|
فنون
ففي الموسم الدرامي الرمضاني هناك أكثر من عمل يتناول هذه الثيمة كأساس ينطلق منه لطرح أفكار ورؤى ومشكلات تلامس هموم الناس الذين سكنوا تلك الأحياء والعلاقات التي خلقت بينهم في بيئة قد لا تتوفر فيها الشروط الصحية كاملة كما في الأحياء الأخرى ، ومن تلك الأعمال هناك (سحابة صيف ، قاع المدينة ، زمن العار) وإن كان لكل منها حكاية وأحداث مختلفة عن الآخر وتناول كل منهم زاوية من واقع (مناطق المخالفات) إلا أن خطاً إنسانياً خفياً يجمع فيما بينها ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه حول السبب الذي دعا إلى وجود أكثر من عمل درامي يخوض في هذا المضمار ، فهل هذه الأعمال مجرد موضة وفقط أم أنها تشكل ملامسة حقيقية لواقع لا بد أن تنعكس آثاره على المجتمع برمته ؟ ..
النقطة السوداء المخرج مروان بركات مخرج (سحابة صيف) يؤكد أن عمله له علاقة بهذه البيئة ، ويقول (هناك مجتمع كامل في تلك المناطق ينبغي أن نسلط الأضواء عليه وهذه مهمتنا فأنا كمخرج مهمتي أن أضع اصبعي على النقطة السوداء وليس البيضاء ، لأنني عندما أضعها على النقطة البيضاء الأفضل لي عندها أن أعمل في مجال السياحة !..) أما منتج العمل ذاته أيمن شامية فيشدد على رفض وصف تلك الأعمال بالموضة لأن حالها لا يشبه حال انتشار الأعمال الشامية التي أصبحت موضة ، يقول (الأعمال التي نتناولها أكثر واقعية وقرباً من الإنسان ، فالعلاقات المزيفة تزول إلى حد ما في هذه المجتمعات وعندما تدخل إلى الحارات التي تسميها عشوائية أو مناطق مخالفات نجد أنها لم تعد كذلك بعد تمديد الكهرباء والماء وإن قلنا أنها الأكثر فقراً تجد أن العلاقات الاجتماعية فيها تثيرك لإنجاز مسلسل وترى حالة من فيها . عموماً إن كان العمل كله يتحدث عن هذه المناطق فقد يكون موضة ولكن المسلسل الذي قدمناه ليس كذلك لأن الحارة هي خط فيه وفيها الدمشقيون ومن هم من المحافظات الأخرى إضافة للفلسطينيين وبعض العراقيين ، فنحن نتحدث عن وضع عام ونرى دمشق بتشكيلتها اليوم) .
حال الطبقة الوسطى أما المخرجة رشا شربتجي التي سبق وقدمت مسلسل (غزلان في غابة الذئاب) وخاضت فيه غمار الدخول إلى عمق مناطق المخالفات ورصد أفكارهم وهمومهم وآلامهم .. تعود مرة أخرى لتقدم عملاً يحمل سمة هذه البيئة ولكن ضمن إطار مختلف وحكاية تفضح القيم الأشبه بفقاعات الصابون وذلك من خلال مسلسل (زمن العار) ، ولكنها تؤكد أنه رغم دخولها مناطق (المخالفات) السكن العشوائي في مسلسلها الجديد إلا أن بطلها ليس (العشوائيات) فهو يتناول عدداً من القضايا الاجتماعية من خلال حياة مجموعة من الفقراء الذين يعيشون في مناطق المخالفات كما يقدم مجموعة من الأفكار الهامة منها ما يتعلق بالطبقة الوسطى ، ويذكر أن شربتجي صوّرت عملها في الأماكن الواقعية ضمن مدينة دمشق وضواحيها ومناطق المخالفات . خدش الحياء المخرج سمير حسين الذي أخرج (قاع المدينة) يعّرف مفردة القاع بأنها ترتبط بالبيئة وبما هو شكلي من جهة كما أن لها علاقة بالعوالم الداخلية للشخصيات وجوهرها من جهة أخرى .. يقول: (إننا نسعى للولوج إلى القاع النفسي والقاع البيئي لشخصيات العمل فنتناول عمق المدينة ومن هم في الحضيض مادياً ، ونتناول أيضاً من هم في القمة لأن لهم قصصهم) ، وحول تكرار فكرة التطرق إلى مناطق المخالفات في عدد من المسلسلات هذه السنة ، قال : (قد تجد بعض التشابه في النصوص أحياناً وهذا الأمر هو إحدى المشكلات التي نعانيها أحياناً في الدراما السورية فيكون هناك تقليد لعمل أو يتم تناول الحقبة الزمنية ذاتها .. ولكني أرى أن الأمر يتعلق بالمعالجة بغض النظر عن المكان ، فالمشكلة الأساسية هي كيف نعالج هذا الموضوع ونقدمه ضمن إطار فيه المتعة والفائدة معاً فيرى الناس أنفسهم على الشاشة .. إننا نلقي الضوء في العمل على واقع الفقر ومحاولات تغييره) . وحول مدى غوصه في الحياة الحقيقية لمجتمع (المخالفات) خاصة أن الفقر يولّد أمراضاً اجتماعية نفسية وربما يؤدي للانحراف ، قال : (سعينا أن يحمل العمل سمة القاع وبالتالي قدمنا الشخصيات بطريقة منطقية وواقعية فما أن يراها المشاهدون حتى يشتمّون رائحتهم فيها ، ولكن في النهاية نحن ضمن مجتمع أسري ونحرص على أن يكون العمل موجهاً للأسرة ، بمعنى أن هناك مجموعة هائلة من القصص التي لم نخض فيها لأن هدفها إثارة غريزة المتفرج ، فنحن لا نصور الواقع كما هو وإنما نستلهمه وليس معنى ذلك أننا نجمله ولكن هناك صيغة فنية تتلاءم مع تركيبة مجتمعنا بحيث لا تخدش ولا تسيء كما يحدث في الكثير من الأعمال). |
|