|
معاً على الطريق على أي حال: فالاحترام بما يتواضع عليه المعاصرون أن تكون معاملتك مع الآخر مهما كان هذا الاخر-معاملة فيها من الأدب والتكريم والتقدير وحفظ الكرامة. ولهذا فالمحترم هو بالضبط ماينطوي على هذه الصفات ويمارسها. وفي الثقافة الشعبية يحتل الاحترام مكانة مهمة في الحياة الأخلاقية. بل وفيها أوامر أخلاقية تحض على الاحترام. كاحترام الصغير للكبير، واحترام المرأة لزوجها واحترام الطالب للأستاذ.. وفي الغالب يكون الاحترام من قبل الأدنى للأعلى . ولعمري أن هذا النوع من الاحترام قليل الشأن في علاقات الناس التي هي اكثر من مجرد أدنى بأعلى. لأن الانطلاق من مبدأ الاعلى والأدنى يفسد العلاقات المعشرية بين الناس. والاعتداد « بالأنا» لايفضي إلى استصغار الآخر. ويجب أن لا يفضي. فإذا كان على الطالب أن يحترم الأستاذ بوصفه استاذاً فعلى الاستاذ أن يحترم الطالب أيضاً. أي يجب أن يكون الاحترام متبادلاً بين الناس بوصفهم أناساً فقط لا بوصفهم درجات. تخيل أن يدعوك أحد ما إلى غداء أو عشاء أو أي حفلة عن طريق مرافقه أوسكرتيره أو معاونه مع أن الأمر لا يكلفه سوى ثوانٍ من الاتصال بالمدعو. إنه ببساطه قرر أن لا يحترمك. إن قرر أن يرسل لك رسالة مفادها : أن درجته لا تسمح له بالنزول إلى درجتك، ومخاطبتك وجهاً لوجه. وبالتالي فإن احترامه لك محدود. أو أن يستصغر أحد رأي آخر فيسخر من رأيه أو يستهزئ اعتقاداً منه أنه في درجة أعلى في العلم والمعرفة من الآخر. الاحترام الإنساني سلوك مهم، إنه يحول دون ايذاء كرامة الإنسان، دون الغرور المفسد للعلاقات المعشرية، يحول دون خلق الشعور عند الآخر بأنه مستهدف بالقهر. والحق: أنه دون فلسفة في الانسان ، دون اعتبار الانسان قيمة القيم فإن الأخطار المهددة للإنسان نتيجة الوعي الزائف الآنف الذكر كبيرة جداً. وأهم نتيجة : خلق أساس للعداوة بين البشر. ولست واجداً أي سبب وجيه يدعو رجل السلطة إلى الاعتقاد بأنه في درجة أعلى من الآخرين. أقول ذلك لأن ظاهرة عدم الاحترام تتفشى أكثر ما تتفشى عند أهل السلطان، وإن كان أهل الثراء أحياناً يتفوقون على أهل السلطان في هذه المذمة. لكن الأمور التي هي دول من سره زمن ساءته أزمان تكون قاسية على أولئك الذين لم ينطلقوا يوماً من فكرة الانسان. |
|