|
مجلة تايم الأميركية لأنه على علم بأن الشرطة تتبع خطواته وتصرفاته الشخصية والسياسية خلال ثلاثة عشر عاما الماضية. الأمر الذي جعل زعيم حزب إسرائيل بيتنا ذلك الحزب اليميني المتطرف لا يفاجأ بقيام شرطة مكافحة الفساد بتوجيه لائحة اتهام بحقه لجهة تورطه في قضية غسيل الأموال، وقبوله الرشاوى، وعرقلته سير العدالة. لا ريب أن الإسرائيليين قد أصبحوا على معرفة واطلاع بما سيتعرض له ليبرمان ومستقبله بعد ان توافرت لديهم الخبرة والمعرفة من مسار التحقيق الذي سبق وأن أجري مع رئيس الحكومة الأسبق ايهود اولمرت الذي أجبر في نهايته على الاستقالة في العام الفائت إثر توجيه اتهامات مشابهة له. ولم يستمر بقاؤه في رئاسة الحكومة سوى بضعة أشهر من قيام الشرطة الإسرائيلية بتقديم التوصية بمحاكمته. لكن بالنسبة الى ليبرمان قد تمر الأمور بسرعة أكبر حيث يعود تقدير توجيه الاتهام إليه من عدمه الى النائب العام مناحيم مازوز وقد علمت مجلة تايم من مصادر قضائية إسرائيلية بأن قرارا بهذا الخصوص سيصدر في شهر كانون الأول من هذا العام. لأن تحقيق الشرطة يتركز حول ارتباط ليبرمان بعدد من شركات الأسلحة التي تدير إحداها ابنته البالغة من العمر 20 عاما والتي أصبحت في الوقت الحاضر من كبار الأثرياء. وقد ذكرت صحيفة هآرتس اليومية بأن مبلغ 3 ملايين دولار تلقتها تلك الشركة بين عامي 2004-2007 بحجة انها كانت نظير استشارات تجارية لجهات مجهولة لم يتم الإفصاح عنها. يدعي ليبرمان أن تحقيقات الشرطة تفتقر للدقة والموضوعية، لذلك يعترض على ما ورد بها متذرعا بالأسباب السياسية، لكن تلك التهم قد تفضي إلى تراجع في نسبة مؤيديه لدى بعض الفئات دون أخرى، لأن هذا الرجل المولدافي الذي قدم إلى إسرائيل، وعمل في بادئ الأمر في الملاهي الليلية، يحظى بشعبية كبيرة بين أكثر من مليون يهودي قدموا من الاتحاد السوفييتي السابق. بتاريخ 13 آب صرح ليبرمان لأحد المراسلين بأنه سيستقيل من وزارة الخارجية إن تم توجيه اتهام إليه، وأضاف : «إن قرر النائب العام توجيه الاتهام إليه بعد الاستماع لأقواله فإنه سيعمد الى التخلي عن منصبه كوزير للخارجية، ولن يتوانى عن التخلي عن منصبه كعضو في الكنيست في غضون اربعة او خمسة اشهر» لكنه بذات الوقت أعرب عن ثقة بالنفس عندما قال :«إنني على ثقة تامة بعودتي الى الحكومة في غضون العام القادم او العام الذي يليه لأكون وزيرا للخارجية». على الرغم من الانتقادات اللاذعة التي توجه الى وزير الخارجية ليبرمان جراء تصريحاته الاستفزازية المثيرة للجدل مازال يعرب عن تفاؤله بالبقاء في الحكومة دون ان يتقدم بالأسباب والمبررات التي تدعوه لهذا التفاؤل، خاصة في ضوء ما أعطاه من انطباع بابتعاد بلاده عن الاعتدال لكن خروجه من الحكومة وهو يمثل حزب إسرائيل بيتنا فيها سيقود حتما الى جدال ومناقشات لضم حزب كاديما، الامر الذي لا يرغب فيه نتنياهو ويجعله يبذل قصارى جهده للإبقاء على الائتلاف الحكومي القائم، وتقديم الدعم لأعضاء حزب إسرائيل بيتنا، الامر الذي يجنبه مشاركة حزب كاديما المعتدل الذي تتزعمه تسيبي ليفني في السلطة. يبدو ان نتنياهو معجب بفظاظة وزير خارجيته الذي جاهر وغالى في عدائه للعرب، الأمر الذي قاد إلى توتر في العلاقات مع واشنطن واوروبا، وزيادة العداء لإسرائيل في الشرق الأوسط، فضلا عما يراه الكثير من ان مواقف ليبرمان شكلت عائقا جديا أمام عملية السلام، وأفضت الى التوتر القائم بين البيت الأبيض ونتنياهو بشأن إصرار الولايات المتحدة على تجميد توسيع المستوطنات اليهودية غير الشرعية في الضفة الغربية. اما الفلسطينيون فإنهم يرون بليبرمان عقبة في وجه التقدم نحو السلام، وقد بدا الخلاف واضحا للعيان في الأسبوع الماضي عندما قامت مجموعة من كبار المسؤولين الأمريكيين برئاسة وزير الدفاع روبرت غيتس بزيارة إسرائيل، حيث عمد ليبرمان الى التهرب من لقائهم بتنفيذه رحلة الى امريكا اللاتينية بذريعة العمل على مجابهة النفوذ الايراني. يرى المعلقون السياسيون بأنه في الأحوال التي يتم بها تنحية ليبرمان فان احتمالا بتولي نتنياهو حقيبة الخارجية يبقى قائما، لأن رئيس الحكومة الإسرائيلية هو من يقوم بالمفاوضات الرئيسة مع واشنطن والعرب. وثمة احتمال آخر هو ان يقوم نائب وزير الخارجية دانييل ألون بتولي مهام ليبرمان الى حين صدور القرار ببراءته من التهم المنسوبة إليه. لكن هذا الأمر يتعذر حصوله لأن الشرطة أخبرت وسائل الإعلام الإسرائيلية بأن لديها أدلة وقرائن تدين وزير الخارجية عن ارتكاباته السابقة. يبدي الاسرائيليون رغبة في قيام النخبة السياسية بتنحية ليبرمان، ذلك الرجل الذي مازالوا ينظرون اليه كغريب عنهم لأنه حتى الآن لا يتقن اللغة العبرية وان تكلمها فإنه ينطقها بلكنة روسية، ولأن الجماهير رأت ما حل بأولمرت عندما تمت تنحيته جراء تهم مشابهة، وما لحق الرئيس السابق من خزي وعار بشأن ما اثير حول قضية الاغتصاب، الامر الذي ضاق به الإسرائيليون ذرعا وسواء كان ليبرمان مذنبا ام بريئا فان الشعب يرغب في إبعاده ويصبو الى ايجاد حكومة تتسم بالنظافة. بقلم: تيم مكغريك |
|