تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


العـــربي ذئـــب العــــربي

معاً على الطريق
الاربعاء19-8-2009م
نبيه البرجي

يتمنى المرء لو يرتدي ثوب المهرج، عقل المهرج، يحمل جرس المهرج، ويطوف في هذه الأصقاع العربية: أيها الناس تفرقوا...

بلاهة المهرج: هل حقاً أنهم لم يتفرقوا حتى الآن؟‏

هذا الكلام للمثقفين، والأكاديميين، والجامعيين الذين ندرك أن أصواتهم، إن علت، فقد تبعثرت، أو ضاعت، في هذه الضوضاء. الضوضاء التي حيناً بنكهة الذهب وحيناً بنكهة الحنظل...‏

لم يعد ممكناً البقاء هكذا. اعتلال سوسيولوجي؟ ثمة مجتمعات أخرى، أمم أخرى (يا صاحبي ... قبائل أخرى) عانت من ذلك، أكثر من مثال في أوروبا التي لم تهدأ فيها الدماء، ولا الأيديولوجيات، ولا جلبة القياصرة، ومع ذلك، لم تتوقف عند الاحتياجات، أو التضحيات، الخاصة بديناميكية البقاء، بل إنها تعدت ذلك إلى ديناميكية التحديث بل التفوق ... ما فوق البقاء...‏

ليس صحيحاً أنه «التانغو مع ... العصر الحجري»، كما لو أن عندهم ديكارت وليس عندنا ابن رشد، كما لو أن عندهم نيوتن وليس عندنا الخوارزمي. المسألة ليست قطعاً «غيبوبة التراث»، بل هي «غيبوبة الإرادة»: أن نكون أو لا نكون...‏

قرارنا ألا نكون. تابعوا هذه البانوراما العربية: علاقات مقفلة. تشققات قاتلة هنا وكامنة هناك، وحتى عندما يكون تنسيق ما، فهو يخضع لزئبقية الأمزجة لا للإيقاع الاستراتيجي الذي يأخذ مداه في أي مكان آخر في العالم إلا عندنا. أجل إلا عندنا نحن، حيث ننتظر، وبفارغ الصبر، هبوط المبعوثين علينا، الذين بالنسبة إلى الكثيرين هو هبوط الملائكة. قطعاً ليس هبوط الملائكة، لأن ثمة من خلط على ذلك النحو الدراماتيكي بين «المصالح المقدسة» و «النصوص المقدسة».‏

استطراداً، لماذا يشعر المبعوثون عندما يهبطون في مدن عربية كثيرة، أنهم يهبطون في الفراغ، وحيث اللاموقف واللارؤية، وحيث القبول بفتات الفتات..‏

مرة أخرى الموعظة(وأن ذهبت هباء): هؤلاء المبعوثون لن يفعلوا شيئاً، وليس في نيتهم أن يفعلوا شيئاً من أجلنا إذا كنا نرتع داخل ذلك التآكل الاستراتيجي إن لم نقل الإنساني وحيث العربي ذئب العربي...‏

بعضنا يحلم لو يكون ذئباً من طراز آخر!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية