تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لماذا يهاجمون سورية ويطلقون يد إسرائيل؟!

شؤون سياسية
الأربعاء 27-6-2012
عبد الحليم سعود

بينما تتابع إسرائيل بعيون قلقة تطورات الأوضاع في مصر وسورية مستفيدة من انشغال البلدين بأزماتهما الداخلية، يقوم جيش الاحتلال بتصعيد الأوضاع في قطاع غزة في اختبار مباشر لردات الفعل المحتملة من قبل الدول العربية المؤثرة والمعنية أكثر من غيرها في الشأن الفلسطيني،

ويأمل مسؤولو الكيان الصهيوني في أن يساعدهم الوضع المتأزم في المنطقة وتواطؤ بعض الأعراب على أمتهم وشعوبهم في خنق الشعب الفلسطيني وزيادة معاناته وصولا إلى مصادرة جميع حقوقه وتصفية قضيته المشروعة تصفية كاملة.‏

فعلى مدى أسبوع تابع العالم بصمت مريب العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة الذي سقط خلاله عشرات الفلسطينيين بين قتيل وجريح، الأمر الذي دفع فصائل المقاومة الفلسطينية للدفاع عن شعبها والرد بقصف المستوطنات المحاذية للقطاع، وهو ما يعيد للأذهان ذكريات عدوان عام 2008 على القطاع، يومها لم تكن الأوضاع الدولية والإقليمية بهذا السوء الذي نشهده اليوم، ومع ذلك نجت إسرائيل بفعلتها من العقاب والمحاسبة ولم تدن على جرائمها ومجازرها بحق الفلسطينيين، وأطلقت يدها لتستمر في الحصار والتضييق على سكان قطاع غزة على مرأى ومسمع المجتمع الدولي والعربي الذي لم يحرك ساكنا لوقف هذه المأساة الإنسانية بحق أكثر من مليون ونصف مليون إنسان.‏

آنذاك قادت سورية العمل العربي المشترك الهادف لوقف العدوان ومساعدة الفلسطينيين ودعم مقاومتهم وحاولت توحيد الصف العربي، فدعت إلى قمة عربية استثنائية حضرها بعض العرب مجاملة وغاب عنها البعض الآخر إمعانا في الخذلان والتآمر، في ذلك الحين قادت مصر «كامب ديفيد» الفريق الآخر في محاولة للتغطية على العدوان وإجهاض أي عمل عربي من شأنه لجم العدوانية الإسرائيلية وتخفيف معاناة الفلسطينيين، وسجل يومها أن نظام مبارك الذي سقط العام الماضي لم يتوقف عن ضخ الغاز المصري «رخيص الثمن»لإسرائيل في حين تم إغلاق معبر رفح المصري في وجه الفلسطينيين الفارين من جحيم العدوان، وتمت مطاردة واعتقال رجال المقاومة اللبنانية لأنهم حاولوا مساعدة ومؤازرة إخوانهم المظلومين والمعتدى عليهم في قطاع غزة.‏

اليوم الأوضاع تغيرت كثيرا وصار بإمكان إسرائيل أن تعتدي وتقتل الفلسطينيين دون حساب ودون أن يتحرك أو يبادر أي زعيم عربي في عصر «الثورات الخلبية» إلى مناقشة الموضوع أو إبداء ردة فعل منددة بالعدوان، فالجميع اليوم مشغول بتصفية الحساب مع سورية التي وقفت دائما إلى جانب فلسطين وإلى جانب كفاح ونضال شعبها من أجل الحرية، العرب اليوم يمنعون المال والسلاح والغذاء والدواء والكهرباء عن الفلسطينيين ويضعون أيديهم في يد المعتدي لاستكمال الحصار ضد الشعب الأعزل، ويمنحون ساعات بث فضائياتهم الفاجرة لقادة العدو لكي يدافعوا عن جرائمهم وارتكاباتهم، وتحميل الشهداء والضحايا من أبناء جلدتهم المسؤولية.‏

العرب اليوم يرسلون السلاح والمال والمقاتلين الإرهابيين إلى سورية ليفسدوا ويخربوا فيها ويقتلوا أبناءها ويحرضوا عليها العالم لإيذائها ومعاقبة شعبها الصامد إمعانا في تحييدها وإشغالها عن قضايا أمتها وشعوبها وخاصة الشعب الفلسطيني الذي يعاني الاحتلال والعدوان والقهر والإذلال، العرب اليوم يمنحون ساعات البث الفضائي لشهود الزور والمنافقين والموتورين والخونة لكي يسيئوا لسورية وشعبها وقيادتها، يأتون بكل مرتزق ومأجور لكي يمعن في تشويه وتزوير الحقائق وقلب الوقائع على الأرض لتضليل الرأي العام العربي والدولي، ويستحضرون شيوخ الضلالة والفجور والفتنة على فضائياتهم أيضا من أجل إذكاء نار الفتنة وخلق العصبيات وضرب عرا الوحدة الوطنية التي تربى عليها أبناء سورية على مر العصور، ومع ذلك يخرج هؤلاء بكل وقاحة ليعلنوا أنهم واقفون إلى جانب الشعب السوري.‏

كيف يستقيم لهم التجاهل والتغاضي عما ترتكبه إسرائيل من جرائم وانتهاكات بحق الشعب والأرض والعرض والمقدسات منذ أكثر من ستين عاما، ثم يستيقظون مرة واحدة للحديث عن الحريات والتشدق بالديمقراطية في سورية وهم الذين لم تعرف شعوبهم طعم الحرية والديمقراطية يوما ما لم يكونوا شركاء في التآمر وأداة في مشروع تخريبي عدواني بعيد كل البعد عن الإنسانية..؟!‏

كيف يساعدون الشعب السوري ويخففون معاناته إذا كانوا هم من يرسلون المال والسلاح والإرهابيين لارتكاب الفظائع والمجازر بحقه، وكيف لهم أن يدعوا أنهم أصدقاء الشعب السوري إذا كانوا يشاركون في معاقبته وحصاره في لقمة عيشه وضرب اقتصاده وتخريب ممتلكاته على يد العصابات الإرهابية التي تحمل فكرهم التكفيري والإجرامي..؟!‏

هل يرضي غرورهم وساديتهم أن تسقط آخر قلاع العرب ويهيمن على قرارها عصابات تمتهن الإرهاب والفوضى والتخريب، عصابات تعمل على إشعال الفتنة والطائفية وتقتل وتخطف وتمثل بجثث الشهداء والضحايا، هل يرضي غرورهم وعمالتهم أن تتحول سورية إلى صومال آخر غير قادر على الخروج من محنته واحتراب أبنائه ضد بعضهم البعض..؟!‏

أغلب السوريين باتوا يدركون نقاط قوتهم ويعرفون جيدا لماذا تستهدف بلدهم بشتى أنواع الإرهاب والفوضى والدمار، ولذلك باتوا أكثر تمسكا بوحدتهم وبالدور التاريخي الذي تلعبه بلدهم في الدفاع عن قضاياها وقضايا أمتها، ومهما طالت الأزمة أو قصرت فسوف يخرجون منها أقوى وأشد، لأنهم شعب الحضارات الذي صقلته التجارب والأزمات، ولن يفت في عضدهم ما يمارسه تجار النفط وأدعياء الإسلام في مشيخات العار العربية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية