|
هآرتس وثمة عنوان ساخر في الانترنت يقول «كلنا سامريون أخيار – نوقف طرد السودانيين والاريتريين». نعم، فقد كان السامريون موضوع الكراهية القديم للدين اليهودي. وقد يكون منطقيا أكثر أن نفترض ان العنوان هو ترجمة ساذجة من لغة غربية. فأسطورة «السامري الطيب» مسيحية بل معادية لليهودية. فإذا كان الامر كذلك، فإن هذا الخطأ المطبعي يكشف عن جانب عميق في جماعة حقوق الانسان الاسرائيلية، حيث ثقافتها وليس ميزانياتها فقط، مصدرها المراكز في الغرب. وهنا يكمن ايضا جذر ضعف المعارضة. وليس هو فقط التخلي سلفا عن اليهود المتدينين الذين نفترض أنهم يعلمون مصدر مصطلح «السامري الطيب» بل هناك عدم قدرة على تحديد نظام العنصرية الاسرائيلية الذي يحتاج الى معارضة سياسية وليس الى «سامريين أخيار» فقط يعودون من برلين أو لندن ويرجعون الى هناك ليشحنوا بطاريات ضمائرهم. من الثابت ان اليمين يحرض على المهاجرين الافارقة ويستعمل الاسلوب الفاشي الجديد من اوروبا الغربية. ومن الثابت ايضا ان جزءا كبيرا من المحرضين والمحرض عليهم ما كانوا ليجتازوا أجهزة الرقابة على الحدود في اوروبا بلا إذلال ، حيث كل من يقف في الصفوف في المطارات في الغرب يعرف المعاملة المزرية التي يتلقاها ذي البشرات السمراء، وان كان الاسرائيليون لا يحبون الحديث عما يجرى لهم أو بعض منهم في المطارات باعتبارهم سودا. فالعنصرية الغربية تميز قبل كل شيء بين لون ولون وقد كانت كذلك دائما. لكن في حماسة الحديث عن القسوة الفظيعة لما يجري في اوروبا يجري تغافل حقيقة ان اسرائيل دولة عنصرية بحسب دستورها وقوانينها، وعلى أساس هذه العنصرية التقى معا بنيامين نتنياهو وميخائيل بن آري وايلي يشاي واوفير ايكونيس متحدثين عن «الخطر على الدولة اليهودية». وقد اعتمدت قوانين المواطنة في اسرائيل (سواء تلك التي ترفض منح الجنسية أو التي تمكن من الحصول السريع عليها ) اعتمدت دائما على التفريق بين اليهودي وغير اليهودي، وهو تفريق يعتمد أساسا على الدين. وهذا هو العمل الرئيس للحاخامية وهو ان تكون جدار الفصل بين اليهود وغير اليهود. وفي خضم هذا السياق وخاصة «قانون العودة» نشأ الجدل حول «من هو اليهودي». ولم يرفض المتجادلون على اختلاف مشاربهم ابدا قانون العودة العنصري. ويستطيع من يبحث في أرشيف الصحف ان يعثر على أشخاص يؤمنون بما بعد الصهيونية وقد اجتهدوا في الدفاع عن قانون العودة بين الطبقات المثقفة. وكان التعليل منافقا جدا بأنه ينبغي ان يُقال بأن قانون العودة هو تمييز معدل . ويتضح من قوانين الجنسية والميزانية الصورة الحقيقية للعنصرية الاسرائيلية. وما طرد المهاجرين الافارقة مهما يكن قاسيا وغير اخلاقي سوى جرح ذي قيح فقط ويجري تحته سم يومي من جهاز ولغة يجعلان الطرد متاحا ويبدو كأمر طبيعي وسريع. ان عنصرية اسرائيل ليست غربية نموذجية، أي ليست عداء لذوي البشرات السوداء أو تنمية للخوف منهم.وهذه العنصرية، وسلاحها الشهير هوالاحصاء السكاني، فريدة في نوعها في الغرب الديمقراطي. فهي تدافع عن قومية عرقية وترى في الزيادة الطبيعية العربية «سرطان في جسم الأمة»، وأن تعليم الاولاد العرب خطير، ولهذا مايحصلون عليه لتربيتهم أقل كثيرا مما يحصل عليه اولاد اليهود، وتميز العرب فيما يتعلق بحصصهم من مياه الزراعة، وتفترض ان نسبة وفاة الاطفال في الوسط العربي أعلى من نسبة وفاة الاطفال اليهود لأنهم «متخلفون» وان «تخلفهم» لم ينته طوال 64 سنة لأن هذا قدرهم وواقع حالهم . والعنصرية الاسرائيلية جزء من السياسة اليومية لكل مؤسسات الدولة من سلطات المياه وسلطات الرفاه والتربية والاكاديميا والصحة (هل رأيتم مستشفى عاماً في مدينة عربية؟) الخ. ان من يزعجهم طرد الافارقة البربري، يجدر بهم أن يخصصوا وقتا قصيرا للنظر في الاحصائيات عن حياة الأقلية العربية في اسرائيل، وان يولوا اهتمامهم للجوانب السياسية، وليس من باب العطف والصدقة الانسانية . بقلم: اسحق ليئور |
|