تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


التوتــر يــــعود إلى القوقـــاز

نوفوستي
ترجمة
الثلاثاء 25-8-2009م
ترجمة: د. ابراهيم زعير

الولايات المتحدة الأميركية تعيد تسليح جورجيا، وتدعو لضمها إلى حلف الناتو واسرائيل بدورها تمد نظام ساكاشفيلي بأسباب استعادة قوة جورجيا،

إن كان بدعمها عسكرياً أو بالخبراء العسكريين وتدريب قوات تبليسي، لتصبح قادرة على مواجهة القوات الروسية التي لم ينس الجيش الجورجي المخدوع الهزيمة التي لحقت به قبل عام على يد هذا الجيش الذي رد على اعتداء جورجيا على أوسيتيا الجنوبية واحتلال عاصمتها تسيخنفالي وقتل المئات من أبنائها الأبرياء. وهذا العدوان على أوسيتيا الجنوبية وتهديد أبخازيا هو الذي دفع الرئيس الروسي لإصدار مرسومي الاعتراف باستقلال هاتين الجمهوريتين الصغيرتين اللتين أصبحتا كيانين مستقلين نتيجة تفكك الاتحاد السوفييتي، وحدوث نزاعات على اساس اثني. علماً انه كان ثمة فرصة حتى عام 2004 لإعادة التكامل مع جورجيا، ولكن الوضع القائم من دون حل قد عكس الواقعيات السياسية لأعوام التسعينيات ومطلع أعوام الألفية الثانية. رغم حدوث اشتباكات قصيرة في عام 1998 وعام2001. وقد أعطى ذلك الأمل في أن يتمكن الطرفان من الاتفاق بهذا الشكل أو ذاك، مادام النزاع مجمداً، وبالتالي لن يكون هناك معنى لإجراء تغيير جذري في المواقف من تقدير مصير ابخازيا وأوسيتيا الجنوبية. ولكن سرعان ما وقعت اشتباكات عسكرية بعد 12 عاماً من فترة السلام. وسعت جورجيا إلى الغاء الوضع القائم للدول غير المعترف بها وإقصاء الكيانين المستقلين عنها من الساحة السياسية، ويمكن صياغة موقف تبليسي (ساكاشفيلي) كالتالي: نحن لن نتحدث مع الدمى. ونحن بحاجة إلى من يحرك هذه الدمى أي إلى موسكو. وبهذا فإن جورجيا نفسها وضعت الجمهوريتين المتمردتين المذكورتين خارج قوسين من العملية السياسية، وأرسلت اليهما إشارة لا لبس فيها وهي: نحن بحاجة إلى الأراضي وليس إلى قادتها مع سكانها.‏

وفي الثامن من آب من العام الماضي انهار الوضع القائم كلياً، وعندئذ صار السياسيون الروس يتحدثون بلغة أخرى. وأبدى الرئيس الروسي لأول مرة، في الواقع شكوكه بصدد وحدة أراضي جورجيا معلناً: أولاً: ان وضع الجمهوريتين الجورجيتين ذواتي الحكم الذاتي يجب أن يناقش دولياً، وثانياً أعلن عن استعداد روسيا لضمان أمن أبخازيا واوسيتيا الجنوبية، وكذلك ضمان خيار شعبي هاتين الجمهوريتين اللتين تتعرضان للاعتداءات الدائمة من قبل نظام ساكاشفيلي الموالي للغرب والمنفذ لتوجيهات الولايات المتحدة في منطقة القوقاز. وبعد هزيمة ساكا شفيلي في حرب الأيام الخمسة، وضع استراتيجيات جديدة لترويض المناطق المتمردة ونشرت صحيفة «نيويورك تايمز» ان جورجيا تعتزم استعادة بناء الجيش الذي لحقته الاضرار اثناء العمليات العسكرية. ويعول: ساكاشفيلي على ان تواصل الولايات المتحدة ابداء الدعم له. وأعلن الرئيس أوباما عن دعمه لجورجيا واستعادة وحدة أراضيها تماماً كما فعل سلفه جورج بوش الذي أعلن في حينه أن الولايات المتحدة ستواصل الوقوف كتفاً إلى كتف مع شعب جورجيا وديمقراطيتها، وكذلك دعم سيادتها ووحدة أراضيها. وماكان للولايات المتحدة أن تعلن هذا الحرص على ما يسمى سيادة ووحدة أراضي جورجيا، لو لم يكن نظامها يقدم الخدمات الضرورية لها لكي تبقى عسكرياً وسياسياً في قلب آسيا الوسطى والقوقاز وتهديد سيادة ووحدة روسيا وتهديد مصالحها الحيوية الاستراتيجية في الفضاء السوفييتي السابق. وعندما قررت روسيا التصدي لتبليسي بحزم. فإنها أظهرت الحدود التي لن تتراجع عنها، ويبدو جلياً للعيان بأنه حتى في رابطة الدول المستقلة (كمجال سياسي) لايوجد لدى روسيا حلفاء بهذه المسألة، ناهيك عن الولايات المتحدة وبلدان الغرب. ولكن الغرب من جانب آخر مازال يلمم (بصورة مباشرة بقدر أكبر) إلى أنه غير مستعد للطلاق التام مع روسيا الاتحادية.‏

وفي نهاية المطاف إن أوروبا نفسها يجب أن تتقبل فكرة فشل مشروع «جورجيا الموحدة» الذي تصر عليه الولايات المتحدة وبعض حلفائها هنا وهناك. وعلى الجميع أن يقتنع أنه لا تتوافر لدى جورجيا أي وسائل سلمية للتكامل مع اوسيتيا الجنوبية وابخازيا. بينما لا يمكن أن تسمح روسيا باعتبارها دولة قوقازية جزئياً، باستخدام الطرق العسكرية هناك. ولن تسمح أن تتحول القوقاز إلى خنجر مسموم في خاصرة روسيا الجنوبية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية