|
آراء والقلوب الصغيرة معنية بالجراح الكبيرة لأنها أستاذة كل الجراح الأخرى، ولأنها ترتب أوراق القلوب على أساس إنساني ووطني... ومن غير جرح كبير ذكي ومثقف وموجع ومزلزل لا يمكن للقلوب الطفلة أن تقوى وتتثقف بالآلام العائلية والندوب الاجتماعية والخيبات الوطنية والكوارث الكونية. والجرح الكبير أو الألم أو الشقاء أو... أو... إلى آخر الآهات والأوجاع.... كل هذا لا يتم تحضيره والتفنن بإحضاره وطبخه وصياغته على أساس أنه وجبه لازمة وضرورية للوجدان ومذاقات الإنسان وأحلامه وآماله. الجراح الكبيرة وجبات روحية قسرية، لكنها حين تسقط على القلوب لا بد من مداواتها والعراك معها والتوصي بها كي تشف وكي تصير دروسها محفوظات صعبة تؤثر وتنور وتدرب... قريبتنا الطبيبة وقريبتنا الممرضة... وقبلهما كانت الحبيبة المشرفة على قسم صغير من أقسام العناية القلبية: - لا يعرف القلب المحب النوم وقلوب الموجعين تئن. - ما أرق طبعك أيتها الحبيبة!! - القريبة الطبيبة: اختلفت مع الزملاء بخصوص الجراحات الصغيرة علينا أن نهملها ونحن على درب جرحنا الوطني الكبير... رغيف يعتدي على رغيف... فليغمز الرغيف للرغيف، ليس ضعفاً أو إيماناً بالخضوع، بل احتراماً لبستان القمح الكبير المعتدى عليه من قبل آفات لئيمة وافدة. والقريبة الممرضة، أمها مريضة، تعتني بها.... ولاتتخطى آلام الآخرين والأخريات، بل توليهم العناية كأمها، وتقول: كلنا أبناء الجرح الكبير وتلميذاته وتلاميذه.. وطن كبير بجرح كبير هو الأب والمربي والأستاذ والمرشد. حصة كل حبيب من الجرح الكبير صبر على الألم من أجل الحب، وحصة كل ممرضة إخلاصها وعناد النعاس، من أجل الأرق الجار والصديق... وحده الجرح الكبير يجمع ويلم كالأم... وحده يعلم القلوب نسيان الترهات والجراح الصغيرة التي لا تقدر على إسعاف الجراح الكبيرة.. الجرح الكبير يؤلفه الوطن الكبير قسراً... ويتعاون معه على شفائه... ويتعاون مع الجراح الصغيرة على أن تنسى حالها وأن تغيب في زحمة هم الجراح المصيرية... نؤلف حباً بإشراف أحزاننا المشتركة ولا نؤلف كراهية وليس بوسع القلوب الوطنية أن تحتمي بالكراهية وفضائل المتوعكين إنسانياً وأخلاقياً. ومن محاسن الحظوظ أن الجرح الوطني الكبير تفهم واقع الحال ومؤامرة المرض والنزف... وعلم الجميع أن يفهموا مؤامرات الأمراض على العافية والسلامة الوجدانية ويفاعة الأخلاق علينا أن نخنقها... - كيف نخنق المرض ومؤامرات النزف والعنف؟ - أن نتفاهم مع واقع حال قناعاتنا الوطنية وأن نتحامى بالنظافة الفكرية والروحية من تلوثات ولوثات القناعات المريضة بالذل والعار وعيوب المال وبطر الانحطاط... أليس عجيباً أن تعثر الحضارة على جمهرة أناس معجبين بانحطاطهم وبطرين بتلوثهم الفكري والحضاري؟!؟ بشر ليتهم حجارة أو سندان أو مطرقة بشر مشبعون بالانحناء كالخوف.. وكالأرض المملوءة بألغام اليباس والقحط... القحط الوجداني الذي يحل بعقول وأحلام المرضى بالتآمر والظلم لا بد للبشرية أن تتخلص منه وأن تبتكر مضادات أحلامية وأخلاقية ذات فعالية إنسانية عالية لضحض الحضيض بالخير وتدمير الخيالات العفنة بقوة الخيالات الجيدة. علة الزمن المعاصر أنه متحالف مع الوحشية والعنف وأنه متحايل على الرأفة بالفتنة والخراب... ليس في صالح القلوب أن تتآمر مع الضعة والضغائن على الجريان والنبض والحب... وليس من واجبها الخوف من الجرح الكبير لأنه وطني بامتياز... وشفاؤه وطني بامتياز وجراحاتنا الصغيرة خادمة أمينة.... |
|