تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


بعض ايقاعات تغيير قواعد الاشتباك

شؤون سياسية
الأربعاء 27-6-2012
بقلم: علي الصيوان

شارك اسلاميون سوريون نظراءهم المصريين التظاهر في ميدان التحرير في القاهرة 21/6/2012, تأييداً لترئيس محمد مرسي, وهتفوا معا بحياة جماعة ما يسمى “الجيش السوري الحر” المسلحة.

وهذا ينسجم مع عقيدة سياسية انتعشت في الوطن العربي تحت عنوان “الربيع...” الإسلاموي. وليس العربي.‏

وفق هذه العقيدة يغدو بدهياً أن ينخرط إسلاميو مصر وسورية في نشاط يعبر عن همهما المشترك. وهو التطلع إلى الهيمنة في البلدين, ان لم يكن على الساحة القومية بأسرها.‏

فما هوية هذه العقيدة السياسية المنتعشة؟‏

ثمة محددات لهذه العقيدة, أبرزها ما يتصل بالشأن القومي ومركزية قضية فلسطين فيه, بوصفها قضية جبه غائلة الغزوة الصهيونية لوطن العرب, والتي تملي سلم الأولويات وقواعد الاشتباك على الأمة.‏

دفعا لأدنى التباس, فإن الأمة المقصودة هي الأمة العربية.‏

والحماسة المشتركة للإسلاميين في مصر وسورية, وثيقة الارتباط بتاريخ من العمل المنسق ضد الوحدة العربية والتيار القومي, ممثلا بصفة خاصة, بالبعث والناصرية.‏

الركيزة النظرية في فلسفة الإسلام السياسي الحاملة لمناهضة التيار القومي, هي أن الأمة الإسلامية في مجموعها, وليس العربية وحدها, هي مناط ما يجب عمله. تستوي في ذلك فلسطين مع كشمير وكوسوفو والشيشان... الخ. وتاليا: فإن قواعد الاشتباك ترتسم تبعا لهذه الفلسفة, بالافتراق عن التيار القومي.‏

في الوضع الحاضر يستقوي الإسلام السياسي بالمساندة الإمبريالية النشطة, لتعويض ما فاته في صدامات تخللت حقبة العقود الستة المنصرمة مع التيار القومي.‏

يقع الإسناد الإمبريالي, لاسيما الأمريكي, للإسلام السياسي ضمن حزمة أهداف تجعله شريكا صغيرا, وإن يكن مبشَّرا بعائدية مجزية من الانخراط في معركة الإمبريالية لإعادة ترتيب الأوضاع في وطن العرب ترتيباً تعاد معه صياغة العالم, وبما تتقي معه الأنظمة الإمبريالية تداعيات زلزالية للأزمة الرأسمالية البنيوية التي تعصف منذ 2008.‏

وهذا ما لاحظته موسكو في قراءتها لمفاعيل التحالف الإمبريالي-الإسلاموي, المزداد نشاطا, وهو أن مستقبل الصراع في سورية سيحدد مصير النظام العالمي اللاحق.‏

في أي حسبة لعائدية الإسلام السياسي من هذا التحالف, تتربص بـ”العائدية” حقيقة ممتحنة, هي أن ثمة تناسباً عكسياً بين المساندة الأمريكية لأي مكون سياسي, وبين مقبوليته في بلده, إلى الدرجة التي يصير معها الارتهان لأمريكا إثما, ولعنة تسوّد وجه من يقترفه, وتسد أفقه السياسي.‏

وهذه قاعدة لا استثناء لها في بلدان الكفاح من أجل التحرر الوطني. وهذا يفسر محاذرة الإسلاميين الجهر بعلاقتهم مع واشنطن, حتى وإن أفرط السيناتور جون ماكين في شكر الإخوان المسلمين لدورهم في تهريب 19 أمريكيا كان القضاء المصري ينظر في جناية إضرارهم بالأمن القومي. وحتى وإن أدى انخراط الإسلاميين في خطة واشنطن لتحقيق “شرق أوسط كبير” إلى تدمير البنية التحتية الوطنية في سورية.‏

لكن المحاذرة لا تنفي المؤكد.‏

و”الجزء الظاهر من جبل الجليد”, لا ينفصل عن الاستراتيجية الإمبريالية القاضية بضمان أمن “اسرائيل”, طبقاً لـ”التصريح الثلاثي” 1950, (واشنطن-لندن-باريس).‏

وهنا سقف “غنائم” الإسلام السياسي من التحالف مع العواصم الإمبريالية الضامنة لأمن “اسرائيل”.‏

فواشنطن ليست مولّهة بإصلاح تعلن أنها تنشده للعرب. بل هي ملتزمة بكسح مهددات “اسرائيل”. وهي تتحالف مع الإسلام السياسي ليؤدي دور الكاسحة بإيصال الطفرات المسلحة إلى تقويض عقيدة العرب القومية بإيقاعات يؤدي تراكمها إلى سحب قضية العرب القومية المركزية: فلسطين, من جدول ما يجب عمله.‏

به تبرز اتفاقية كامب ديفيد 1978 التي يقدم الإسلامويون أوراق اعتمادهم لواشنطن بالتمسك بها. لكونها شرخت الأساس في عقيدة العرب القومية بسحب ميثاق الدفاع العربي المشترك من الحياة السياسية العربية. وأسست لعقيدة اشتباك تحرف جامعة الدول العربية عن مهمتها الأصلية. وهي أنها “بيت العرب”.‏

لنتمعن في كيفية تعاطي الجامعة مع العدوان العسكري الاسرائيلي على قطاع غزة مؤخرا, قالت في 20/6 إنها تطلب تدخل الأمم المتحدة لحماية المدنيين الفلسطينيين.‏

هذه مقاربة باهتة وخجولة, والنطق بها تم من باب رفع العتب. لأن طلبا بهذا الخصوص لم يتقدم به أحد: لا الأمانة العامة ولا لجنة متابعة مبادرة السلام العربية.‏

ثم أن أياً من الوكالات المختصة في هيئة الأمم المتحدة, مجلس الأمن, والجمعية العمومية, ومفوضية حقوق الإنسان, لم تتلق طلبا في هذا الشأن.‏

وبالمقارنة مع دور الجامعة في استدعاء حلف الناتو لتدمير ليبيا, وإدخالها بوابة الخراب, ومع اللهاث وراء استنساخ السيناريو الليبي في سورية, نتبين أن المتحصل من التحالف الإمبريالي-الإسلاموي هو تغيير قواعد الاشتباك في الإقليم, بما تخرج معه “اسرائيل” من قائمة أعداء الأمة العربية و... الإسلامية. بإيقاعات تتراكم وتتطاير شرورها إلى حد يجعل قضية الصراع العربي-الصهيوني غير ذات موضوع.‏

وبسؤاله عما يشغل الجامعة عن فلسطين, قال أحمد بن حْليّ لفضائية “روسيا اليوم” 20/6:‏

1-تطرف الحكومة الاسرائيلية.‏

2-التغييرات في العالم العربي(!!!).‏

Siwan.ali@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية