التحديات التي تواجه الأسر المتضررة ومساعدتها للعودة إلى الحياة الطبيعية بالتركيز على تقديم الدعم النفسي والاجتماعي بشكل أساسي خاصة للأشخاص المتعرضين للصدمات والتركيز على مفهوم الإرشاد الاجتماعي والتوعية. في الختام لكل من تاهت سفينته ورست في شاطئ غير شاطئ وطنه فليعد إلى حضن وطنه الدافئ والأم تسامح أبناءها مهما أخطؤوا، ولكل من أصابه ضيم وأجبرته ظروف الإرهاب للخروج من دياره والإقامة في مراكز الإيواء المؤقت فليعلم أن سورية كلها داره وتلك الرعاية في هذه المراكز ليست سوى شيء بسيط تقدمه سورية لأبنائها أملاً بعودة الهدوء والأمان الذي طالما عشناه في سوريتنا التي أصابتها عين حاسدين وحقد دفين انصب على أمن وأمان شعبها ولكن عزيمة أبناء سورية بأطفالها وشيوخها وإيمان نسائها بالقدرة على التحدي والمقاومة والنصر على أعداء سورية باقية تزيد مع إشراقة كل شمس. |
|