تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قراءة فــــــــــــي حـدث..براعم في حقل التربية

آراء
الأربعاء 19-8-2009م
د. اسكندر لوقا

كما البراعم تتفتح بألوانها الزاهية على أطراف أغصانها في بداية فصل الربيع، كذلك كان تفتح البراعم الشابة من أبناء وطننا في أمسية الاحتفال بتكريمهم في المركز الثقافي العربي في بلدة الزبداني منذ بضعة أيام،

وبحضور جمهور غفير من أولياء الطلبة المتفوقين في مرحلتي التعليم الثانوي والأساسي للعام الدراسي الحالي. وما أضفى على هذه المناسبة بعدها الوطني مشاركة الرفاق الحزبيين في المنطقة، أفراح وأولياء الطلبة بتفوق أبنائهم، والذين ضمّنوا كلماتهم أمنياتهم أن يكون انتقال هؤلاء الأبناء المتفوقين إلى المراحل التالية من مراحل دراساتهم، سبيل تحقيق آمالهم في خدمة الذات والوطن.‏

إن هؤلاء المتفوقين الذين ازدان مسرح المركز بشخوصهم وهم يتوافدون الواحد بعد الآخر إلى منصة التكريم لاستلام هداياهم الرمزية، هم في واقع الأمر رمز العطاء من قبل طرفي معادلة التفوق التي تحتضنها القيادة السياسية من جهة ووزارة التربية من جهة أخرى، ففي عطاء القيادة السياسية يتجلى الموقف الوطني المسؤول مباشرة، وفي عطاء الطلبة تتجلى الاستجابة وفي سياق هذه المعادلة يرتقي الوطن بكل جوانبه ولجهة الصالح العام.‏

إن رعاية القيادة السياسية للجهد الذي يبذل على مستوى الطلبة لصنع الغد المنشود وفي مثل هذه المناسبة الوطنية تحديداً لايقل شأنا عن رعاية وزارة التربية لطلبة المدارس كافة بغض النظر عن الطلبة المؤهلين أو غير المؤهلين للتكريم، ذلك لأن التميز غالباً ما يكون نتيجة ما يبذله الطالب نفسه أولاً وصولاً إلى منصة استلام هداياه في مناسبة كالتي أشير إليها في هذه الوقفة مع الحدث التربوي الوطني بكل ما تعنيه العبارة.‏

ولعلنا لا نسقط من أطراف هذه المعادلة ما يتصل بدور الأسرة في مجال رعاية أفرادها في مراحل الدراسة، لأن الأسرة تشكل بداية السير على الدرب وبمقدار ما يكون الدرب محاطاً بسياج العلم والمعرفة يحتل الابن أو الابنة الموقع الذي كان يصبو إليه، ولكن أيضاً مع عدم إغفال دور المربي الذي يتلقف موهبة الطالب بالتشجيع والرعاية ساعة يلاحظ تفتحها وهو على مقاعد الدرس. وثمة العديد من الأمثلة على نجاح مثل هذه التجربة من خلال قراءة تاريخ علماء وباحثين مرموقين في بلدنا كانوا صغاراً ومن أسر متواضعة، وأحياناً في مستوى الفقر فصاروا على ما هم عليه من مكانة في البلد بنتيجة الرعاية والتشجيع واحتضان مواهبهم وصقلها في بداية تفتحها كما البراعم في بداية تفتحها على أغصانها، وفي بلد كبلدنا حيث نسبة الشباب هي الأعلى بين ملايين سكانها من الأهمية بمكان أن تولي القيادات التعليمية هذه الشريحة من أبناء الوطن كل الرعاية وأن تشجع الموهوبين من أفرادها على السير على الدرب الذي يوصلهم إلى منعطف حمل راية الارتقاء بأنفسهم وبوطنهم على السواء.‏

ولا أعتقد أن احتفال بلدة الزبداني بأبناء المنطقة المتفوقين في مرحلتي التعليم الثانوي والأساسي على النحو الذي أشرت إليه يخرج عن نطاق دائرة القيام بواجب الرعاية والتشجيع لما لهذا الفعل من أبعاد بالغة التأثير في نفوس الطلبة في مضمار عملية التربية عموماً.‏

وفي مثل هذه المناسبة لا يملك أحدنا سوى توجيه التهنئة لمن اجتهد ونال جزاء اجتهاده ولأنه استطاع أن يحقق مقولة (من اجتهد وجد) في نهاية المطاف ومن الطبيعي أن يترافق الجهد أي جهد يبذله المرء بما ينعكس من تبعات على أرض الواقع، وبالتالي يتناسب مع حجمه فإما أن يكون إيجاباً أو سلباً، وفي يقيننا أن مناسبات تكريم المتفوقين من أبناء بلدنا،كما في أي بلد من بلدان العالم لا بد أن تترك أثراً في نفوسهم وخصوصاً في نفوس الساعين المشاركين في بناء وطن الغد وطن الحداثة والصمود لا البقاء في أماكن المتفرجين فقط.‏

إهداء إلى حفيدتي ماري بشار لوقا لنيلها 309 درجات من أصل 310 في امتحان التعليم الأساسي وكذلك إلى كل زملائها وزميلاتها المتفوقين في هذا السياق.‏

dr-louka@maktoob.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية