|
الصفحة الأولى ولاسيما في ظل الواقع الذي تعيشه. ومن الصحيح تماماً القول: إنه لو كان الخرق من طائرة سورية غير معرف عنها لأسقطت. بكل الأحوال، سورية تصرفت بما هو حق سيادي لها، وأبدت الكثير من حسن النيات لمعالجة ذيول الحادث بكثير من الحكمة التي تستوجبها علاقات الجوار. لكن ردود الفعل الأخرى، من تركيا ومن دول أوربية وغربية، لم تظهر أبداً نيات حسنة، ومن الضروري جداً التحسب لتطورات الموقف. بريطانيا شمرت عن ساعديها وأبدت استعدادها بما يكفي لضخ الزيت على أي مشروع للنار!! وشركاء بريطانيا بأحسن الحالات وصفوا إسقاط الطائرة بالعمل غير المقبول، و«تواقحت» وزيرة الخارجية الأميركية فوصفت العمل السوري ب«الوقح»!. كل هذه التصريحات لا تخفي نظرة العداء لسورية والاستهانة بشأنها في محاولة لاستغلال الوضع وتأزيم العلاقات أكثر بين البلدين. هي ليست المرة الأولى التي تتصدى فيها الدفاعات السورية لطائرة تخرق أجواءها، وتسقطها أحياناً. ألم يحصل ذلك مع مقاتلة أميركية تابعة للحاملة «نيوجرسي» في أواخر عام 1983 فأسقطت وتم أسر الطيار وسلم للقس «جسي جاكسون»؟ لماذا لم تعط وقتها كل هذا الاهتمام!؟ وكانت الظروف صعبة أيضاً في المنطقة، بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان وخروج منظمة التحرير الفلسطينية، ألا يعني ذلك أنهم يخلقون مبررات للتحرش بالشأن السوري؟ حكومة أردوغان لاذت مرة أخرى، بلا مبرر، بالناتو. وتخبطت فيما ذهبت إليه من الادعاء والاتهام وتغيير وقائع الحدث! في حين أظهرت قوى سياسية تركية متعددة اتجاهاً لمعالجة الأمر بالحكمة بين البلدين، وقد تكون حكومة أردوغان فكرت بالأمر كذلك في البدء، ثم تشجعت بالاتجاه إلى الناتو بعدما صدرت تصريحات لا مسؤولة من دول غربية استعمارية. الآن وقد أصدر الناتو فتواه مبتعداً مرة أخرى عن مغامرة غير مبررة بمواقف دولية، وغير محسوبة النتائج، وعاد أردوغان فتحدث عن دور تركي في أمن المنطقة واحترام سيادة دولها، وأعلنت سورية بوضوح جلي رغبتها بأفضل العلاقات مع تركيا، هل يمكن أن نتخيل أن تكون الحادثة بوابة لعبور علاقات البلدين مرة أخرى إلى التألق والتطور؟ أقدر أن في ذلك شيئاً من الحلم، وأنه من الصعب أن نصادف الرومانسية في السياسة، لكننا لسنا بالحلم وحده نلوذ. بل نلوذ بجيشنا، ثم لنا أصدقاء كثيرون في العالم وأقوياء، يعنيهم كثيراً أن لا تخرج الأمور من عقالها، وهذا ما نريده، وما ينفعنا. |
|