تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هنيهة واحدة للوعي

لبنان
معاً على الطريق
الأربعاء 27-6-2012
نبيه البرجي

ليس هناك من هو معني ببقاء، أجل ببقاء، سورية أكثر من السوريين، أي سوريين إذا ذهبت سورية، وأي سورية إذا ذهب السوريون؟

لم تعد تجدي الثرثرة على الشاشات، ولا التنظير في الردهات الملحقة بإحدى دوائر وزارة الخارجية في هذه الدولة «الراعية» أو تلك، ولا اللعب أو التلاعب بالوقت لأنه التلاعب بالدم مثلما هو التلاعب بالبقاء..‏

لا أحد مثل السوريين على تماس مع التاريخ، مع كل أشياء التاريخ، فكيف لا تدرك، ولا مجال للالتباس في المشهد، أن الهدف هو سورية، والسوريون. عندما توضع اليد على سورية وعلى السوريين، يغدو المشرق العربي بأسره في نقطة التقاطع بين يوشع بن نون وعوفاديا يوسف الذي يعتقد تلامذته من حاخامات العصر أن ما يلحق بسورية الآن إنما هو استجابة من الملائكة المدمرة للصلوات، فالسوريون هم «ذئاب الشمال» الذين يفترض محقهم (وبالحرف الواحد) كي ترفل دولة يهوه بالرفاه والطمأنينة.‏

وليتوقف ذاك الهذيان، فالسوريون هم الذين يصنعون الديمقراطية، والحرية، والعدالة، التي لا تستورد بقاذفات الأطلسي التي استنفرت لأن السوريين دافعوا، وسيدافعون أبداً، عن ترابهم، وبحقائب إن لم يكن بسراويل القناصل.‏

السوريون الأكثر عروبة، والأكثر تضحية، والأكثر مروءة. أنهم وجه العرب، وأنهم ضمير العرب، ولن يكون لهذا الوجه، ولهذا الضمير، أن يتلطخ، وهم الذين يعلمون من هم صانعو الوحول، وصانعو الفرقة بين الأهل والأهل. وما هرق من الدم يكفي، وإلا الانزلاق أكثر فأكثر في لعبة الأمم ودائماً من خلال لعبة القبائل.‏

هل هذه هي سورية؟ وهل هؤلاء هم السوريون الذين ندرك كم عانوا، وكم تحملوا، وكم ضحوا، وكم تعذبوا. لكن مقاربة الخطأ لا تتم بالخطيئة، ولأن الصرخة من أجل الحرية هي الصرخة من أجل الحرية، لا الصرخة من أجل التبعية والارتهان. من يصدق أن سورية العصية والشاهقة، كما قامات أبنائها، يمكن أن تكون في قبضة السلاطين (بقايا السلاطين) وفي قبضة الأباطرة (بقايا الأباطرة).‏

سورية لا يمكن إلا أن تكون سورية والذين انزلقوا في هذا الاتجاه أو ذاك، وما بينهما حائط الدم، نقول أعطوا هنيهة واحدة، هنيهة واحدة، للوعي، وإلا ليذرونا جميعاً الدم، بل ليذرونا العدم ولتكن وقفة ضد العدم!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية